على بُعد حوالي سنتين كاملتين من موعد الانتخابات التشريعية المقبلة (2026) تنظر الأحزاب السياسية إلى الانتخابات الجزئية المرتقبة بدائرة المحيط بمدينة الرباط على أنها "فرصة لتحليل آراء المغاربة وأخذ صورة تقريبية عن انتظارات المغاربة من الهيئات السياسية". ويتضح أن الأحزاب السياسية، أغلبية ومعارضة، تراهن على المشاركة في الانتخابات الجزئية المرتقب أن يتم تنظيمها بدائرة المحيط بمدينة الرباط نتيجة لشغور المقعد ذاته الذي كان قد فاز به عبد الرحيم واسلم، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، قبل أن تجرده المحكمة الدستورية في يوليوز الماضي من مقعده البرلماني. قرار المحكمة الدستورية أتى نتيجة لإدانة التجمعي المذكور ب"عدم توفير مؤونة شيك"، لتدعو بذلك إلى إجراء انتخابات جزئية بالدائرة ذاتها التي تلقب بدائرة الموت نظير ثقلها السياسي بالعاصمة المغربية ورهان الأحزاب السياسية عليها بشكل كبير. تبعا لهذا القرار، حددت وزارة الداخلية يوم ال12 من شتنبر المقبل تاريخا لإجراء الانتخابات لملء المقعد الشاغر، حيث خُصصت الفترة الممتدة ما بين 25 و29 يوليوز المنصرم لتقديم الترشيحات لدى عمالة الرباط، مع فتح باب الحملة الانتخابية أمام المترشحين ما بين 30 غشت الجاري و11 شتنبر المقبل. وحسب مصادر هسبريس، فإن "الثقل السياسي لدائرة المحيط وضع الأحزاب أمام حالة من التريث والنقاش الموسع بخصوص اختيار مرشحها لخوض غمار الانتخابات الجزئية التي تحل بعد أزيد من شهر اليوم؛ بما جعل غالبيتها، إلى حدود الساعة، تختار وكيل لائحتها بغرض نيل مقعد إضافي بمجلس النواب". ووفق ما علمته الجريدة، فإن "بعض الأحزاب السياسية لا تزال تتدارس الفائدة من الترشح من عدمه؛ في حين أن أحزابا أخرى تنتظر إفراج نظيراتها عن مترشحيها، بما سيمكنها من اختيار مترشح بإمكانه مقارعة المرشحين المرتقبين من جانب المعارضة تحديدا". وإلى حدود الساعة، فإن فيدرالية اليسار الديمقراطي أكدت مشاركتها في الانتخابات الجزئية ذاتها؛ فقد رشحت فاروق مهداوي، عضو المكتب السياسي للحزب وعضو مجلس جماعة الرباط، داعية المواطنين إلى المشاركة بكثافة في هذه الاستحقاقات الجزئية، في وقت لا يزال التردد مصاحبا اختيار حزب التجمع الوطني للأحرار لمرشحه في هذا الصدد. على هذا النحو، ووفقا لمصادر الجريدة، يتدارس حزب الحركة الشعبية بدوره إمكانية المشاركة في هذه الموقعة الديمقراطية لعله يتمكن من حصد مقعد برلماني يعزز موقعه كثاني القوى الحزبية من جانب المعارضة على مستوى مجلس النواب، في وقت لم يؤكد حزب الأصالة والمعاصرة بعد مشاركته في هذا الصدد، حيث لفت مصدر من داخله إلى أن "الحزب يتدارس هذه المسألة، وهناك نقاش داخلي". من جهته، أكد مصدر من حزب العدالة والتنمية مشاركة "المصباح" في انتخابات 12 من شتنبر المقبل، على الرغم من خسارته السابقة في انتخابات 8 شتنبر 2021 على مستوى الدائرة الانتخابية نفسها، إذ لفت إلى أن "المبدأ هو المشاركة في مختلف المحطات الانتخابية". وذكر المصدر نفسه أن "المرحلة المتبقية هي فقط تحديد اسم وكيل اللائحة بالانتخابات ذاتها، وهو الموضوع الذي تنظر فيه أجهزة الحزب، سواء التي لديها صلاحية الترشيح أو التزكية"، موردا أن "التنافس متعدد الأطراف هو ما نؤمن به والأفضل سيكون هو الرابح، إذ نتمنى تجاوز ما وقع في 8 شتنبر". وتابع: "نحن مستعدون لخوض غمار هذه التجربة من جديد؛ غير أن القول بأن ربح مقعد جديد بالدائرة ذاتها سيكون إضافة مستبعد"، لافتا إلى أن "المهم هو الفاعلية داخل الدائرة أكثر من الفاعلية داخل المؤسسة البرلمانية". يذكر أن دائرة المحيط كانت قد شهدت، خلال انتخابات شتنبر 2021، تنافسا قويا؛ فقد تمكنت أربعة أحزاب من الظفر بأربعة مقاعد هي: التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، إلى جانب حزبي الحركة الشعبية والاستقلال، إلا أن ما كان لافتا هو فشل قيادات سياسية كبرى في نيل مقعد بالدائرة وقتها، بمن فيهم سعد الدين العثماني ومحمد نبيل بنعبد الله. وتنافست على مستوى الدائرة ذاتها 10 أحزاب سياسية؛ فبالإضافة إلى الأحزاب الأربعة المذكورة نجد كذلك حزب العدالة والتنمية وحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الدستوري، وأخيرا الحزب الاشتراكي الموحد.