مجلس الجالية يثمن التعديل المرتقب لمدونة الأسرة ويتطلع لتشريع في مستوى الانتظارات    تأجيل محاكمة عزيز غالي إثر شكاية تتهمه بالمس بالوحدة الترابية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي        الرباط: المنظمة العربية للطيران المدني تعقد اجتماعات مكتبها التنفيذي        مصرع 42 راكبا بتحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان    الجيش الملكي يسحب شكايته ضد موكوينا    بلاغ رسمي من إدارة نادي المغرب أتلتيك تطوان: توضيحات حول تصريحات المدرب عبد العزيز العامري    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    الدراسات التمهيدية والجيولوجية لمشروع نفق أوريكا تكتمل وبدء التحضير للدراسات التقنية لتحديد التكلفة النهائية    بعد تتويجه بطلا للشتاء.. نهضة بركان بالمحمدية لإنهاء الشطر الأول بطريقة مثالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    مكافحة العنف والتوعية بالصحة النفسية شعار لأسبوع الصحة المدرسية بفضاء الصحة والشباب بالجديدة        الريسوني: مقترحات التعديلات الجديدة في مدونة الأسرة قد تُلزم المرأة بدفع المهر للرجل في المستقبل    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: التحفيز والتأديب الوظيفي آليات الحكامة الرشيدة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    "ميسوجينية" سليمان الريسوني    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ترامب عازم على تطبيق الإعدام ضد المغتصبين    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    خارطة طريق جديدة لمركز مغربي    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    قياس استهلاك الأجهزة المنزلية يتيح خفض فاتورة الكهرباء    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ونجح الاتحاد في جمع كل الاشتراكيين! .. اِشهدْ يا وطن، اِشهدْ يا عالم    الخيانة الزوجية تسفر عن إعتقال زوج وخليلته متلبسين داخل منزل بوسط الجديدة    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين المغرب وأذربيجان
نشر في هسبريس يوم 07 - 09 - 2024

بمناسبة احتفالات تخليد الذكرى الثانية والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة المغربية وجمهورية أذربيجان، يجدر بنا التفكير بعمق في تحليل آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين هذين البلدين. حيث شكلت هذه العلاقات على مدار العقود الثلاثة الماضية أساسًا قويًا للتعاون السياسي والدبلوماسي، وفي ظل التطورات الإيجابية الأخيرة، المتمثلة في إلغاء التأشيرات مؤخرا بين البلدين، نرى في هذه الخطوة فرصة حقيقية لفتح حقبة جديدة في هذه العلاقات الثنائية.
وبما أن الإلغاء الأخير للتأشيرات بين البلدين ليس مجرد خطوة شكلية، بل يمثل تطوراً استراتيجياً يعكس الرغبة المشتركة لتعزيز التواصل بين البلدين على مختلف الأصعدة، بإمكانه أيضا التمهيد والتأسيس لتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين المغرب وأذربيجان فعليا وعلى نحو غير مسبوق، خاصة إذا ما استثمرنا في هذه الخطوة وولدنا منها الفرص الممكنة لتعزيز التبادل التجاري وتطوير الاستثمارات والتبادل في مجالات الثقافة والإبداع والتراث الثقافي.
ولفهم الموضوع يجب مناقشة النقط التالية
السياق التاريخي للعلاقات الثنائية:
تمت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وأذربيجان رسميًا في 28 غشت 1992، بعد فترة قصيرة من استعادة أذربيجان استقلالها إثر تفكك الاتحاد السوفيتي. ومنذ ذلك الحين، عمل البلدان على تعزيز علاقاتهما في مجالات متنوعة رغم أن التبادل الاقتصادي ظل نسبيًا متواضعًا.
المغرب كبلد في شمال إفريقيا ذو موقع استراتيجي بين أوروبا وأفريقيا، وأذربيجان الواقعة عند تقاطع أوروبا وآسيا والتي تمتلك موارد طاقة في بحر قزوين، يتمتعان بمزايا تكاملية. تاريخياً، تميزت هذه العلاقات بتعاون سياسي قوي، ولكن هناك إمكانيات كبيرة لتطوير علاقات اقتصادية وتجارية أكثر متانة. إن إلغاء التأشيرات بين البلدين هو مؤشر على الرغبة المشتركة في تعميق هذه العلاقات وتسهيل التفاعلات الثنائية.
تحليل القطاعات الرئيسية للتعاون الاقتصادي:
أ. قطاع الطاقة:
تُعد أذربيجان واحدة من أكبر مصدري النفط والغاز الطبيعي وتلعب دورًا حاسمًا في تنويع مصادر الطاقة لأوروبا ومناطق أخرى. أما المغرب، رغم أنه ليس منتجًا كبيرًا للهيدروكربونات، فإنه يسعى إلى تنويع مصادره من الطاقة. يمكن للبلدين النظر في التعاون في هذا القطاع، حيث يمكن أن توفر أذربيجان الموارد الطاقية ويمكن أن يكون المغرب منصة لتوزيعها في شمال إفريقيا ومناطق أخرى من القارة الأفريقية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاستفادة من الخبرة الأذربيجانية في مجال البنية التحتية الطاقية، خاصة في تطوير خطوط الأنابيب والموانئ النفطية، في مشاريع مشتركة في المغرب الذي يسعى جديا ليصبح مركزًا إقليميًا للطاقة.
ب. قطاع النقل واللوجستيك:
يتمتع المغرب وأذربيجان بمواقع جغرافية استراتيجية، فالمغرب يعد بوابة لأفريقيا وأوروبا، وأذربيجان تلعب دورًا هاما كجسر بين أوروبا وآسيا. يمكن أن يوفر تطوير ممرات النقل التي تربط بين المنطقتين فرصًا تجارية جديدة.
