تسعى المملكة المغربية إلى بناء علاقات قوية ومستدامة مع دول القارة السمراء، من خلال مجموعة من الآليات والقنوات؛ أبرزها تعزيز التعاون العسكري مع هذه الدول والارتقاء بالعلاقات بين القوات المسلحة الملكية ونظيراتها الإفريقية، في إطار ما يسمى "الدبلوماسية العسكرية" التي جعلتها الرباط واحدة من الركائز الأساسية لتوسيع نفوذها القاري وتحقيق أهداف سياستها الخارجية. وتعد إثيوبيا واحدة من الدول التي شهدت علاقات الرباط معها تحولات مهمة، خاصة بعد زيارة الملك محمد السادس إلى أديس أبابا في العام 2016، التي أسست لتقارب استراتيجي بين البلدين، يشمل مختلف المجالات؛ بما في ذلك المجال الدفاعي، إذ قادت زيارة رسمية الماريشال برهانو غولا جيلالشا، رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية، إلى المغرب، أمس الاثنين، أجرى خلالها مباحثات مع مسؤولين عسكريين مغاربة بشأن سبل توسيع التعاون العسكري بين البلدين. في هذا الإطار، قال هشام معتضد، باحث في الشؤون الاستراتيجية، إن "الدبلوماسية العسكرية أصبحت ركيزة أساسية في الاستراتيجية الدبلوماسية المغربية، إذ تعكس براعة المغرب في استخدام القوة الناعمة لتعزيز موقعه الإقليمي والدولي". وأضاف الباحث في الشؤون الاستراتيجية: "من خلال استضافة وفود عسكرية وتوقيع اتفاقيات دفاعية متقدمة، يُحقق المغرب تقدماً ملحوظاً في توسيع دائرة نفوذه؛ مما يعزز مكانته كقوة إقليمية ذات تأثير متزايد"، مشددا على أن "هذا النهج يعتمد على بناء شبكة من التحالفات العسكرية التي تُسهم في تعزيز قدراته الدفاعية وتضاعف من وزنه السياسي داخل المنظمات الدولية". وأوضح معتضد، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الدبلوماسية العسكرية المغربية تُعزز صورة المملكة كدولة مستقرة ومسؤولة، تلتزم بالمساهمة في تحقيق الأمن الإقليمي والدولي"، مسجلا أن "هذا الجانب الأمني والعسكري يُكمل الجهود الدبلوماسية التقليدية، ويؤكد التزام المغرب الدائم بالاستقرار والسلام في المنطقة، إذ تفتح هذه الاستراتيجية آفاقاً جديدة أمام شراكات دولية أوسع، مما يرسخ مكانة المغرب كشريك موثوق به في الساحة العالمية". وأكد الباحث ذاته أن "المغرب اعتمد الدبلوماسية العسكرية كأداة استراتيجية لتقوية علاقاته الخارجية، من خلال إدراكه العميق لأهمية التعاون الدفاعي في بناء شراكات قوية ومتينة"، لافتا إلى أن "تعزيز التعاون العسكري مع دول متنوعة يُمكن المغرب من زيادة نفوذه الدولي، ويُعزز قدرته على حماية مصالحه الوطنية بكفاء". وبيّن المتحدث عينه أن "هذا الخيار الاستراتيجي يُمكّن المغرب أيضاً من تنويع علاقاته الخارجية، حيث يتجاوز التعاون التقليدي مع الدول الغربية ليشمل شراكات أوسع، خاصة في القارة الإفريقية. كما أن هذا التنوع يُمكن المغرب من المناورة بمرونة أكبر في القضايا الدولية، مما يجعله شريكاً موثوقاً به في مختلف المجالات". وتابع الباحث في الشؤون الاستراتيجية قائلا: "توجه المغرب نحو الدبلوماسية العسكرية والشراكات الاستراتيجية مع جيوش متنوعة يعكس رؤية بعيدة المدى لتعزيز مكانته الدولية وتوسيع دائرة نفوذه، إذ يتيح المغرب لنفسه من خلال هذه الشراكات فرصة تبادل الخبرات العسكرية والتكنولوجية المتقدمة؛ مما يُعزز من قدراته الدفاعية، ويسهم في تطوير صناعاته الدفاعية المحلية". وخلص معتضد إلى أن "هذه الشراكات تفتح آفاقاً جديدة لبناء علاقات أعمق مع دول كانت خارج نطاق اهتمامه السياسي؛ مما يبرز استراتيجية المغرب الطموحة لتوسيع نفوذه وتوطيد علاقاته الدولية على أسس متعددة تشمل الأمن والتنمية، حيث يزيد هذا التوجه الاستراتيجي من فرص المغرب في تحقيق مصالحه الوطنية على الساحة الدولية بشكل فعال ومستدام".