دخل السباق إلى البيت الأبيض مرحلة مفصلية ابتداء من أمس الأحد، حيث يتوقع أن تشهد الأيام المئة المتبقية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية منافسة محمومة في ختام حملة خلطت أوراقها محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب وخروج الرئيس جو بايدن من الباب الضيق. وبعد أسابيع من التجاذبات الداخلية والتسريبات الصحافية المشكّكة في قدرة بايدن على الفوز بولاية ثانية، أعاد انسحاب بايدن من السباق ودعمه لنائبته كامالا هاريس لخوض الانتخابات الرئاسية توحيد صفوف الحزب الديموقراطي، وشدّ عصبه في مواجهة المنافس الجمهوري ترامب الساعي للعودة إلى مقر الرئاسة الأميركية. وقالت هاريس، خلال لقاء لجمع التبرعات في بتسفيلد بولاية ماساتشوستس شمال شرق البلاد، السبت، "نحن لم نكن مرجَحين في هذا السباق، هذا صحيح، لكن هذه حملة أساسها الناس" والدعم الشعبي. في اليوم نفسه كان ترامب يَعِد مؤيديه، خلال تجمع في ولاية مينيسوتا (شمال) بأنه "في نوفمبر سيرفض الشعب الأميركي بشكل ساحق التطرف الليبرالي المجنون لكامالا هاريس". وبات بحكم المؤكد أن تواجه السناتورة والمدعية العامة السابقة الديموقراطية هاريس (59 عاماً) ترامب في الانتخابات، التي يرى محللون أن نتيجتها قد تكون رهينة إلى حد بعيد بنتيجة أصوات نحو 100 ألف ناخب في عدد محدود من الولايات الأساسية. وعلى صعيد استطلاعات الرأي، تراجع تقدم ترامب (78 عاما)، الذي بات المرشح الأكبر سنا في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية، بواقع النصف في أسبوع واحد. وقد أظهرت التقديرات الأخيرة لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن الرئيس السابق لا يزال يتصدر السباق، ولكن بفارق نقطتين فقط. ورغم أن الديموقراطيين يحظون بدعم متزايد من الناخبين من أصول إفريقية ولاتينية، فضلا عن الناخبين الشباب، ينبغي عليهم ألا يفرطوا في التفاؤل. وقال ديفيد لي، المتخصص في الاستطلاعات في معسكر ترامب، إن موقع الأخير حتى الآن في الانتخابات الراهنة "أفضل مما كان عليه في انتخابات 2020". ويترقب المعسكر الديموقراطي المؤتمر الوطني للحزب، الذي سيبدأ في 19 غشت ويتوقع أن يتوّج هاريس رسمياً مرشحة للحزب، بعدما بدأت في الأيام الماضية حملتها بالحصول على دعم مندوبين وشخصيات نافذة في الحزب، إضافة الى تبرعات مالية سخية. بهجة لن تدوم نجحت هاريس في إعادة تحفيز القواعد الشعبية للحزب، في تناقض صريح عما كان عليه الوضع قبل أسابيع فقط. وكان الرئيس بايدن (81 عاماً) قد اختار الاستمرار في حلبة المنافسة ضد ترامب (78 عاماً)، رغم الشكوك المتزايدة لدى الديموقراطيين والناخبين بشأن قدراته الجسدية والذهنية مع تقدمه في السن. إلا أن أداءه الكارثي في المناظرة التلفزيونية الأولى بين المرشحين في 27 يونيو قطعت الشكّ باليقين من ناحية ضرورة الذهاب نحو خيار بديل. وفي مقابل التخبط لدى الديموقراطيين، بدا الجمهوريون في موقع قوة مع مؤتمر وطني عام عكس توحد الحزب خلف ترامب، الذي اكتسبت حملته وصورته زخماً إضافياً بعد نجاته من محاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا. ورضخ بايدن في نهاية المطاف للضغوط، وأعلن انسحابه في 21 يوليوز أثناء عزل نفسه لإصابته ب"كوفيد". ولم يدم الفراغ طويلاً، إذ أعلن بايدن في اليوم نفسه دعمه لهاريس، وهي أول امرأة تتولى نيابة الرئيس وأول سوداء وجنوب آسيوية تشغله، لنيل بطاقة الترشيح الديموقراطية بدلاً منه. وبعد يومين فقط عقدت هاريس لقاءً انتخابياً كان الأكبر للديموقراطيين منذ بدء الحملة، وجمعت أكثر من 200 مليون دولار من التبرعات في أقل من أسبوع، بعدما رهن العديد من المانحين الديموقراطيين دعمهم المالي بانسحاب بايدن من السباق. وقد ضخّ ترشح هاريس زخماً جديداً لدى الديموقراطيين في استطلاعات الرأي، لكن هؤلاء يدركون أن الطريق للاحتفاظ بالبيت الأبيض لن يكون سهلاً. وقال المتخصص في استطلاعات الرأي في فريق ترامب توني فابريزيو: "بعد فترة وجيزة سينتهي شهر العسل بالنسبة إلى هاريس، وسيعاود الناخبون التركيز على دورها الشريك والمساعد لبايدن". وحتى الرئيس الأسبق باراك أوباما قرع جرس الإنذار بالنسبة إلى معسكره الديموقراطي، مذكّراً بضرورة استعادة ثقة الناخبين قبل التمكن من الفوز.