أسدل الستار بالمغرب على قضية المعتقلين السياسيين الستة التي شغلت الرأي العام الوطني والدولي لأكثر من سنة، وذلك بإصدار القاضي بنشنتوف أحكامه القاسية التي تراوحت بين 25 سنة لكل من محمد المرواني والمصطفى المعتصم الأمينين العامين لحزبي الأمة والبديل الحضاري، و20 سنة لكل من الأمين الركالة الناطق باسم البديل الحضاري وعبد الحفيظ السريتي مراسل قناة المنار اللبنانية بالمغرب، والعبادلة ماء العينين عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، فيما اكتفى السيد بنشنتوف " بتجبيد " أذني السيد محمد ناجيبي عضو الحزب الإشتراكي الموحد بحولين كاملين. "" بعد ضحض مرافعات المعتقلين لكل ادعاءات النيابة العامة، وفضح هيئة الدفاع للتناقضات التي اكتنفت الرواية الرسمية، كان الأمل يحدونا بأن يستمع القضاة إلى ضمائرهم لا إلى هواتفهم كما قالها عباس الفاسي ذات يوم، ويبادروا بتبرئة ساحة هؤلاء الرجال وإخلائها من أية مسؤولية، فضلا عن تمتيعهم بتعويض مادي ومعنوي يجبر الضرر الذي لحق بهم وبذويهم طيلة شهور الإعتقال التعسفي التي قضوها في ضيافة سجن سلا، لكن بيدوا أن المسافة بين الأمل والواقع المعاق لقضائنا هي كالمسافة بين السماء والأرض، وأن الحقيقة الثابتة التي بات يكرسها القضاء المغربي من محاكمة إلى أخرى (محاكمة الصحفيين والمدونين والطلبة والنقابيين..) هي تبعيته العمياء لأوامر السلطة التنفيذية، ولتعليمات الجهات المتنفذة في البلاد. نعم كنا نأمل أن يستجيب القضاء لمطلب المرواني وباقي المعتقلين بجعل محاكمتهم مناسبة لمحاكمة قضائنا المعوج، ولإطلاق شرارة إصلاح شؤونه وأحواله، لكن هيهات هيهات ، فلا قلب لمن تنادي، فعلى ما يبدو، أن عملية إفساد القضاء ببلادنا والتي انطلقت منذ استقلال البلاد ولاتزال مستمرة إلى اليوم، قد وصلت إلى مرحلة معقدة يصعب تفكيك طلاميسها وخيوطها الغامضة، اللهم من تدخل قوي من طرف الملك محمد السادس، باعتباره وبحسب الدستور الضامن لصيانة حقوق وحريات المواطنين، لرفع الغطاء عن هذا القضاء المكسوح ،الذي يصدر ومع كامل الأسف، كل أحكامه الظاملة باسمه، تدخل لانريد منه فقط إنصاف هؤلاء الأخيار المحبين لدينهم ووطنهم وملكهم، بل نريده أن يتعدى ذلك إلى التعاطي وبشكل بنيوي مع أزمة القضاء بغية إصلاحه وتحريره من قبضة المتنفذين الذين بات القضاء سلاحهم الوحيد ووسيلتهم الناجعة لفرملة كل محاولات الإصلاح ببلادنا.