طنجة.. إغلاق مقهى شيشة بمحيط مالاباطا بعد شكايات من نزلاء فندق فاخر    حادث خطير داخل "الفيريا" بمرتيل يُخلّف إصابات ويثير مخاوف الزوار    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة .. حصول أزيد من 29 ألف متمدرس على البكالوريا بمعدل نجاح يناهز 81 في المائة    حزب الاستقلال يُراهن على استقطاب الشباب لإعادة تشكيل المشهد السياسي    من ضحية إلى مشتبه به .. قضية طعن والد لامين جمال تتخذ منحى جديدًا    فيلدا: فخور بأداء "اللبؤات" أمام السنغال        طقس الأحد في المغرب بين الحار والرياح القوية    الطالبي العلمي: المغرب يجعل من التضامن والتنمية المشتركة ركيزة لتعاونه جنوب-جنوب    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم سيدات.. المنتخب المغربي يتأهل إلى دور الربع نهائي بعد فوزه على نظيره السنغالي (1-0)    أثنار: جاك شيراك طلب مني تسليم سبتة ومليلة إلى المغرب سنة 2002    أسعار الذهب تتجاوز 3350 دولارا للأوقية في ظل التوترات التجارية العالمية    خطوة مفاجئة في إسبانيا .. ملقة ترفض استقبال مباريات "مونديال 2030"    لبؤات الأطلس يتأهلن إلى ربع نهائي "كان السيدات" بعد فوز صعب على السنغال    أكرد يلتحق بتداريب نادي "وست هام"    المفوضية الأوروبية تنتقد رسوم ترامب    حرب الإبادة الإسرائيلية مستمرة.. مقتل 100 فلسطيني في قصف إسرائيلي على غزة منذ فجر السبت    الملك يهنئ رئيس ساو طومي وبرانسيبي    بنسعيد: "البام" آلية لحل الإشكاليات .. والتحدي الحقيقي في التفكير المستقبلي    نسبة النجاح في البكالوريا تتجاوز 83 %    تفاصيل انتهاء اعتصام في بني ملال    اجتماعات بالرباط لتسريع مشروع أنبوب الغاز الإفريقي وتوسيع الشراكات الإقليمية    وفاة الفاعل المدني عبد العالي الرامي بعد صراع مع المرض        الوقاية المدنية بطنجة تحسس المصطافين من مخاطر السباحة    المغرب يفتح باب الترخيص لإرساء شبكة 5G    تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة من حيث جودة الحياة    الصندوق المغربي للتقاعد يطلق نسخة جديدة من تطبيقه الهاتفي "CMR" لتقريب الخدمات من المرتفقين    فاس تحتضن لقاء لتعزيز الاستثمار في وحدات ذبح الدواجن العصرية    تقديم العرض ما قبل الأول لفيلم "راضية" لمخرجته خولة أسباب بن عمر    دراسة: التلقيح في حالات الطوارئ يقلل الوفيات بنسبة 60%    مهرجان "موغا" يعود إلى مدينته الأصلية الصويرة في دورته الخامسة    اجتماعات بالرباط للجنة التقنية ولجنة تسيير مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي    الطبخ المغربي يتألق في واشنطن.. المغرب يحصد جائزة لجنة التحكيم في "تحدي سفراء الطهاة 2025"                تونس في عهد سعيّد .. دولة تُدار بالولاء وتُكمّم حتى أنفاس المساجين    تواصل الانتقادات لزيارة "أئمة الخيانة والعار" للكيان الصهيوني    فرنسا تدين طالبًا مغربيًا استبدل صور طلاب يهود بعلم فلسطين    أخرباش تحذر من مخاطر التضليل الرقمي على الانتخابات في زمن الذكاء الاصطناعي    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي إيجابي    أغنية "إنسى" لهند زيادي تحصد نسب مشاهدة قوية في أقل من 24 ساعة    عبد العزيز المودن .. الآسَفِي عاشِق التُّحف والتراث    الصين- أمريكا .. قراءة في خيارات الحرب والسلم    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    57 ألفا و823 شهيدا حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ بدء الحرب    عقوبات أميركية تطال قضاة ومحامين بالمحكمة الجنائية لإسقاط مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت    علماء ينجحون في تطوير دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لعدة سنوات    الدوري الماسي.. سفيان البقالي يفوز بسباق 3000م موانع في موناكو    من السامية إلى العُربانية .. جدل التصنيفات اللغوية ومخاطر التبسيط الإعلامي    "وول مارت" تستدعي 850 ألف عبوة مياه بسبب إصابات خطيرة في العين    باحثون بريطانيون يطورون دواء يؤخر الإصابة بداء السكري من النوع الأول    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيكولوجيا و البيداغوجيا أية علاقة؟

من الإشكالات المطروحة في المجال التربوي، تحديد العلاقة بين البيداغوجيا و السيكولوجيا ، فهل يمكن اعتبار البيداغوجيا إحدى تقنيات السيكولوجيا؟
إذا كانت المعطيات التي تقدمها السيكولوجيا يمكن توظيفها لإيجاد حلول للمشاكل التربوية، فمن البديهي أن هذه المشاكل قد تمت معالجتها تجريبيا قبل تكوين السيكولوجيا كعلم، والسيكولوجيا علم حديث قدم بعض الحلول للقضايا التربوية المستعصية، نظرا لكون مواضيع دراسة السيكولوجيا تتمحور بدورها حول سلوك الفرد وتكوينه، وفي الحقيقة وكما يقول بياجي PIAGET، إن الروح العامة للبحوث السيكولوجية، وفي غالب الأحيان مناهج الملاحظة والإختبار، التي انتقلت من الحقل العلمي الصرف إلى الحقل التجريبي المدرسي، هي التي أنعشت البيداغوجيا.
