حضر الجانب العلمي بقوة ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة لمعرض الفرس بالجديدة، إذ حاول خبراء فرنسيون ومغاربة إثارة النقاش بخصوص التجربتين المغربية والفرنسية في تربية الخيول، مسارات تطورهما ومظاهر تقاربهما وسبل التعاون الثنائي بين الجانبين. وتمكنت المحاضرة العلمية التي احتضنها مركز المعارض محمد السادس من إثارة انتباه عدد من المتخصصين في عالم الخيل، على اعتبار أن التدخلات التي تمت بهذا الخصوص تحدثت بشكل مستفيض عن منسوب تطور الجانب العلمي لدى المغرب وفرنسا في هذا الإطار. تجارب متقاربة جون روش غاييه، مدير المعهد الفرنسي للحصان وركوب الخيل، حاول بسط معلومات رئيسية فيما يتعلق بالمسارات التي مرت منها التجربة الفرنسية في مجال تربية الخيول، بما فيها الإيواء داخل الإسطبلات والمرافقة البيطرية والتغذية كذلك، مستعرضا التطورات التي عرفتها فرنسا بهذا الخصوص. وركّز روش غاييه ضمن محاضرته التي استغرقت أزيد من ساعة من الزمن، على تطور الجانب العلمي وتقنيات مواكبة نمو الأمهار وتربيتها على أساس أن تستعمل في كل ما يتعلق برياضات الخيل، مع إشارته بين الفينة والأخرى إلى التجربة المغربية في هذا الإطار التي أشاد بها بشكل واضح. وأكد غاييه، في تصريح لهسبريس، أن "الوقت حان من أجل إطلاق شراكة مغربية فرنسية معنية بتربية الخيول، تستحضر الجانب العلمي والتقني بالخصوص"، موردا: "هناك تعاون بيننا انطلق منذ حوالي 15 سنة بين المدارس الزراعية والبيطرية، غير أننا نحتاج إلى شراكة جديدة وانتقالية تعنى بمختلف الجوانب المتعلقة بتربية الفرس، مع الاستحضار القوي للعلوم". في سياق متصل، ذكر المتحدث أن "المغرب وفرنسا بصما على نتائج جيدة فيما يتعلق بتربية الفرس، فكل منهما يكمل الآخر، مع وجود دول أخرى تحاول الاستيلاء على الموارد والخبرات العلمية في هذا الإطار. يجب علينا حماية بنوك معطياتنا والتوجه نحو استثمارها بشكل أمثل"، موضحا أن "أهمية التجربة المغربية في تربية الخيل تكمن في كونها تركز على الكيف أساسا أكثر من الكم". كما سجل كون "وتيرة الاشتغال الفرنسي والمغربي على تربية الفرس من الناحية التاريخية متقاربة بشكل كبير، غير أن الخيل المستعملة في الحروب تأثرت لدينا سلبيا خلال مرحلة الحرب العالمية الأولى، في وقت ظل الاشتغال على تربية الخيول المخصصة للرياضة مستمرا بالوتيرة نفسها". تطور مغربي لافت من الجانب المغربي، قدّم محمد بيرو، أستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، لمحة عن أبرز التطورات التي عرفها المجال العلمي المتعلق بتربية الخيول وسبل تطويرها، قائلا: "نضاهي مختبرات عالمية وبلدانا أخرى في مجال تربية الخيول، خصوصا فيما يتعلق بالجهود العلمية التي لها علاقة بالبيولوجيا الجزئية للمساهمة في تطوير سلالات الخيول". بيرو أشار كذلك إلى "وجود تشابه بين الطريقتين المغربية والفرنسية في تربية الخيل؛ فالمغرب استأنس بعدد من التجارب واقتبس منها رغبة في التأسيس لتجربة وطنية خاصة به في هذا الصدد، إذ استعان بالتجربة الفرنسية والأمريكية والألمانية كذلك، مما مكّنه في نهاية المطاف من دخول غمار تأسيس نموذج مغربي يساهم في تطوير تربية الخيول بالمملكة". وعاد الأكاديمي ذاته ليشير ضمن تصريح لهسبريس إلى أن "تربية الخيول بالبلاد عرفت تطورا كبيرا، والشاهد على ذلك هو المجهودات التي تمت بخصوص تحليل الحمض النووي للخيول. هذا إلى جانب تصنيف الخيول وتشخيص الأمراض الجينية؛ فكل هذه الجزئيات والمعطيات والتقنيات العلمية تساعد المربيَّ على ضبط كيفية استعمال الخيل أخذا بعين الاعتبار حتى التموقع الجغرافي". وبخصوص منسوب التطور العلمي الذي عرفه نشاط تربية الخيول بالمملكة، بيّن الأستاذ الجامعي بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة أن "المجال العلمي المرتبط بهذا النشاط عرف تطورا ملموسا، مع بقاء هذا المجال مفتوحا أمام المزيد من التطور"، مسجلا وجود كفاءات مغربية في هذا المجال، على الرغم من قلتها، مشددا على أن "الطموح يبقى مرتبطا بضرورة تطوير التكوين، ونحن متأكدون أن المجال مفتوح من أجل التطور خلال السنوات المقبلة".