اتهم حزب التقدم والاشتراكية، المصطف حاليا في المعارضة، الحكومةَ ب"السعي إلى الهيمنة" على الساحة العمومية، و"إلغاء مبدأ المقاربة التشاركية في تدبير الشأن العام"، معتبرا أن ذلك "يشكل خطرا وتهديدا للبناء الديمقراطي الذي ينشده المغرب". جاء ذلك خلال انعقاد أشغال الدورة الرابعة للجنة المركزية للحزب، اليوم السبت في الرباط، حيث ذهب أمينه العام، نبيل بنعبد الله، إلى القول إن حصيلة الحكومة في مجال النهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان، "هي حصيلة صِفْرية، وهذا أمر صحيح لأن الحكومة لا تتخذ أي إجراء في الفضاء السياسي". وأردف الأمين العام ل"حزب الكتاب" قائلا: "نطالب الحكومة بإصلاح الفضاء السياسي وتنقيته، وليس انتظار فترة الانتخابات لإصلاح المنظومة الانتخابية، ولكن الحكومة ربما يناسبها أن تظل دار لقمان على حالها، وإجراء الانتخابات في الشروط نفسها التي جرت فيها انتخابات 2021، ولكن هذا سيشكل كارثة على المنظومة السياسية ككل". وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ذهب بنعبد الله إلى القول إن "الإخفاقات التي راكمتها الحكومة في هذا المجال تستحق عليها السقوط"، معتبرا أن الحكومة "وضعت توصيات النموذج التنموي في غياهب الرفوف، ربما لأن الإصلاحات التي يدعو إليها أكبر من طموحها، وربما لأن هذه التوجهات تتناقض مع انتماءاتها المالية والمصلحية". وواصل الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية هجومه على الحكومة قائلا: "ليس لها توجه إصلاحي حقيقي"، مستبعدا أي طموح لحزبه في الانضمام إلى التحالف الحكومي خلال التعديل المرتقب. وقال في هذا الصدد: "حزبنا ليست معنيا بالمساهمة في الحكومة، وحتى التعديل يجب أن ينصب على تغيير المقاربات لإنجاح أدائها، ديمقراطيا، واقتصاديا، واجتماعيا". بنعبد الله زكّى رغبة حزبه في المعارضة بتأكيده أنه "مقتنع بضرورة التحالفات لإحداث التغيير المطلوب، ومواصلة التعاون مع قوى اليسار للقيام بالخطوات اللازمة لتوحيد المبادرات النضالية وتوحيد كلمة مكونات المعارضة والسعي نحو الإسهام في انبثاق حركية اجتماعية قوية". وطغى موضوع الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ سبعة أشهر على أشغال الدورة الرابعة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، حيث ندد الحزب بشدة، على لسان أمينه العام، بالجرائم التي تقترفها إسرائيل، قائلا: "إن الصهيونية تجاوزت كل الخطوط، وجرائمها تجاوزت جرائم الحرب النازية، ونحن أمام تطهير عرقي". وأردف: "ما يجري اليوم في قطاع غزة لم يُسجل في أي حرب سابقة. يهدمون (إسرائيل) كل شيء ينبض بالحياة ويقصفون أي شيء يتحرك، وتحول العيش في غزة إلى ما يشبه ظروف القرون الوسطى بسبب العدوان الصهيوني غير المسبوق، الذي خلف نحو سبعة وثلاثين ألف شهيد وأزيد من اثنين وثمانين ألف جريح". وانتقد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية مواقف الولاياتالمتحدةالأمريكية من الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، معتبرا أن الأخيرة وحلفاءها "مدانون بالجريمة نفسها ولا حق لهم في التشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان"، مضيفا: "الجرائم الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني سوف تظل محفورة في الذاكرة العالمية إلى أن تتم محاكم مسؤوليه في المحكمة الجنائية الدولية". وبخصوص ملف الوحدة الترابية للمملكة، حمّل بنعبد الله الجزائر استمرار النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، "نتيجة تعنت حكام الجزائر وتصرفاتهم التي تجاوزت كل الحدود، إذ صار وكأن شغلهم الشاغل والوحيد هو معاكسة المغرب ومصالحه الوطنية، عوض الانكباب على القضايا الداخلية للشعب الجزائري الشقيق"، على حد تعبيره. واستطرد المتحدث قائلا: "الأخطر في الأمر هو أن حُكام الجزائر باتوا يعمدون إلى تأجيج الرأي العام الجزائري، ويغذون العداء والكراهية ضد كل ما هو مغربي، مؤسساتيا وشعبيا، لكن بلادَنا ستواصل تمتين مكانتها لحصد مزيد من المكتسبات، في طريق الطيِّ النهائي لهذا النزاع الذي طالَ أمده معرقِلا بناء صرح المغرب الكبير لفائدة شعوبه ذات المصير الواحد".