لم تكن تظهر على السيدة سعيدة، التي توجهت أمس الأربعاء، إلى إحدى الصيدليات بمدينة الرباط ، أية أعراض للإصابة بفيروس انفلونزا الخنازير، المعرف علميا بفيروس ( أ / أش 1 إن 1) المعروف بأنفلونزا الخنازير، وبالرغم من ذلك ، فقد طلبت من الصيدلية عقار (تاميفلو) المضاد لهذا الفيروس. "" ولم تكن هذه السيدة تعلم أنه يمنع على الصيادلة تقديم هذا العقار بدون وصفة الطبيب المعالج، وهي التي كانت تسأل عن مدى فاعليته، لسماعها أنه فعال في علاج الانفلونزا. ورغم إلحاح السيدة سعيدة على الرغبة في اقتنائه، فإن الصيدلي امتنع عن ذلك بالقول إنه لا يتوفر على هذا العقار، ناصحا إياها بعدم الاهتمام بالأمر ، لكون جميع المستشفيات في العاصمة تتوفر على كميات هامة من هذا العقار ، وأنه بوسعها الاستفادة منه بدون مشاكل ، في حالة الإصابة بهذا الداء . وعبرت هذه السيدة سعيدة ، التي لم ترى داعيا لذكر اسمها كاملا لدى مصادفتنا لها بهذه الصيدلية، مكتفية بالإفصاح عن اسمها الشخصي فقط ، عن أسفها لكون معظم الصيدليات لا تتوفر على عقار (تاميفلو)، وإن كانت قد استحسنت فكرة مركزته في صيدليات بعينها حتى يتم التحكم في معرفة عدد الإصابات بهذا الفيروس بشرط التوفر على وصفة الطبيب المشرف على الحالة. ولا يبدو أن هذه السيدة هي الوحيدة التي تلجأ إلى الصيدليات لاقتناء هذا العقار، فقد سجل لدى عدد منها تلقي طلبات لاقتناء عقار (تاميفلو) من أجل تخزينه واستعماله علاجا في حالة الإصابة بالفيروس . وأوضح عدد من الصيادلة، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأمر يتعلق ببعض المواطنين الذين يلجأون إلى الصيدليات لاقتناء هذا العقار معتقدين أن التوفر عليه مسبقا سيمكنهم من استعماله عند الحاجة تحسبا لفقدانه في السوق ونفاذ مخزونه. وأضافوا أن الرغبة في التوفر على هذا العقار والسؤال عنه ارتفع بعد اكتشاف حالات إصابة بفيروس (أ / أش 1 إن 1 ) في المغرب، والحديث المستمر لوسائل الإعلام حول هذا المرض وانتشاره في الكثير من دول العالم. وفي هذا الصدد، قال الدكتور عبد الوهاب زيادي (صيدلي) إن ذلك نابع من الخوف الذي ينتاب بعض المواطنين من عدم قدرتهم على اقتناء هذا العقار في حالة انتشار الفيروس، وكذا من أجل تخزينه داخل البيوت قصد استع??ه عند الضرورة لاحتمال ندرته. كما أوضح الدكتور زيادي، في تصريح للوكالة ، أن هذا العقار هو دواء وليس لقاحا، مشيرا إلى أن المشكل الذي قد يعترض هؤلاء المواطنين الباحثين على هذا العقار ، هو الفترة القصيرة لصلاحية الدواء والمحددة في شهر غشت المقبل، وذلك بعد أن مددت منظمة الصحة العالمية تاريخ انتهاء صلاحيته التي كانت ستنتهي في يونيو الجاري ، باعتبار أن هذا العقار يحتمل التمديد. وعن المضاعفات السلبية لتناول هذا العقار بالرغم من عدم الإصابة بالفيروس، أكد الدكتور زيادي أنه لا يمكن أن يصاب الشخص الذي تناوله بأية أعراض، إلا أنه بالمقابل ينصح بعدم التهويل من المرض والتخوف منه ، خاصة وأن الدواء متوفر بالمغرب. وكانت أوساط طبية قد حذرت من خطر بيع العقار (تاميفلو)، المضاد الفيروسي الذي يستخدم في علاج الأنفلونزا، خاصة فيروس (أ / أش 1 إن 1 )، دون استشارة طبية، وأن ذلك يخرج عن مسار اليقظة الطبية، مشيرة إلى أن التتبع الجيد للمرض يمكن من ضمان مراقبة صحية أفضل والحد من اتساع رقعة انتشاره وعدد الحالات الحقيقية المصابة. ولاحظ الدكتور زيادي أن الذين يقبلون على شراء هذا العقار والسؤال عنه هم من الطبقة الميسورة ، نظرا لغلائه وصعوبة الحصول عليه وكون اقتنائه يتم بعد طلبه مسبقا بعدة أيام. وهذا ما أكده بدوره صيدلي بالعاصمة الرباط ، حيث أوضح أن كثيرا من الأشخاص الذين يتوافدون على صيدليته للسؤال عن العقار ، هم من الفئة المثقفة والميسورة، مشيرا إلى أن معظمهم يودون التزود به وحمله معهم أثناء السفر إلى الخارج مخافة إصابتهم بالفيروس. وأوضح أنه يفد على صيدليته التي تقع وسط العاصمة ما بين أربعة وخمسة أشخاص يوميا لاقتناء هذا العقار دون أن تظهر عليهم أعراض المرض. من جهته، قال الدكتور نور الدين شوقي مدير علوم الأوبئة والأمراض المتنقلة بوزارة الصحة، أنه لا يمكن أن يتم تناول هذا الدواء إلا من خلال وصفة طبية، مشيرا إلى أنه لا ينبغي للصيدليات تقديم هذا العقار ، إلا من خلال الوصفة الطبية ، وذلك بناء على مذكرة داخلية صدرت عن وزارة الصحة والموجهة لجميع الصيدليات. وكانت وزارة الصحة قد أشارت إلى أنها، ومن أجل تعزيز الوسائل التقنية للوقاية والمعالجة، تم رصد غلاف مالي قدره 852 مليون درهم لدعم خطة العمل الوطنية للوقاية من هذا المرض، خصصت 528 مليون درهم منها لاقتناء 4 ملايين حصة من دواء (تامفلو)، إضافة إلى 20 مليون درهم لاقتناء المزيد من الأقنعة الواقية. واعتبر الدكتور شوقي أنه ليس من الضروري الالتجاء إلى اقتناء هذا العقار بدون سبب، مؤكدا أن الوضعية الحالية لا تحتمل أن يكون هناك هلع، لأن الكمية المتوفرة من الدواء كافية، ونظرا لمحدودية الإصابات المسجلة بهذا المرض على الصعيد الوطني، وكذا بالنسبة لخطورة المرض. وبعدما أشار إلى أن الكميات المتوفرة من هذا العقار بالمغرب ، تقدر بمليون حصة أبرز الدكتور شوقي أن هذا المخزون يسمح بعلاج جميع الحالات. يذكر أن عقار (تاميفلو) يستخدم في حالة الإصابة، وهو ليس عقارا للوقاية، ومضاد للفيروسات وينتمي إلى مجموعة من العقاقير التي تهاجم فيروس الإنفلونزا وتمنعه من الانتشار داخل الجسم. كما يعالج عقار (تاميفلو) الإنفلونزا من جذورها، ولا يقتصر فقط على إخفاء عوارضها.