المقامرة الخطيرة والتحذير الأمريكي: كيف تحاول الجزائر إشعال المنطقة بتسليح البوليساريو؟    لسعد جردة: لم أكن أتوقع العودة بهذه السرعة لتدريب الرجاء البيضاوي    الدوزي يشوق جمهوره لجديده الفني "آش هذا"    كاني ويست يعلن إصابته بمرض التوحد    منع المُشغل من عرقلة الاضراب وتوسيع الحرية النقابية.. هذه أهم مستجدات القانون الجديد    "الفيفا" تُوقف منافس المغرب في كأس العالم    كأس العالم 2030.. فرصة مهمة للشباب المغربي (لقاء)    ولاية أمن مكناس… توقيف شخص للاشتباه في تورطه في سياقة دراجة نارية بطريقة استعراضية في الشارع تعرض حياة المواطنين للخطر    عاجل.. "الأول" يكشف تفاصيل اختطاف سيدة بسيدي بنور بأسلوب العصابات    السعدي: كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية تستهدف تكوين 30 ألف متدرج في مجال الصناعة التقليدية    مجلس النواب يختتم دورته الخريفية الثلاثاء المقبل    بنك المغرب: 78 في المائة من المقاولات تعتبر مناخ الأعمال "عاديا"    الفريق المغربي للدراجات "أكادير فيلو بروبولشن" يشارك في عدد من السباقات الدولية بتركيا    السعودية تعلق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين    رئيس رواندا يستقبل بوريطة والمنصوري وحديث عن وساطة مغربية لتلطيف الأجواء بين كيغالي وكينشاسا    طنجة.. اختتام منتدى "النكسوس" بالدعوة إلى تدبير مستدام للموارد    أنفوغرافيك | حسب الجهات ووسط الإقامة.. معدل البطالة لسنة 2024    الذهب يتجه نحو سادس مكسب أسبوعي على التوالي    شركة بريطانية تطلق خطين جويين نحو المغرب    سفير مصر بالمغرب يلتقي ممثلي الجالية لبحث قضاياهم وتعزيز التواصل    الصين تدعو إلى استبدال البلاستيك بالخيزران..    مجلس النواب ينهي دورته الخريفية الخميس المقبل بحضور رئيسة مجلس الحسابات    عقوبات أمريكية ضد المحكمة الجنائية    إسرائيل تشيد بمعاقبة المحكمة الجنائية    مجسّد شخصية زاكربرغ: رئيس "ميتا" تحول إلى "مهووس بالسلطة"    المغرب يوصي المعتمرين بأخذ اللقاح    قرار جديد من السعودية يسهل أداء مناسك العمرة    رغم التوتر.. كندا تبدي استعدادها للانضمام إلى مشروع ترامب    طنجة تحتضن ندوة علمية حول مشروع قانون المسطرة المدنية: دعوات لتعزيز فعالية العدالة واستقلالية المهن القضائية    فيدرالية اليسار بأزيلال ترفع شكاية بشأن خروقات في تدبير الجماعة    طقس بارد في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين (وزارة)    عمدة ميونخ يرفض استضافة دوري الأمم الأوروبية    تهجير الفلسطينيين: حملة تضليل مكشوفة.. كيف تُصنع الإشاعات لاستهداف المغرب؟    الولايات المتحدة تأمر بوقف عشرات المنح المقدمة لبرنامج الأغذية العالمي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    كأس انجلترا: ليفربول يتأهل للمباراة النهائية بفوز عريض على توتنهام (4-0)    ‪ إلغاء لقاح الحمى الشوكية للمعتمرين    إنتخاب المستشارة الاستقلالية مينة مشبال نائبة سابعة لرئيس جماعة الجديدة    فيدرالية الاحياء السكنية بالجديدة تستعرض قضايا المدينة وحصيلة انشطتها الاخيرة    الزهراوي: خبر إمكانية استقبال المغرب للفلسطينيين المهجرين "شائعات مضللة"    لقجع: افتتاح مركب محمد الخامس بالدار البيضاء نهاية شهر مارس المقبل    مسيرة عظيمة.. رونالدو يودّع مارسيلو برسالة مليئة بالمشاعر    غوغل تطور تقنيات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتحدي "DeepSeek"    "جامعيو الأحرار" يناقشون فرص وإكراهات جلب الاستثمارات إلى جهة الشرق    الشاب خالد، نجم الراي العالمي، يختار الاستقرار الدائم مع أسرته في طنجة    توقيف صيدلي وثلاثة أشخاص وحجز 6934 قرصا مخدرا في عملية أمنية محكمة    التهراوي يكشف الخطة المعتمدة للحد من انتشار "بوحمرون"    بايتاس يكشف الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة بشأن لقاح التهاب السحايا    نورا فتحي بخطى ثابتة نحو العالمية    إنتاجات جديدة تهتم بالموروث الثقافي المغربي.. القناة الأولى تقدم برمجة استثنائية في رمضان (صور)    6 أفلام مغربية تستفيد من دعم قطري    بعد عام من القضايا المتبادلة.. شيرين عبد الوهاب تنتصر على روتانا    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيميائيات"الملاوي"و"دانْسي دانْسا" وقارورة الرضاعة !
