استنفر مكتب مكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية عناصره على خلفية تحويل أموال إلى الخارج بواسطة تراخيص مزورة، تحمل شعار وتوقيع مكتب الصرف. وحسب ما أوردته مصادر مطلعة، فقد باشرت الفرقة تحقيقات مكثفة حول تورط تجار وشركات ومستخدمين بنكيين ومحاسبين في "تهريب" هذه الأموال عبر القنوات البنكية إلى الخارج، من خلال تزوير وثائق صادرة عن مؤسسة عمومية. وكشفت المصادر نفسها أن التحريات الأولية وقفت على تورط محاسبين ومستخدمين بنكيين في تسهيل استغلال شركات بعمليات تحويل أموال خارج القانون، من خلال رفع مستوى مؤشراتها المالية، خصوصا رواج المعاملات عبر البنوك. وأوردت المصادر سالفة الذكر أن الكشوفات البنكية المرفقة بطلبات إجراء تحويلات مالية لفائدة شركات إلى الخارج، لأغراض تمويل الاستثمار، ساهمت في تضليل مصالح الرقابة الداخلية وتدبير المخاطر لدى بنوك، خصوصا أن كل مجموعة بنكية تتبنى إجراءات خاصة للتبليغ بالاشتباه حول حالات غسيل وتهريب الأموال، على مستوى الوكالات التجارية والمقرات الرئيسية. وأفادت المصادر ذاتها بأن الأبحاث انصبت حول التثبت من شبهات ارتباط مستخدمين بنكيين بعمليات تسهيل تحويل الأموال إلى الخارج بواسطة تراخيص صرف مزورة، مؤكدة أن المبالغ التي اكتشف تحويلها عبر أكثر من مجموعة بنكية حتى الآن وصلت إلى مستويات مهمة. وإلى جانب ذلك، امتدت التحريات لتشمل أنشطة الشركات المتورطة في عمليات تحويل أموال إلى الخارج بواسطة تراخيص صرف مزورة، منبهة إلى إخضاع معاملاتها لأبحاث دقيقة، خصوصا مع المجموعات البنكية وإدارات الجمارك والضرائب والمحافظة العقارية، وكذا مكتب الصرف، وحصر قوائم المتعاملين التجاريين معها داخل المغرب وبالخارج. وأوضحت ذات المصادر أن عمليات التهريب تمت عبر التلاعب في أغراض التحويلات المصرح بها لدى البنوك، التي همت تمويل عمليات استيراد من بلدان آسيوية، وخاصة الصين، وكذا تغطية تكاليف استثمارات، اتخذت شكل مستودعات ومخازن مسيرة بواسطة شركات تابعة، حيث جرى اكتشاف مجموعة من الاختلالات والخروقات المالية والقانونية، يتم التثبت من أبعادها وارتباطها بأطراف أخرى ضمن التحقيقات الجارية. وتجدر الإشارة إلى أن مكتب الصرف كان قد نبه المجموعة المهنية لبنوك المغرب من تحويلات مالية أنجزت على مستوى مؤسسة بنكية بالمملكة في اتجاه "هونغ كونغ"، ضمن عملية استثمار في الخارج، وذلك باستخدام تراخيص صرف مزورة، لم تصدر عن المكتب أساسا. وأفاد المكتب في مراسلة وجهها إلى المجموعة المهنية بأن التحقيقات الأولية التي أنجزت على مستوى المجموعة البنكية والشركة المعنية بالتحويلات المالية أظهرت أن الحادثة المكتشفة ليست معزولة، ذلك أن مجموعات بنكية أخرى وقعت ضحية لعمليات احتيال مشابهة، نتج عنها تهريب مبالغ ضخمة إلى الخارج بواسطة تراخيص مزورة. وبناء على ذلك، نبه مكتب الصرف البنوك من الوقوع ضحية عمليات احتيالية مشابهة، من خلال إلزامها بمطالبة الزبائن بتقديم التصريح الأصلي الصادر عنه قبل إنجاز أي عملية تحويل للأموال، مع ضرورة التحلي باليقظة بشأن مطابقة التصاريح المقدمة، من خلال التحقق الدقيق من الختم والتوقيع.