كشفت قيادات في حزب الأصالة والمعاصرة الأسباب التي دفعت المكتب السياسي للحزب إلى اتخاذ قرار بتجميد عضوية صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الجماعية لحزب "الجرار"، معتبرة أنها تتعلق بشكايات ذات طابع تجاري توصل بها الحزب ضد أبو الغالي من لدن مناضلين داخل الحزب وتنطوي على "أفعال جنائية" من قبيل شبهات تتعلق ب"النصب والاحتيال وخيانة الأمانة". واعتبرت القيادات، التي تحدثت في ندوة صحافية اليوم الأربعاء بمقر الحزب بالرباط، أن "البام" هو بصدد التجاوب مع انتظارات المواطنين ومع الرسالة الملكية المتعلقة بتخليق الحياة السياسية وبصدد تنزيل بنود ميثاق الأخلاقيات الذي صادقت عليه هياكل الحزب، مسجلة أن الأمر يتعلق بإجراء تأديبي في مواجهة موضوع من شأنه أن يسيء إلى صورة الحزب وليس "تصفية حسابات". في هذا الصدد، قال محمد المهدي بنسعيد، عضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة الناطق الرسمي باسم هذه الأخيرة، في كلمة له أمام وسائل الإعلام، إن "الحزب توصل بثلاث شكايات من مناضلين وشكاية أخرى من مقاولة إعلامية بشأن محاولة رشوة ضد القيادي في الحزب الذي جرى تجميد عضويته". وأضاف بنسعيد أن "بعض هذه الشكايات تنطوي على أفعال جنائية إذا ما تم سلك المساطر القانونية بصددها، وهذا من شأنه يسيء إلى صورة الحزب"، مشددا في الوقت ذاته على أن "القيادة الجماعية قطعت على نفسها وعد حماية الأصالة والمعاصرة". وأوضح عضو القيادة الجماعية لحزب "الجرار" أن هذا الأخير "حاول حل الإشكالات المرتبطة بهذه الشكايات في إطار داخلي، من خلال عقد مجموعة من اللقاءات مع الأطراف المعنية بها؛ غير أن كل المحاولات فشلت، وهو ما دفع إلى اتخاذ قرار تجميد عضوية أبو الغالي داخل المكتب السياسي وإحالة ملفه على لجنة الأخلاقيات للبت فيه"، مؤكدا أن "الكل، سواء في القيادة أو القواعد، سواسية أمام القوانين والمواثيق الداخلية للحزب". وتابع المتحدث في الندوة الصحافية سالفة الذكر قائلا: "الرهان المطروح اليوم على الساحة السياسية هو استعادة ثقة الجيل الجديد من الشباب في الأحزاب السياسية، وهذه الثقة لا يمكن استرجاعها إلا من خلال القرارات"، معتبرا في الوقت ذاته أن "حزب الأصالة والمعاصرة يريد إيصال رسالة سياسية بهذا القرار الجريء". على صعيد آخر، أوضح بنسعيد أن "الحكومة الحالية قامت بمجموعة من المجهودات التي تجاوبت جزئيا مع انتظارات المواطنين، خاصة في مجال الاستثمار الداخلي والخارجي"، مسجلا أن "الشباب المغربي اليوم لديه مجموعة من الأولويات، على رأسها التشغيل". وانتقد ما وصفها ب"الخطابات السياسوية وطغيان طابع النكت في بعض الخطابات السياسية وهجومها على بعض الشخصيات دون تقديم أي مقترحات"، مشددا على أن "أصحاب هذه الخطابات يبحثون عن اللايكات والأصوات، بينما الأجدر أن نبحث عن هذه الأخيرة بمشروع سياسي"، مؤكدا في الوقت ذاته أن "البام" لم يتأسس ليصبح مجرد رقم سياسي؛ بل ليقدم مشروعا سياسيا.. وبالتالي، فعلى بعض الوجوه في الساحة السياسية أن يرفعوا من النقاش السياسي إلى مستويات عالية". من جهتها، قالت نجوى كوكوس، رئيسة المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، إن "القيادة السياسية والمكتب السياسي توصلت بشكايات ضد قيادي في الحزب تهم معاملات تجارية وقع فيها نصب واحتيال حسب العبارات التي استعملها المشتكون، ولا تتعلق هذه الشكايات بتدبير المال العام"، مضيفة أن "الحزب ليس محكمة؛ بل لديه فقط آليات أخلاقية وتدبيرية أجرى من خلالها إجراءات تأديبية بموجب القوانين الجاري بها العمل داخل الحزب". وأوضحت كوكوس أن "الأمر في الوقت الحالي بين يدي لجنة الأخلاقيات لكي تقول كلمتها"، مسجلة أن "الحزب لا يحارب أشخاصا معينين؛ بل فقط يؤكد أن هناك قوانين يجب أن تُطبق ولا تبقى مجرد حبر على ورق"، مشددة في الوقت ذاته على أن "هذه الواقعة لن تؤثر على حزب الأصالة والمعاصرة الذي مر بأبشع من هذا؛ لأنه يشتغل وفق منطق ومسار تنظيمي واضح". من جانبه، أكد أحمد التويزي، رئيس فريق حزب "الجرار" بمجلس النواب، هو الآخر موضوع الشكايات التي وُضعت ضد صلاح الدين أبو الغالي، معترفا في الوقت ذاته بأن "قرار تجميد عضويته كان قرارا مؤلما"، ومعبرا عن أمله في أن "يساهم الإجراء المتخذ في تقوية الحزب ومصداقية خطابه في محاربة الفساد وتخليق الحياة السياسية". وأضاف التويزي أن "القرار المتخذ يهم تجميد عضوية صلاح الدين أبو الغالي، وليس طرده من الحزب؛ في انتظار أن تبت لجنة الأخلاقيات في هذا الملف"، نافيا في الوقت ذاته أن "ينطوي هذا الأمر على أية تصفية للحسابات"، ومؤكدا أن "قيادة حزب الأصالة والمعاصرة اتخذت الموقف المناسب في الوقت المناسب". في سياق آخر، وفي معرض حديثه عن الوضع الاقتصادي في المملكة، أشار إلى رئيس فريق حزب "الجرار" بمجلس النواب أنه "لا يمكن إنكار مشكل ارتفاع الأسعار في المغرب بسبب مجموعة من العوامل؛ منها ما هو مرتبط بالسياق الدولي"، مسجلا في الوقت ذاته "وجود إشكال كبير في سلسلة الإنتاج والاستهلاك في المغرب بسبب مشكل المضاربين والسماسرة الذين يتلاعبون بالأسعار، وسنناقش هذا الموضوع مع الحكومة في الدخول السياسي المقبل لإيجاد حلول لتسويق المنتجات خاصة الفلاحية منها". وفي حديثه عن أزمة كليات الطب والصيدلية، أشار المتحدث ذاته إلى "المفاوضات التي أجرتها الحكومة وكذا الفرق البرلمانية، أغلبية ومعارضة، مع طلبة كليات الطب، حيث تمت الاستجابة لأغلب طلباتهم؛ غير أن هناك شيئا غير مفهوم في الحقيقة مرتبط بجهات ما لا تريد لهذا الملف أن يُحلّ".