قد تستفيد أذربيجان من البنية التحتية المينائية المغربية للوصول إلى الأسواق الأفريقية، بينما يمكن أن يستفيد المغرب من شبكة النقل الأذربيجانية لتعزيز تبادلاته مع آسيا الوسطى وما وراءها. يمكن أيضًا استكشاف الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية المشتركة مثل المناطق الحرة أو المراكز اللوجستية.
الفرص التي يوفرها إلغاء التأشيرات:
يمثل إلغاء التأشيرات عاملًا محفزًا محتملًا لتوسيع التبادل التجاري والاستثمارات بين المغرب وأذربيجان. وفيما يلي بعض الفرص الرئيسية:
تسهيل التبادل التجاري:
إلغاء قيود التأشيرات يسهل تنقل رجال الأعمال والمستثمرين والمهنيين بين البلدين. ويتيح ذلك زيادة البعثات والمعارض التجارية، مما يعزز من فهم أفضل للأسواق المتبادلة. يمكن أن تستفيد قطاعات مثل الزراعة والحرف اليدوية والتكنولوجيا الجديدة من الوصول المباشر إلى أسواق جديدة.
زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة: يمكن أن يشجع عدم وجود تأشيرات المستثمرين من البلدين على استكشاف فرص الشراكة. قد تستثمر الشركات الأذربيجانية في قطاعات مزدهرة بالمغرب مثل الطاقات المتجددة والصناعة الدوائية أو الصناعات الزراعية. وبالمقابل، قد تجد الشركات المغربية فرصًا في أذربيجان في مجالات البناء والخدمات المالية والعقارات.
تشجيع السياحة:
يمثل قطاع السياحة مجالاً آخر للتعاون الواعد حيث يتمتع المغرب بتراث ثقافي غني ومواقع سياحية متنوعة، بينما تتمتع أذربيجان بمزيج فريد من الثقافة الشرقية والغربية، مما يجعلها وجهة مفضلة للسياح من بلدان مختلفة. يمكن أن يؤدي إلغاء التأشيرات إلى زيادة كبيرة في التبادل السياحي، مما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد المحلي.
التحديات التي يجب التغلب عليها:
على الرغم من هذه الآفاق الإيجابية، هناك عدة تحديات يجب التغلب عليها للاستفادة القصوى من إمكانات التعاون بين المغرب وأذربيجان:
توحيد اللوائح التجارية والجمركية: لتسهيل التبادل التجاري، من الضروري أن يعمل البلدان على توحيد لوائحهما الجمركية والتجارية. ويشمل ذلك تبسيط إجراءات الاستيراد والتصدير وتخفيض الحواجز غير الجمركية وتحسين شفافية اللوائح.
تعزيز البنية التحتية: يعد تطوير البنية التحتية للنقل، بما في ذلك الطرق والموانئ وشبكات السكك الحديدية، أمرًا ضروريًا لدعم زيادة تدفقات التجارة. يمكن للاستثمارات المشتركة في مشاريع البنية التحتية أن تحسن الاتصال بين البلدين، بالإضافة إلى خلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي.
تنويع التبادل التجاري: حاليًا، يتركز التبادل التجاري بين المغرب وأذربيجان على عدد قليل من المنتجات. من الضروري تنويع سلة المنتجات المتبادلة لجعل العلاقات التجارية أكثر مرونة وديناميكية. على سبيل المثال، يمكن تعزيز التبادل في مجالات مثل المنتجات الزراعية وتكنولوجيا المعلومات والمنتجات الدوائية.
التوصيات وآفاق المستقبل:
للاستفادة من هذه الفرص وتجاوز التحديات المحددة، يمكن اتخاذ عدة إجراءات:
أ. إنشاء لجنة مشتركة مغربية-أذربيجانية: يمكن إنشاء لجنة مشتركة للإشراف على مبادرات التعاون الاقتصادي والتجاري. تتألف هذه اللجنة من ممثلين عن الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، وتتمثل مهمتها في تعزيز المشاريع المشتركة وحل النزاعات التجارية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة.
ب. تطوير منصات افتراضية تفاعلية: يمكن تطوير منصة افتراضية مخصصة للعلاقات الاقتصادية بين المغرب وأذربيجان. تعمل هذه المنصة كمركز معلومات حول فرص الاستثمار وملفات الشركات والدعوات للعطاءات. كما توفر مساحة للربط بين الشركات وتنظيم المنتديات عبر الإنترنت.
ج. استكشاف قطاعات جديدة للتعاون: إلى جانب القطاعات التقليدية، ينبغي على المغرب وأذربيجان استكشاف مجالات جديدة للتعاون مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والابتكار والتعليم والطاقات المتجددة. على سبيل المثال، يمكن النظر في مشاريع مشتركة في مجالات المدن الذكية أو الحوكمة الإلكترونية.
في الختام، يمكن القول إن إلغاء التأشيرات بين المغرب وأذربيجان يفتح طريقاً واعداً لتعميق العلاقات الثنائية. من خلال استغلال هذه الفرصة بالكامل، يمكن للبلدين تعزيز روابطهما الاقتصادية وتنويع شراكاتهما التجارية والقيام بدور رئيسي في مناطقهما الخاصة. يمكن أن تخدم هذه الشراكة كنموذج للبلدان الأخرى التي تسعى إلى تطوير العلاقات الاقتصادية على أساس الثقة المتبادلة والمنفعة المشتركة. من خلال العمل معًا، يمكن للمغرب وأذربيجان بناء مستقبل اقتصادي مزدهر لشعوبهما.
(*) أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بتارودانت
باحث في العلاقات الدولية الاقتصادية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.