هناك مجال تأويلي ناذر يتصل بعلم النفس الإعلامي، باعتباره جزءا متصلا بالبحث في حقل الاتصال والإعلام، يختص به علماء النفس الإعلاميين، المرتبطين بخدمات الصحة العقلية أو استشاريين أو مطورين رقميين. يقول الباحث البريطاني باميلا روتليدج، إن علم النفس الإعلامي ينطبق مبدئيا وأساسيا على مجموعة واسعة من الصناعات والمهن التي تنطوي على استخدام أو تطوير الاتصالات وتقنيات المعلومات. وباعتبار أن علم النفس الإعلامي يشمل الأبحاث والتطبيقات التي تتناول جميع أشكال تقنيات الإعلام، من وسائل تقليدية وجماهيرية، علاوة على التقنيات والتطبيقات الجديدة والناشئة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي. الوسائط الاتصالية، وتصميم الواجهة، والتقنيات التعليمية، وتقنيات الوسائط التفاعلية، والبيئات المدمجة والافتراضية والمختلطة. فإن التركيز على الضرورة المنهجية للسلوك الإعلامي، كحالة سيكولوجية واعية بالزمن والأحداث والتفاعلات الأخرى، يضفي على واجهة المنظومة الإعلامية، نافذة منشأة لتدبير الطرق التي يتأثر بها الناس ويتفاعلون بإزائها وبالوسائط والتكنولوجيا المتعددة. لاغرو أن راهننا التكنولوجي والاتصالاتي، أضحى يعكس وباستمرار ارتباطنا النفسي والذاتي بالوسائط والتكنولوجيا، ونتيجة لذلك، أصبحت دراسة تأثير وسائل الإعلام جزءًا لا يتجزأ من السيكولوجيا. ومع ذلك، فإن طبيعة المجال متعددة التخصصات والتغيرات المستمرة في كيفية تفاعل الناس مع وسائل الإعلام تجعل من الصعب تحديد مجال الدراسة. ومن المهم أيضا التأكيد على أن علم النفس الإعلامي يستمد بشكل كبير من علم النفس وعلم الاتصالات، ولكنه يتضمن أيضًا أبحاثًا من مجالات أخرى، بما في ذلك علم الاجتماع والدراسات الإعلامية والأنثروبولوجيا.. وغير ذلك. ويتوزع هذا المجال عبر العديد من التخصصات، حيث لا يعتبر العديد من العلماء أن علم النفس هو مجال اهتمامهم الأساسي للبحث وهو تأثير وسائل الإعلام على الأفراد، بل هو موضوع فرعي ضمن موضوع أكبر من الخبرة. لكن، دعونا نصوغ إمكانية توجيه هذه المعرفة المستحدثة، وفقا للنصوص القليلة الواردة في المراجع ذات الأهمية، كما هو الحال بالنسبة لتعريف كارين ديل في دليل أكسفورد لعلم النفس الإعلامي، الذي تعتبر فيه علم النفس الإعلامي دراسة علمية للسلوك البشري والأفكار والمشاعر التي يتم تجربتها في سياق استخدام الوسائط وإنشاءها. وعلى نفس الطريق، يمكن اختزال المقولة، بالذهاب إلى أن ذاك العلم هو بالفعل الجهد المبذول لفهم العلاقة المتطورة باستمرار بين البشر ووسائل الإعلام من منظور نفسي. هذا السياق، سيحول بين تأويل المعرفة في انتمائها للمنظور الإعلامي، وبين تحديد الفاعلية مع التمظهرات النفسية والذاتية التي يقوم عليها . كما ويتماشى ذلك مع اشتباك الأخلاقي بالمهني، والمعرفي باللامعرفي، ونوع وسياق الفهوم التي يتم عرضها على المنصات والأقنومات التواصلية المفتوحة؟. لنلقي نظرة حول مكامن استحقاق هذا التماثل في استحضار علم النفس الإعلامي، الساعي إلى استكشاف عوالم متعاقبة، ترتبط بتأثيرات وسائل الإعلام على تيمات ومشاهد العنف مثلا، وازدياد نواظم العدوان بعد التفاعل معها، أو تصادم أطراف حول طرق تصحيح مسار علاقة المجتمع بالمرأة، أو المشاكل الأسرية ذات الأولوية في ترميم الخلافات الزوجية، أو العلاقات الجنسية الرضائية.. إلخ. إن الموضوع يتعلق بالدرجة الأولى، بمسألة التعلم عبر الإنترنت، حيث يمكن توصيلها بشكل أكثر فعالية وعبر الفئات العمرية المختلفة، والطرق الأكثر مصداقية .. كما أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، مثل كيفية تعديل المنصات لإنشاء صورة أكثر شمولا للعالم بدلا من عزلة الأفراد ذوي التفكير المماثل الذي تشجعه وسائل التواصل الاجتماعي حاليًا، وكيف تتأثر العلاقات عندما تتم في الغالب أو فقط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكيفية تقليل التنمر عبر الإنترنت والسلوكيات السلبية الأخرى عبر الإنترنت. أما مشاركة الجمهور المتفاعل، فهو أكبر مرمى لمعرفة كيفية تأثير الجانب النفسي، مما تفاعلنا معه وبإزائه، حيث سنتمكن من الاستحضار الواعي بوجاهة واعتبار إحساسنا باحترام الذات، وهو ما يلح علينا بتورية السؤال عن كيف ولماذا يجتمع المتناقض الواحد والمتعدد معًا لتشكيل مجتمعات داعمة، رغم أن مسلكيات الإقامة داخل المحتوى غالبا ما ينم عن تناقض واستغلال وجنوح نحو التفاهة. تلكم، أول العوائق الإبستيمية التي تصيب منظومة "السيكولوجيا" في الإعلام، وتستدعي تعميق التفكير فيه وفي أبعاده وخلفياته. وهو الذي يؤكد أيضا، صعوبة المجال ووظيفة أخصائييه في البحث عن أشكال التعاطي معه ووفق رموزه وأسراره.