نشر في هسبريس يوم 18 - 02 - 2014

لامشكل لدي،مع أي كائن في الدنيا، المهم أن يحترمني وأحترمه.هي، قناعتي الكبرى،منذ وعيت بنفسي،فقد آمنت بحق الآخرين نحوي،أن لا أكثرت بيوميات حيواتهم ووقائعهم الصغيرة،ذلك شأنهم.لذا،فالسادة بن كيران وشباط والوفا وباقي التشكيلة المكرسة،التي نصبح ونمسي على صنيعها بخصوص مصائرنا،فهم كذوات في ذواتهم مجردين من هكذا تصنيف مؤسساتي،لايهمونني لامن قريب أوبعيد،ولا أعرفهم ولا يعرفونني،هم أحرار مطلق الحرية، كي يصنعوا بأنفسهم ما يحلو لهم،ذاك حقهم.
غير،أن الموقف سيكف على تسييج نفسه عند الدرجة الصفر،حينما ينتقلون من الشخصي إلى الموضوعي،وقد ألبسوا لباس الرمزية المجتمعية والنمذجة الطليعية.هنا،يحق لي،أن أعلن اختلافي الكبير معهم،لأن رؤيتي للعالم غير رؤيتهم وطموحي نحو المجتمع الذي أريد الانتماء إليه،مفارق للسوق اللغوي كما يملؤونه،لغطا وصراخا.
صحيح،أني لم أصوت للسيد بن كيران،لذلك لم ولن أنتظر منه شيئا،ثم لن أصوت لغيره غدا أو بعد غد،لسبب بسيط،مفاده أني لاأملك في هذا العالم سوى احترامي لذاتي،ولا توجد قوة خارجية، قد تلزمني كي أرتكب ممارسة غير مقتنع بها. بالتأكيد،فزمن السياسة في المغرب،قد ولى مع زمن الراحلين،بالتالي ما نعاينه حاليا لا يغدو أن يكون تضمينا،ل:((هاذ الشي اللي اعطى الله والسوق)) ،فأن تنتخب أو لا تنتخب، لاجدوى، بما أن الطبخة الأخيرة،وحده الغيب يستحضرها،غير آبه تماما بالصوت أو الصورة.
ثلاث أطروحات،أضيفت مؤخرا إلى متن علم السياسة المغربي : غذاء "الملاوي"،رقصة رئيس الحكومة،ثم رضاعة شباط.بداية،وتعضيدا لما أشر ت إليه أعلاه،لا تعجبني بالمرة المسارات الحالية للإعلام، حينما يخصص مساحات واسعة لحكايات تصب في رافد"تقرقيب الناب الخاوي"،الذي يتوزع بين الدعاية المجانية والتلصص المقصود قصدا،بناء على إثارة لا تخلو من مولدات فراغ فكري ومعرفي يعيشه مجتمعنا.تقليد،ابتدأ حقا مع جوقة ما بات يعرف بالفنانين،حيث جلهم لا ينتج مايخول له أصلا، هذه الصفة باعتباره فنانا، لذلك يستعيض عن ثقافة المضمون الصعبة، بثقافة الشكل السهلة، ومايساعده على هذا التمدد غير المشروع أساسا،هو تزايد جحافل الفارغين ذهنيا ذوي العقول الصغيرة والمرجعيات الواهية،فيضاعفون هدر زمانهم الضائع،في احتساب سكنات وحركات ملهميهم،يحصونها نفسا نفسا،كأنها لبشر غير البشر، أو أفراد لن تجود بهم الدنيا ثانية.
لما كانت السياسة، تطوي بعضا من رونقها، يندر أن يكشف لك السياسي عن مايتعلق بحياته الحميمية، صحيح لم يكن هناك يوتوب وفايسبوك، لكن الأهم أن أفقه السياسي ومنظوره لفعله، من الإقناع والجدية والرصانة والسعي،بشكل يموضعه ضمن إطار لايسمح له بتاتا أن يستنجد بما يحدث داخل منزله كي يستمد منه إشعاعا أو رهانا.فالإشعاع،هو ما يصنعه واقعيا للمواطنين،ومدى نضاليته بهدف بلورة برنامجه.المطلوب منه،إنتاج النظرية وتفكيك معطيات الواقع، ثم تكريس التربية السياسية المتطورة، التي تنهض بالعقول والحواس وتهذب المشاعر وتسمو بها.
