تحت شعار "اقتصاد الرعاية والحماية الاجتماعية: دعامة لتمكين النساء وخلق فرص الشغل وتحقيق الرفاه الأسري"، انطلقت بالعاصمة الرباط، اليوم الثلاثاء، أشغال المؤتمر الدولي الأول حول اقتصاد الرعاية، الذي تنظمه وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة بشراكة مع قطاعات وزارية أخرى على غرار وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وممثلية الأممالمتحدة بالمغرب وهيئات وطنية ودولية أخرى. يسعى هذا المؤتمر الذي يعرف مشاركة وزراء ومسؤولين ودبلوماسيين من إفريقيا وآسيا، إلى خلق فضاء للنقاش والتداول وتبادل الأفكار والخبرات ما بين الدول المشاركة، والتفكير في سبل جعل اقتصاد الرعاية مساهما فعليا في خلق فرص الشغل وتشجيع التمكين الاقتصادي للنساء، إضافة إلى بحث آفاق مساهمة القطاع الخاص في هذا المجال وسبل تشجيع الاستثمار فيه وتمويل المشاريع الخاصة به. عواطف حيار، وزير التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، قالت في كلمة لها بهذه المناسبة: "لقد حرصنا على ضمان مشاركة واسعة لمختلف الفاعلين من المغرب وخارجه من أجل خلق فضاء لتبادل التجارب والمعارف الدولية حول رافد من روافد الاقتصاد الوطني ومن جيل جديد، سيصب بدون شك في مجرى واد يعزز الإدماج الاجتماعي ويقوي صمود الأسر أمام الأزمات، خاصة منها غير المتوقعة سلفا، والنهوض بوضعية النساء والارتقاء بوضعية الفئات الهشة اجتماعيا واقتصاديا". وأضافت حيار: "أملنا كبير أن يساهم هذا المؤتمر في دعم مجهوداتنا جميعا لرفع التحديات، خاصة تلك التي تخص البنية الأسرية ودورها المحوري في المجتمع، ومدى تأثيرها على العلاقات بين الجنسين، وتدبير الحياة الأسرة والخاصة وتأثيرها على التمكين الاقتصادي للنساء وكذا التحديات المرتبطة بالشيخوخة، وما أعقبها من إشكاليات وأعباء كبيرة في مجال الرعاية الأسرية لفاقدي الاستقلالية والطفولة الصغرى والأشخاص في وضعية صعبة". وسجلت المسؤولة الحكومية أن "خطط التنمية الاقتصادية يلاحظ أنها أغفلت عموما إمكانية دور اقتصاد الرعاية والحماية الاجتماعية، كقطاع اقتصادي منتج، وأن العوامل المتغيرة من داخل العالم وفي المنطقة العربية والإفريقية على وجه الخصوص، باتت تستدعي تدارك هذه الحقيقة"، وأشارت إلى أن المغرب فتح مجموعة من الأوراش الميهكلة، ذكرت منها "ورش الحماية الاجتماعية التي خففت على المواطنين والأسر من حدة العبء الاقتصادي والاجتماعي، وعززت ظروف الشغل اللائق وطورت منظومة الاستهداف والتمويل المبتكر والمستدام". واستحضرت الوزيرة أن "الحكومة المغربية اشتغلت على تنزيل هذا الورش في زمن قياسي، حيث تم تعميم التغطية الصحية على جميع المواطنين والمواطنات منذ سنة 2022 وفي سنة 2023 تم صرف الدعم المباشر للأسر المعوزة، وخاصة تلك التي تعيل أطفالا في وضعية إعاقة أو أشخاصا مسنين". من جانبه، أشار خالد آيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، إلى "الاهتمام الملكي بالنهوض بوضعية النساء والأسرة وتأكيده على أن تقدم المجتمع المغربي يبقى رهينا بمكانة ووضع المرأة ومشاركتها الفاعلة في مسلسل التنمية"، مضيفا أن "عالم اليوم يحتاج إلى رفع مجموعة من التحديات، منها ما هو أمني ومنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو اجتماعي كذلك". وأوضح وزير الصحة والحماية والاجتماعية أن "الكل معني باقتصاد الرعاية؛ إن لم يكن بشكل مباشر من خلال المستفيدين من خدمات فئة مهنيي الرعاية باختلاف تخصصاتهم، فعلى الأقل من خلال توفيرهم للعون لنا من حيث تواجد مختصين يتكفلون بمن نحب ممن هم في أمس الحاجة إلى هذه الخدمات"، موردا: "كما تعلمون، ففي بلادنا كل أسرة من بين أربع أسر تضم شخصا في وضعية إعاقة، كما أن مجتمعنا مقبل قريبا على مرحلة سوف يشكل فيها المسنون حوالي 25 في المائة من مجموع السكان". ولفت المسؤول الحكومي ذاته إلى أن "المملكة المغربية انخرطت في تنزيل النموذج التنموي الذي سطره جلالة الملك محمد السادس والذي يتغذى من التراكمات الإيجابية التي عرفتها المملكة"، مشيرا إلى أن "هذا النموذج يعكس التصور الذي توافق عليه الكل بشكل يضع المواطنين كمرتكز وكمبتغى لكل السياسات العمومية بشكل يؤكد أن رفاه الأفراد داخل المجتمع المغربي لبنة أساسية من أجل تحقيق التطور الاقتصادي لبلادنا". وشدد وزير الصحة والاجتماعية في حكومة عزيز أخنوش على أن "اقتصاد الرعاية يشكل بوابة لتحقيق أهداف النموذج التنموي؛ فهو يسهم بشكل أكيد في تمتع الأفراد داخل محيطهم الأسري من ظروف عيش صحية، كما يمكنهم من تعزيز فرص التعلم والولوج إلى سوق الشغل، وبالتالي الإسهام في البناء الاقتصادي". في كلمة لها بهذه المناسبة، قالت هيفاء أبو غزالة، الأمينة العامة المساعدة رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، إن "هذا المؤتمر ينعقد في سياق كارثة إنسانية تشهدها فلسطين بفعل العدوان الإسرائيلي، رغم المحاولات العربية والدولية والأمنية لوقف هذا الأمر، كما ينعقد في ظرف تشهد فيه العديد من الدول العربية نزاعات وصراعات أثرت بشكل كبير على المكتسبات التنموية وعلى تنفيذ برامج وسياسات الحماية الاجتماعية، مما شكل ضغطا على الآليات الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة". وأضافت المسؤولة العربية ذاتها أن "هذا المؤتمر نروم من خلاله البحث سويا في سبل تعزيز الحماية الاجتماعية والتركيز على الفئات الضعيفة في المجتمع. فكما تعلمون، فإن اقتصاد الرعاية يشكل مجموعة الأنشطة الاقتصادية التي تستهدف الفئات المعنية بالرعاية، وفي مقدمتها كبار السن والأشخاص في وضعية إعاقة والأطفال". وأشارت أبو غزالة إلى أنه "رغم الجهود التي تمت في هذا الإطار من خلال مبادرات عادية، إلا أن الدور الهام لاقتصاد الرعاية كقطاع اقتصادي منتج لم يستغل بالشكل المطلوب في الخطط التنموية، ويأتي هذا المؤتمر للتركيز على هذا الموضوع والتأكيد على أهميته كمجال للنمو".