وبصفة عامة، ومن خلال هذا المنظور نجد أنفسنا أمام الإمكانيات الآتية فيما يتعلق بالتفاعل بين البيداغوجيا والسيكولوجيا:
• الممارسة التربوية هي التي أبرزت عن طريق التجريب مناهجها.
• المناهج البيداغوجية انطلقت من القواعد الموضوعة من طرف السيكولوجيا العلمية.
• تطبيق المناهج العلمية السيكولوجية على البيداغوجيا سمح بتكوين المناهج البيداغوجية نفسها.
وانطلاقا من هذه الملاحظات يمكن القول أن المصادر الثلاثة المشار إليها قد تدخلت في تكوين المناهج البيداغوجية، والوضع الحالي للبيداغوجيا والسيكولوجيا يدفع إلى طرح تساؤلات أهمها: ما الأهمية الخاصة لكل منهما؟ وما العلاقة التي تربط بينهما؟
من المؤكد أن بعض المبادئ المؤسسة للمناهج البيداغوجية التقليدية لا تستمد تصورها في الحقيقة من سيكولوجيا واضحة، متناسقة وواعية بنفسها، ومع ذلك، ليس مستحيلا أن نقارنها ضمنيا بعناصر سيكولوجية واضحة المعالم والإتجاهات. وفي هذه الحالة، فإن التيارات السيكولوجية المرتبطة بالمناهج التقليدية تتحدد في عدة قطاعات وتوجهات تشكل العلاقة الأساسية بين السيكولوجيا والبيداغوجيا.
تتجلى العلاقة بين السيكولوجيا والبيداغوجيا في اعتماد البيداغوجيا على معطيات وتصورات السيكولوجيا في بناء الأنشطة التعليمية والمناهج الدراسية وتحديد كفايات التعلم والأهداف التربوية وغيرها، إلا أن هذه العلاقة ليست مباشرة وسهلة، فالسيكولوجيا علم، أو تريد أن تكتسب صفات التصور العلمي الذي يطمح إلى التعريف بالأشياء كما هي في مكوناتها، لا ماينبغي أن تكون عليه بينما البيداغوجيا على العكس من ذلك، تسعى دائما إلى تحقيق هدف معين، هو تغيير فرد ما إلى كائن اجتماعي متوازن ومفيد في نفس الآن.
فالعلاقة بين السيكولوجيا والبيداغوجيا ليست علاقة بين نظرية وطريقة تطبيقها، أو علاقة بين المبادئ ونتائجها. فالسيكولوجيا لا يمكنها أن تملي على البيداغوجيا أهداف معينة، ولكن بإمكانها في رسمها لحدود الممكن وحدود المستحيل في مجال التكوين السيكولوجي للفرد، والكشف عن العلاقة الموجودة بالضرورة بين الأسباب والنتائج في مجال التكوين الفكري للفرد، أن تسمح للبيداغوجي بالعمل والتدخل في سيرورة تكوين الفرد في إطار معرفته لهذه العلاقات والأسباب والنتائج التي تحددها السيكولوجيا في مجال بحثها ودراستها.
وفي المقابل، لا يمكن أن نتجاهل كذلك أن العمل البيداغوجي وتقنياته له تأثير ديناميكي وحيوي على السيكولوجيا بفضل المشاكل التي تطرحها البيداغوجيا، والملاحظات التي تراكمها، والحقيقات أو التفنيذات التي تقدمها لتصورات وقضايا السيكولوجيا، ومن هذه الزاوية يمكن اعتبار البيداغوجيا المجال التطبيقي لتصورات السيكولوجيا وخصوصا في مجال التعلم والنمو الفكري.
