انتقلت مصالح المراقبة التابعة لمكتب الصرف إلى السرعة القصوى لتعقب "سماسرة" متخصصين في تهريب الأموال إلى كندا، ينشطون بين الدارالبيضاء ومراكش، سلموا مبالغ مالية مهمة لفائدة مغاربة في الخارج مقابل عمولات كبيرة، إذ تجاوزت قيمة إحدى العمليات مليارا و800 مليون سنتيم؛ فيما تتواصل الأبحاث حول طرق وقنوات التهريب المعتمدة من قبل هؤلاء الوسطاء. وعلمت هسبريس، من مصادر مطلعة، باستخدام المشتبه فيهم طرقا متطورة ومعقدة لتهريب مبالغ مالية مهمة إلى كندا، موضحة أن النتائج الأولية للأبحاث كشفت عن استغلال حسابات بنكية لشركات جرى توطين مقرات بعضها في المغرب، والبعض الآخر في الخارج، لغاية إجراء تحويلات مالية مبررة بعمليات تجارية وهمية، تتعلق أساسا بالاستيراد والتصدير عبر أكثر من بلد، مشددة على اتخاذهم إجراءات احترازية بعد ذلك للتمويه، من خلال تحويل المبالغ النقدية إلى عملات مشفرة بما يصعب عملية تعقبها، إلى حين وصولها إلى وجهتها النهائية. وأضافت المصادر ذاتها أن الأبحاث الأولية كشفت أيضا عن تنسيق عالي المستوى بين مراقبي مكتب الصرف ومصالح الرقابة النظيرة في كندا، لتحديد هوية المتورطين وتعقب مسارات نشاطهم، خصوصا أن الأمر يتعلق بمغاربة حاصلين على بطاقات إقامة في البلاد، تسلموا مبالغ مالية مهمة وأودعوها في شكل حصص حسابات بنكية لزوجاتهم وأبنائهم ومعارفهم، وفق المعطيات المتوفرة، التي أكدت أن إشعارات وردت عن بنوك حول تحويلات مشبوهة بين أجانب من الجنسيات نفسها خلال تواريخ متقاربة. وتأتي الأبحاث الجديدة مع استمرار سريان الأجل الذي أعلن عنه مكتب الصرف منذ بداية السنة الجارية في سياق إجراءاته التحفيزية ضمن عملية التسوية التلقائية. ويهم هذا الأجل إعفاء "المهربين" من الغرامات في حال إعادتهم الأموال إلى المغرب خلال مهلة زمنية تمتد إلى غاية 31 دجنبر المقبل؛ فيما تستهدف التسوية المذكورة الأشخاص الذين لديهم إقامة مالية أو مكتب مسجل أو مقر مالي بالمملكة (شركة)، والذين اكتسبوا ممتلكات وأموال في الخارج بطريقة تخالف قانون الصرف قبل مطلع يناير الماضي. وأفادت المصادر نفسها بأن إشعارا بالاشتباه كان وراء إطلاق الأبحاث حول نشاط "السماسرة" المتخصصين في تهريب الأموال إلى كندا، مؤكدة استغلال مصالح المراقبة لدى مكتب الصرف قنوات تبادل المعطيات الإلكترونية مع الإدارات الشريكة لتحديد هوية المشتبه فيهم وتجميع المعلومات الضرورية حول وضعيتهم المالية وحجم ممتلكاتهم ومعاملاتهم التجارية، إذ يتوفرون على عدد من الشركات بصفة مساهمين ومسيرين، ويتنقلون بشكل متكرر خارج المملكة في رحلات أعمال، وفق تصريحات مخصصات السفر التي صرحوا بها للمصالح الجمركية عبر المنافذ الحدودية. يشار إلى أن مكتب الصرف حذر المجموعة المهنية لبنوك المغرب من تحويلات مالية أنجزت على مستوى مؤسسة بنكية بالمملكة في اتجاه "هونغ كونغ" أخيرا، ضمن عملية استثمار في الخارج، وذلك باستخدام تراخيص صرف مزورة، لم تصدر عن المكتب أساسا. وأفاد المكتب ذاته، في مراسلة وجهها إلى المجموعة المهنية لبنوك المغرب، بأن التحقيقات الأولية التي أنجزت على مستوى المجموعة البنكية والشركة المعنية بالتحويلات المالية أظهرت أن الحادثة المكتشفة ليست معزولة، ذلك أن مجموعات بنكية أخرى وقعت ضحية لعمليات احتيال مشابهة، نتج عنها تهريب مبالغ ضخمة إلى الخارج بواسطة تراخيص مزورة.