هكذا،يتبدى تميزه وتفوقه،وليس كما الراهن تدويل سلوك مبتذل وعادي جدا قد يليق التباهي به،لدى شخص بسيط في فكره وتطلعاته، ينتمي بالأحرى إلى العوام،وحتى إن تم تبرير المعطى باستراحة محارب، فليكن.غير أن هذا المسوغ،غير جديربصناع الموقف السياسة عندنا،لأنهم والحق يقال يتمتعون بغاية الراحة العقلية والجسدية،فكل شيء بالنسبة إليهم جاهز ومكتمل،وديمقراطيتنا تفوق نظيرتها السويدية أوالفنلندية… .
أطروحة "الملاوي" أو "المطلوع"،مع الشكر للسيد وزير الحكامة على النصيحة بما يتربص بنا من سكر وكولسترول،بحيث نتفق معه في الجزئية ونختلف معه تماما في الكلية،أو بمعنى آخر لاعلاقة بين المفهوم ثم القصد ولا تنتمي بأي صيغة من الصيغ،إلى نفس دلالة مكوني جواب آخر للرئيس الباكستاني المرحوم ذو الفقار علي بوتو :((نحن مستعدون لأكل العشب في سبيل الحصول على القنبلة النووية)). ظاهريا،لا تبدو أي علاقة بين شقي الجملة،لكنها عمقيا هي كناية عن تضحية الشعب بالغالي والنفيس، في سبيل تحويل كيانه إلى قوة دولية وازنة.
إشكالية الخبز في المغرب،لايقصد بها تلك القطعة المهيأة بحفنة من القمح أو الشعير،بناء على الشق الأول من بلاغة موليير:نأكل فقط لنعيش.بغير هاجس أن نعيش لنأكل، كما تكشف سخريتنا الشائعة حينما نتهكم على بعضنا البعض بمقولة : شعب الخبز والمرق،أي نتمحور على البطن وبطريقة غير آدمية.لكن الخبز، كما أرادته نضالات السنوات السابقة،هو مجرد تعبير مجازي عن انتفاء العدالة الاجتماعية والتنمية الحقيقية التي تهتم بمختلف مناحي الذات البشرية.إذن، فالأمن الغذائي، وتجاوزا لمستواه البدائي القائم على كونه إنتاجا لرغيف "الملاوي" و"المطلوع"،يمثل سياقا تاريخيا متكاملا، بحيث يعتبر أمنا بيولوجيا وفكريا وعقليا وثقافيا وسيكولوجيا وديمقراطيا وتعليميا ورياضيا وروحيا،إلخ.
أما عن السامبا،فمن حق رئيس الحكومة طبعا،أن يرقص متى شاء وكيفما شاء ثم بالطريقة التي يريد،لأنه سيد على جسده، ولاوصاية لأحد عليه. لكنها حتما، لا يريدها أحد أن تكون رقصة فوق الجثث، أو مع الذئاب.تخبرنا سيكولوجيا الرقص،على أن هناك من يرقص فرحا أو حزنا.أظنها،عند السيد بن كيران قد تأخذ المنحيين،جانب مصرح به وآخر مسكوت عنه:لا يتردد الرجل، بخصوص دافع الفرح،التعبير مع كل مناسبة وغيرها،عن رضاه السماوي والأرضي بخصوص "المنجز".أما الثاوي، فصورة "دانسي دانسا"، بمثابة لحظة شرود واسترخاء لاواعية،لأن البلد يغلي على قِدر كبير من المشاكل، في ظل وضع عربي وعالمي دقيق جدا.
أما عن إيحاءات الرضيع والرضاعة،قياسا إلى حياة السياسي المحترف التي يفترض أن تكون غير عادية، فتحضرني الدلالة الميتا- بيولوجية، التي تتجاوز محض ولادة ميكانيكية إيروسية،تعكس فقط نزوة جنسية عابرة،بحيث تدعو الأدبيات السياسية في المجتمعات المتقدمة إلى ضرورة القطع مع مفهوم الولادة بشكلها الغريزي الفطري،مثلما لازالت تتمثلها الذهنية العربية،مما جعل طفولتنا العربية كلها تردد جهرا أم سرا قولة المعري الشهيرة :((هذا ماجناه علي أبي وماجنت على أحد))،التي ستجد لها ترياقا في الفكر الغربي عندما وضع روسو المبدأ العام للتربية السليمة من خلال ما ابتغاه لتلميذه ''إميل'' :(( فأن يعيش هي المهمة التي أردت له تعلمها،أعترف بأني لا أريده أن يخرج من تحت يداي،رياضيا أو عسكريا أو كاهنا،بل أن يكون أولا إنسانا)).الإنساني،معناه الطفولي وقد حافظ على عدم تلوثه بالمجتمعي.
كم أشفق على ما ينتظر صغارنا، من شقاء وحرمان،في واقع كهذا!وكبارنا يضيعون بشكل لارجعة فيه طفولتهم ،فيغتالون الإنسان داخلهم، وتصير الحياة مجرد قصة بلهاء .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.