ألم يجل ببال أحدكم مؤخرا غرابة موقف بلادنا الحبيبة من كل من سولت له نفسه أن يكون مبدعا أو مخترعا و ربما حتى مفكرا؟؟ منذ بضعة شهور مضت، تم اصدار حكم بالسجن لثلاث سنوات نافذة في حق الشاب آدم الزراري من طرف ملحقة محكمة الاستئناف بسلا، على خلفية قانون الارهاب، بتهمة محاولته إختراع صاروخ تحت مائي و رادار؟؟ ألا يدعو هذا القرار للإشمئزاز و القرف؟ لماذا يحكم بهذا الحكم حتى دون معرفة مرجعيات الشاب ولا أهداف إختراعه؟ شاب في مقتبل العمر، لم يتجاوز ربيعه السابع عشر، يمثل في حد ذاته ثروة علمية وطنية فذة، كان الأجدر احتضانه من طرف المؤسسة العسكرية و تبني مشروعاته علها ترفع بلادنا لمستوى الدول المصنعة للأسلحة وبالتالي تفادي الميزانيات الضخمة التي تخصص لعقد صفقات شراء الأسلحة الأجنبية. موقف كان ليرتفع بشأن مغربنا الحبيب و يذل كل من تسول له نفسه مجرد النظر بدونية لأبناء هذا الوطن. مثل هذا الشاب يشكل طاقة بشرية ثمينة عادة ما تتكالب القوى العظمى لاستقطابها و ضمها ضمن ما يتعارف عليه بهجرة الأدمغة. غير بعيد عن نفس الموضوع، حالة الاستنفار التي عاشها مسؤولو الأجهزة الأمنية بإقليمي سطات وبرشيد، حين تمكن شاب في 22 من عمره من اختراع طائرة صغيرة، طولها 3 أمتار وعرضها 4 أمتار و64 سنتيمرات، وتشتغل بمحركين، فيما يصل وزرنها إلى 140 كلغ وقوة المحركين إلى 12 حصانا وبإمكانها التحليق لمسافة 120 كلم وعلى علو 33 مترا على الجو وبسرعة قصوى قدرها 200 كلم في الساعة. فلنتساءل ذات السؤال: لماذا كل هذه الجلبة؟ ولماذا نستنفر الجانب الأمني قبل كل الجوانب؟ لماذا نستبق الجانب الشرير في نوايا مبدعي بلادنا؟ ففي خطوة تنم عن الغباء تم منع الشاب من محاولة الطيران بالطائرة اختباريا، فلو كان في بلد يقدر العلم و الاختراع لأقيم له مختبر ميداني و لخصصت له كافة التسهيلات حتى يتم التأكد من مصداقية اختراعه، و في تلك الحالة يتم تبنيه ودعمه حتى تستفيد منه الصناعة المحلية و يزدهر باختراعه الإقتصاد الوطني. لم يكن حال عبد الله محمد شقرون، أفضل من سابقيه، مخترع مغربي في 24 من عمره، قدم ما يناهزه 25 اختراعا مختلفا، ما بين اختراعات خاصة بميكانيكا السيارات إلى اختراعات أخرى عسكرية وطبية نالت الإعجاب من القاصي و الداني، باستثناء مسؤولي هذا البلد العجيب الذين ألفوا سياسة صم الآذان عن كل ما تجود به قريحة و عقول أبناء الوطن. إلى يبقى السؤال الأول و الأخير، لماذا ننأى عن إبداعات بني جلدتنا؟ ولماذا نعطي الأملوية في تأويلاتنا لها لكل جانب مظلم و إرهابي؟ لماذا نفسح المجال للدول الأخرى لتحضن و تتبنى إنجازات أبنائنا؟ هل صرنا في زمان تحول فيه الكوجيتو الديكارتي من " أنا أفكر إذا أنا موجود" إلى الكوجيتو المغربي " أنا أبدع إذا أنا لا محال مسجون" ولسيادتكم واسع النظر.