تراجعت بشكل ملحوظ أسعار منتوج البصل بأسواق الجملة المغربية إلى ما دون الدرهم الواحد لكل كيلوغرام، بعدما كان هذا المنتوج يصل إلى المواطنين في أوقات سابقة بأزيد من عشرة دراهم. وحسب إفادات مهنيين في هذا الصدد، فإن الكيلوغرام الواحد من البصل يباع حاليا بأسواق الجملة الوطنية بما بين 90 سنتيما و100 سنتيم (درهم واحد)؛ لمجموعة من الاعتبارات المتعلقة أساسا بالعرض والطلب ووفرة المنتوج بحقول البلاد، بما جعل المستهلك المغربي يظفر به بسعر يتراوح بين 3 و4 دراهم تقريبا حسب الأسواق. وأكد المهنيون، الذين كانوا في دردشة مع هسبريس حول أسباب رخص هذه المادة الأولية ضمن موائد المغاربة، أن "الثمن الحالي غير مناسب، في نهاية المطاف؛ لكونه لا يساهم في توفير أرباح محترمة تشجع الفلاح المغربي على الإنتاج مستقبلا"، على الرغم من وجود دعم وفرته الوزارة المعنية مسبقا لضمان وفرة المادة بالسوق، خصوصا بالنسبة للبذور. وتحدث هؤلاء المهنيون كذلك عن مسألة منسوب الصادرات نحو السوق الإفريقية، بعدما كانت الحكومة المغربية في وقت سابق قد حظرت تصدير البصل والبطاطس إلى دول الساحل وجنوب الصحراء قبل أن تعود في يوليوز الماضي إلى فتح باب التصدير أمام المهنيين وفق نظام "الكوطا" الذي يحدد الكميات الواجب تصديرها. "أسعار متدنية" متحدثا حول الموضوع، قال هشام الوزاني، مزارع بإقليم الحاجب، إن "السوق الوطنية تعرف، حاليا، ارتفاعا كبيرا في حجم الإنتاج من البصل بمختلف أنواعه"، لافتا إلى أن "البصل وصل إلى أرقام متدنية لم يصل إليها فيما سبق، حيث نتحدث عن 80 سنتيما و100 سنتيم (درهم واحد) للكيلوغرام الواحد على مستوى أسواق الجملة". وأضاف الوزاني، في تصريح لهسبريس، أن "هذه الأثمنة التي يتم بها تسويق البصل وطنيا لا تناسب المنتجين، في نهاية المطاف؛ لاحتياج العملية إلى رساميل كبيرة"، مشيرا إلى أن "ما ساهم في الوصول إلى هذه الوضعية هو محدودية الكميات التي يتم تصديرها إلى إفريقيا، بعدما تم إخضاع ذلك إلى نظام الكوطا". وزاد: "من الصعب جدا توفير رساميل كبيرة والسهر على إنتاج البصل خلال مدة 4 أشهر تقريبا في كل مرة، ومن تم بيعه بالسوق الوطنية بما يصل إلى درهم للكيلوغرام الواحد، حيث إن زراعة هكتار واحد تتطلب حوالي 70 ألف درهم". وسار على النهج ذاته تدخل حاتم، مهني بضواحي جرسيف بالشرق المغربي، والذي اعتبر أن "الثمن الذي يتم حاليا به تسويق منتج البصل لا يواكب طموحاتنا ولا يدعم خططنا، إذ لم نعد نوفر حتى رساميل الإنتاج، بمعنى أن الموسم سار بمثابة خسارة نسبية لدى كثيرين منا، خصوصا بعدما صرنا نسمع عن كيلوغرام واحد من البصل يباع بالجملة بأقل من درهم واحد". وقال حاتم لهسبريس بأن "هناك فلاحين حاليا يفضلون التريث قبل تسويق منتجاتهم، حيث ينتظرون وصول ثمنها على الأقل إلى 4 دراهم على الأقل بعدما كانت تباع بسوق الجملة بأكثر من ذلك، حيث إن استئناف التصدير في هذا الصدد هو عصب الحل، على اعتبار أن فتْحه أمامنا يعني مباشرة ارتفاع الأثمنة بنسب معقولة بلا ضرر ولا ضرار". عوامل وراء الوفرة تفاعلا مع هذا الموضوع ومن منطلقه كرئيس للفيدرالية البيمهنية لمنتجي الخضر والفواكه، قال الحسين أضرضور إن "تراجع الأثمان الحالي بالنسبة لمنتوج البصل راجع بالأساس إلى الدعم الذي تقدمه الدولة للمنتجين بناء على كل هكتار يتم تجهيزه للإنتاج، وهو الشيء نفسه بالنسبة للطماطم والبطاطس". اعتبر أضرضور، في تصريح لهسبريس، أن "مختلف الأقاليم تنتج حاليا هذه المادة، ومن الطبيعي جدا أن يكون هناك ارتفاع في منسوب العرض بالسوق"، مشيرا إلى أن "إنتاج هذه الكميات كلها من البصل لا يمكن أن يكون بدون تدخل من قبل وزارة الفلاحة". وأكد رئيس الفيدرالية البيمهنية لمنتجي الخضر والفواكه أن "كميات البصل التي يتم تسويقها بالسوق الإفريقية طبيعية، في وقت لا يمكن الربط المباشر بين وفرة البصل وبين نظام الكوطا المعمول به حاليا في عملية التصدير؛ في حين أن الواقف أساسا وراء كل هذا هو قيام وزارة الفلاحة بتوفير الدعم للفلاحين". وأقرت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات دعما للفلاحين المنتجين للطماطم والبصل والبطاطس، يتمثل أساسا في دعم إنتاج الهكتار الواحد من البصل بما يتراوح ما بين 4 آلاف درهم و5 آلاف درهم حسب ما إن كانت البذور عادية أم معتمدة. وتشير بيانات وزارة الفلاحة إلى أن الظروف المناخية المتحسنة منذ شهر فبراير الماضي ساعدت على نمو زراعة الخضراوات، إذ وصل الإنتاج خلال مواسم الصيف والخريف والشتاء إلى 5,6 ملايين طن بخصوص الطماطم والبطاطس والبصل، حيث مكن ذلك من تغطية السوق الوطنية من هذه الخضراوات.