قال خوسيه لويس ثاباتيرو، رئيس الوزراء الإسباني الأسبق، إن التعاون بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030 يقدم مثالاً للعالم ويكرس التفاهم والتعايش على المستوى الدولي، مسجلا أن الوقت حان ليزداد تعرّف كل بلد على الآخر، خصوصا أن المغرب أحرز تقدما كبيراً على مستوى حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وتجاوز المشاكل الاجتماعية. وأورد ثاباتيرو، متحدّثا بشكل رئيسي ضمن النسخة الحادية عشرة من منتدى حقوق الإنسان لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، المنعقد في الصويرة، حول موضوع "المغرب وإسبانيا والبرتغال: تاريخ بمستقبل واعد"، أن "إعطاء الدروس لم يعد ممكنا اليوم، بل حان الوقت لنتحلّى بما يكفي من الذكاء لينصت البعض الآخر". وتابع رئيس حكومة إسبانيا الأسبق، الذي شغل هذا المنصب منذ سنة 2004 إلى غاية 2011، شارحا: "هذه هي الفلسفة التي يتعين أن نتعامل بها مادمنا نتحدث عن ثقافة متوسطية متراصّة، فلا يستطيع أحد أن يفهم إسبانيا بمعزل عن المغرب والعكس صحيح". وشدد المسؤول الإسباني الأسبق على دور البرتغال في هذا البناء المعياري، معتبرا أنه "بلد لديه ثقافة ونشعر حياله بأشياء جميلة، فهو بلد موحد ونحس بأنه قريب للغاية إلى الإسبان، ولهذا يجب أن نجعل من هذا المونديال فرصة لتعميق الصداقة والمودة والإخاء بين البلدان الثلاثة (...)"، وزاد: "أنا الآن أشعر بأنني مغربي وبأنني برتغالي أيضاً، وهذا هو الرهان". وأكد المتحدث ذاته، الذي كان يلقي كلمة مطولة عقب توطئة من نائلة التازي، مديرة ومنتجة مهرجان كناوة موسيقى العالم، أن "الظرفية تستدعي أن يتم الاستثمار الجيد للمشترك، كالتاريخ واللغات والأشعار وقيم الحرية ومبادئ المساواة بين الناس رغم اختلافاتهم، وهي أمور تتطلب العمل سويا". ولم يغفل المسؤول الإسباني الأسبق الذي دعم موقف بلاده بشأن قضية الصحراء المغربية أهمية أن تتم اليوم "معاكسة تغول النرجسية والأنانية التي تدمر المجتمعات التي لا تحسن تقدير مقدراتها"، مردفا: "نحن نبحث عن حياة سعيدة ملؤها الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية والتفكير في الآخر واحترامه واحترام قراراته، لاسيما أننا نعيش في زمن مفعم بالتواصل. علينا أن نتقاسم ما لدينا من معارف ومن مدخرات ذهنية". ولمح ثاباتيرو إلى أن "منطق المصلحة الأحادية في العلاقات الدولية انتهى، ولهذا نراهن أن يكون مونديال 2030، بتنظيمه المشترك، باعثا رسائل السلام والمحبة والمودة، وإذا قمنا بهذا العمل الكبير سنكون من الناجحين"، وزاد: "نحن اليوم أكثر تطوراً من الذين مضوا، ووصلنا إلى مرتبة عالية في التكنولوجيا، وبلغنا أبعد الحدود الممكنة، فلا بد أن نطوع كل ما لدينا في هذا التعاون". ونادى المتحدث بضرورة الدفاع عن قيم الحوار واحترام الحضارات والثقافات والأديان والأوطان والدول والشعوب، إلخ، مبديا الترابط المنطقي الكامن بين الوصول إلى هذه الرهانات والحاجة إلى حضور التواضع في منطق التعاطي دوليّا؛ "فعندما نرى قوة عظمى متواضعة فهي علامة على تطورها وتقدمها"، وفق تعبيره. ولفت المسؤول الإسباني الأسبق إلى الكيفية التي يضع فيها التواضع الأيديولوجيات الحادّة جانباً، وكيف يعزز القدرة على التخلي كليّا عن العنجهية والاستعلاء على الآخر، باعتبارها محددات أساسيّة لضمان مسار أيّ عمل تنموي، مشيرا في السياق ذاته إلى "عمليات التخريب التي يجري رصدها في الواقع، من قبيل الصراعات والحروب والأزمات مثلما يحدث في غزة وأوكرانيا". وتحدث ثاباتيرو عن "الإلحاح الذي يطبع الحاجة إلى وقف إقصاء الشعوب لبعضها البعض"، وقال: "هذا تناقض كبير لابد أن نواجهه (...) لابد من النضال من أجل حقوق الإنسان لأن قدرة الكائن البشري على التطور فاقت التوقعات، وهي تحتاج أولاً وأساساً لحرية التعبير والتفكير والحق في الصحة والمشاركة والتظاهر"، خاتما: "كلما نال الإنسان حقا فهو ينال بالتبعية حقا آخر، فالحقوق متماسكة وتستدعي حماية الكرامة وتحصينها".