"الكوجيتو" وأنا، لا نختلف كثيرا .. هو ينأى بنفسه عني، وأنا أتحاشى مسامرته، وأنتشي باستحضار علامات الغضب والرفض .. كل ما يجمعني به، يفرقه الغرباء .. وكثيرا ما أعدد المبدأ الديكارتي، وأذكره بالخير .. ثم أقشر بواعثه، على نحو لا يخدش حياء التقليد والانبهار والتودد إلى فلسفة ما .. الوجود محض إرادة .. والتفكير قصة حقيقة لا نملكها .. بكل اختصار، ينبغي أن أطوي مَدلَج المسافة بين عقد البئر وحوض الهامش .. لأنني، أفكر صراحة في تحويل الشك الديكارتي إلى قضية تخوين وانتقاص رؤية .. أنضد على صخرها الوعد وأدنو كأي مستدفئ برد وحصار .. فأكون شاهدا على اقتداري به .. ويكون هو بضعة مني ؟ حتى لا أقول: أنا / هو .. سيان؟... أيها "الكوجيتو" السارد العائد من صدى الروح، أوزعني، كي أحبس كنهي ومكنون اندغامي .. أستدبر ضائقة الشعر المُعَنْدِر وأشباه الحرائق البشرية .. وأتيه على نحو يجعلني منبوذا ومستخفا بالذين من حولي، يتقاتلون على فتات من غابة "الكوجيتو" .. ويعسرون بيد الموت .. كأن لم يكن من بدها بد؟ وأنا ألتف بك، وأتوارى .. حاجبا ظلك عن ظلي، ومباعثا عثرات القضم حدو الصمت والصراخ .. أيها "الكوجيتو"، متاهتك التي تضلل الناس، تجبرهم على الدنو منك، دون احتضان .. قريبا من حكمة المعري، أو موسوعية الجاحظ، أوسماحة ابن رشد .. هكذا، أجهر بأناي .. وأستعير سراباتك، ليكون لي شيء من غيابك السامي .. طاقة تنبجس من ثرى الأحلام، وتأوي إلى مآلف الغدر .. أخشى أن تشبهني يوما، فأعدو طاقة في أطرافك المبتورة .. ثناياك المحدودبة، على رغم "الزمان والكينونة"؟..