ويؤكد بياجي PIAGET أن السيكولوجيا تقدم للبيداغوجيا اسهامات أساسية في ثلاث نقط هي: طبيعة الذكاء أو المعرفة، ودور التجربة في تكوين النظريات، ثم ميكانيزمات التواصل الإجتماعي أو اللغوي من الراشد إلى الطفل وهذه النقط تحدد المجال الذي يتبادل فيه السيكولوجيون والبيداغوجيون تجاربهم ومهاراتهم، وعندما يوضح بياجي، من وجهة نظر سيكولوجية، أن الوظائف الأساسية للذكاء تتجلى في الفهم والإبتكار، وبعبارة أخرى في تكوين البنيات عن طريق إعادة تشكيل الواقع، فهذه النتائج تهم مباشرة البيداغوجي الذي يعرف صدى هذا التصور في العملية التربوية وأنشطتها المختلفة، ويبدو في الواقع أن وظيفتي الفهم والابتكار متلازمتان وغير منفصلتين عن بعضها البعض، لأنه من أجل فهم ظاهرة ما، أو حدث معين، ينبغي إعادة تركيب مكونات هذا الحدث أو هذه الظاهرة، والتي هي في الأساس من نتائج تكونهما، وإعادة تشكيل بنية الأشياء و إبراز تحولاتها، يفرض بالضرورة جزءا من الابتكار والتجديد.
وعندما يضع السيكولوجي مختلف قوانين التعلم:\" قانون الإكتساب، وقانون النسيان\" ، فإن ذلك يثير اهتمام البيداغوجيين الذين يعرفون أن جانبا من أهداف البيداغوجيا هو العمل على التلقين، والعمل على الحفاظ على المكتسبات المعرفية، والبحث في جعل تدخلاتهم ناجعة قدر الإمكان في مجال الممارسة التربوية، واعتمادا على بعض التصورات التي تقدمها السيكولوجيا في مجال التكوين والتطور والاكتساب وغيرها من مباحث السيكولوجي، وأخيرا عندما تهدف السيكولوجيا والسيكوسوسيولوجيا إلى البحث في طرائق التواصل بين الأفراد أو الجماعات بمختلف أنواعها، حسب ظروف معينة، وحسب وضعية الجماعات المستهدفة، فإن البيداغوجي يستخلص من أبحاث السيكولوجيا دروسا مفيدة تساهم في إغناء العمل البيداغوجي وتطويره.
فالمدرس مثلا يكتسب من أبحاث فرويد FREUD وغيره من علماء النفس طبيعة المؤثرات التي تتحكم في العلاقة بين المدرس وتلاميذه، وتأثيرها على تكوينهم أكثر مما تؤثر فيهم محتويات الدروس الملقنة لهم، والرسائل التي يوصلها المدرسون إليهم. فالعلاقة بين المدرس والتلاميذ تجد مجالها الخصب في أبحاث السيكولوجيا التي تؤكد بأن القسم مثلا، ليس فضاء محايدا، فهو مكان رمزي يحتل مكانة تتلاقى فيها كل عوامل العلاقات الأسرية والإجتماعية، على اعتبار أن مكانة المدرس في الفصل هي بمثابة مكانة الأب في الأسرة، بالإضافة إلى كونه يكتسب السلطة والمعرفة.
ويبدو أن وجهة النظر السيكولوجية المطبقة في المجال البيداغوجي قد سمحت بالوصول إلى طرائق واختيارات مختلفة في التعامل مع المتعلم منها:
• تحديد الطريقة الذي يتلقى بها الفرد تعليمه، هكذا يتم تكوين جماعات متجانسة قدر الإمكان، ثم تطبيق مناهج تربوية مختلفة في ظروف متطابقة، ثم القيام بمقارنة درجة الإنجاز والتمكن من الاستيعاب.
• إدراج وجهة نظر السيكولوجيا في العمل التربوي يمكن أن يتحقق بعدة طرائق، فالمعرفة السيكولوجية قادرة على توضيح ودعم العمل التربوي على عدة مستويات منها الإشارة إلى أن المتعلم في سياق تعلمه يكون قادرا على التكيف مع العالم الذي يعيش في كنفه، وإنجاز الأعمال التي توكل إليه مع الحرص أثناء تمدرسه على أن يتوصل إلى المنافع التي يحققها هذا التكيف بكل يسر، وفي هذا المجال تلعب المعارف السيكولوجية دورها الأساسي، وبفضلها تكون المجهودات المطلوبة من المتعلم في مستوى قدراته الإدراكية، كما أن المناهج الموظفة تكون متوافقة مع مصالحه، مع التنصيص على ضرورة عدم غياب التنوع الذي يظهر في اختلاف الأذواق والمواقف.
إن تدخل السيكولوجيا في المواقف البيداغوجية، تكون له انعكاسات إيجابية، فأحيانا تعتبر بعض التوضيحات البيداغوجية مجرد فرضيات ينبغي التحقق منها، وبالتالي يتم التساؤل عن الطريقة السيكولوجية التي يمكن أن تساهم في توضيح هذه الفرضيات، وبذلك تلعب السيكولوجيا دورا أساسيا في سيرورة العمل البيداغوجي.
• المرجع المعتمد : السيكولوجيا والبيداغوجيا - منشورات صدى التضامن.
ذ.الكبير بن حديدو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.