أثار الوضع المزري الذي يعرفه قطاع الصحافة من حيث غياب الهيكلة الحقيقية للمقاولات الإعلامية، وتطاول "مؤثرين" على المشهد الإعلامي، وكثرة المنتسبين له والمتطفلين عليه، استياء في صفوف مهنيين خلال الجمع العام العادي للجمعية الوطنية للإعلام والناشرين. وأكدت مداخلات خلال الجمع العام المنعقد اليوم الجمعة بأحد فنادق الدارالبيضاء على وجوب تأهيل القطاع، والعمل على الحد من الفوضى التي يعرفها، إذ أورد أصحابها أن عدد الحاصلين على بطاقة الصحافة يناهز 3750، ضمنهم ما يزيد عن 40 بالمائة لا يستحقونها. ووصف إدريس شحتان، رئيس الجمعية، في مداخلته، الوضع في القطاع ب"غير السليم"، موردا: "كمقاولات إعلامية نشتغل في إطار قانوني يكبل طموحاتنا". وتابع رئيس الجمعية منتقدا الفوضى التي يعرفها المجال: "نحن أقلية في جسم يعج بالمنتسبين والمتطفلين على القطاع، فالأغلبية الساحقة لا علاقة لها بالصحافة". وشدد المتحدث نفسه على أن قطاع الصحافة "مفلس وغير منظم"، مردفا: "نحن جميعنا متواطئون ولا نتكلم، وأصبحنا لا نميز بين الصحافي و'المؤثر'، حتى صرنا أقلية"؛ كما سجل أن "الجمعية تدفع بضرورة وجود مجلس وطني قوي، مع قوانين صارمة، وبطاقة مهنية للصحافة تحفظ للمهنة مكانتها وهبتها"، وزاد: "نريد مقاولات إعلامية قوية ومهيكلة وفق شروط وضوابط قانونية". وعرج شحتان على كأس العالم 2022 المنظم في قطر، متحدثا عن وضعية الصحافيين المغاربة هناك، وموردا أن ما تمت معاينته دفع إلى التدخل بقوة من أجل هيكلة الصحافة الرياضية، واسترسل: "لن يشارك مستقبلا إلا الصحافي المهني والمقاولة المهنية المهيكلة". كما أوضح رئيس الجمعية أن "الدعم العمومي الذي يتم تقديمه يعرف تلاعبا خطيرا"، مشددا على أن "المقاولات المهيكلة التي تشغل خمسة أشخاص وبأجر ورقم معاملات هي الأولى بالحصول على الدعم". وفي السياق نفسه تحدث يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة، عن أن "أهم إشكالية تم الوقوف عليها هي إشكالية المقاولة الصحافية في المغرب"، مردفا: "معالجة مشاكل المقاولة ستحل إشكالية تطور الصحافة، للاستجابة لانتظارات المجتمع من أجل صحافة مهنية أخلاقية واحترافية". وأشار مجاهد إلى أن "علاج إشكالية المقاولة سيتم معه تقليص إشكالية الأخلاقيات، وتقليص ما يطرح في قضية بطاقة الصحافة، إذ إن المقاولات المنظمة لا نجد إشكالات معها"، مؤكدا أن "المقاولة الإعلامية الحقيقية لا تقوم بالقرصنة، ولا إشكالات فيها بخصوص أوضاع الصحافيين". وأوضح المتحدث ذاته أن "الانتقال من الصحافة الورقية إلى الإلكترونية لم يكن منظما، إذ تم بطريقة عشوائية، وأدى إلى ظهور ممارسات من 'مؤثرين' ومنصات لا تحترم قواعد الصحافة، وأيضا اللجوء إلى الإشهار بهذه المنصات، ما خلق أزمة بالقطاع"، مسجلا أن "المجتمع يدرك ويفهم أن الجد يعثر عليه في الصحافة المحترفة التي تحترم قواعد العمل الصحافي، وهذا هو الأمل الأكبر بالنسبة لنا". ودعا رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة الحكومة إلى "تحمل المسؤولية في معالجة القضايا القانونية وإشكالات النموذج الاقتصادي لهذه المقاولات من أجل تنظيمها بشكل احترافي"، مضيفا: "الصحافة الاحترافية يجب أن تلعب دورا كبيرا في التصدي لما يحصل، وهي مسؤولية سياسية. وسنرى ذلك من خلال ما سيعرض على البرلمان".