فتحت واقعة انقلاب سيارة مصلحة تابعة لجماعة الركادة بضواحي تزنيت نقاشا واسعا حول استغلال سيارات الجماعات خارج أوقات العمل، ومدى تنفيذ رؤساء المجالس الجماعية للمذكرات الصادرة عن وزارة الداخلية في الجانب المتعلق بتدبير وضبط واستغلال الآليات الجماعية. وفجّر هذا الحادث، الذي وقع حوالي الساعة العاشرة ليلا من يوم أمس الجمعة، جدلا واسعا في أوساط رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين ربطوا بين التسيب في استغلال سيارات الجماعات الترابية وبين غياب قوانين زجرية من شأنها الحد من العشوائية الطاغية على القطاع. من جهة أخرى، قال مجموعة من المتفاعلين مع الموضوع إن غياب عنصر الضمير لدى فئة كبيرة من المنتخبين هو السبب الرئيسي وراء الاستغلال غير العقلاني لسيارات الجماعات لما لهذا السلوك من تبذير للمال العام، خاصة في الجانب المتعلق بمصاريف الكازوال وقطع الغيار وكذا التكاليف الباهظة لعملية إصلاح المركبات التي تعرضت لحوادث سير. بحث قضائي علمت جريدة هسبريس، من مصادر حقوقية متتبعة للملف، أن نائبة رئيس جماعة الركادة التي كانت تسوق سيارة المصلحة موضوع حادث الانقلاب إضافة إلى رئيس المجلس الجماعي الركادة ومدير المصالح الجماعية توصلوا باستدعاءات من مصالح الدرك الملكي بسرية تزنيت قصد الاستماع إليهم في محاضر رسمية بخصوص الموضوع. ولم تستبعد المصادر ذاتها أن ينصبّ البحث، الذي ستباشره الضابطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة المختصة، مع الأطراف المعنية حول توقيت طبع وملء وتوقيع وثيقة الأمر بمهمة والوجهة المحددة ضمنه وكذا ملابسات استغلال سيارة المصلحة المنقلبة خارج أوقات العمل ومدى علاقة جميع الأشخاص الذين كانوا على متنها بجماعة الركادة، فضلا عن التحقق من توفر المركبة على كافة الوثائق القانونية والإدارية الخاصة بها. تبديد المال العام حول الموضوع، قال الدكتور بوبكر أونغير، الباحث في القانون، إن استعمال سيارات المصلحة بجميع الإدارات العمومية محصور فقط بقضاء الأغراض المرتبطة بتنفيذ بمهام ذلك الموظف أو رئيس الجماعة؛ لكن إذا كان المشرع وضع فصولا وقوانين صارمة فإن الواقع يشهد وضعا غير ذلك، إذ أصبح استعمال سيارات المصلحة خصوصا التابعة للجماعات المحلية والمجالس المنتخبة مألوفا في الأعراس والسفريات والاستجمام وحتى خارج أوقات العمل وفي مناطق بعيدة جدا عن النفوذ الترابي لتلك المجالس؛ وهو وجه آخر لتبديد المال العام في الكازوال وقطع الغيار وغيرها. وأوضح المتحدث ذاته أن هذا التسيب راجع إلى انعدام الوعي القانوني بالمسؤولية لدى هؤلاء المنتخبين وغياب روح المواطنة الحقة التي تجعلهم يتصرفون بحكمة وحسن تدبير تلك السيارات والأموال العمومية الموضوعة تحت تصرفهم بمقتضى المناصب الموكولة لهم. كما أن المسؤولية تتحملها كذلك السلطات العمومية في التطبيق الصارم لدوريات وزارة الداخلية التي تصدر سنويا في هذا الشأن. وأكد أونغير أن الحلول الناجعة للقطع مع هذه التصرفات التي تتناقض مع روح الحكامة هي إصدار جملة تشريعات وقوانين زجرية في حق المخالفين ومصادرة تلك السيارات والآليات من طرف رجال الدرك والأمن متى كانت وضعيتها غير قانونية سواء سياقتها من لدن من لا صفة قانونية له تخول له استعمالها أو استغلالها خارج النفوذ الترابي للهيئة أو المجلس الجماعي الذي تنتمي إليه وحجز السيارات المستعملة خارج الدوام الرسمي كما هو المعمول به لدى الدول الأوروبية.