استطاع المغرب تحقيق تقدم مهم في حرية الصحافة، إذ قفز 15 مركزا في التصنيف الجديد الخاص بوضعية الصحافة على المستوى العالمي لسنة 2024، ليحل بذلك في الرتبة 129 مقابل الرتبة 144 خلال التصنيف الخاص بسنة 2023. وحسب التصنيف الذي تعده منظمة "مراسلون بلا حدود" كل سنة، فقد حل المغرب في الرتبة الثالثة في منطقة شمال أفريقيا، وراء كل من موريتانيا وتونس، الحاصلتين على المركزين 33 و118 عالميا، باحترام التوالي. وباستثناء المغرب، لم تتمكن دول شمال أفريقيا الأخرى من تحقيق تقدم في هذا الصدد، بل تراجعت الجزائر، على سبيل المثال، بثلاث مراتب بعد أن وضعها تصنيف 2024 في الرتبة 139 عالميا، وتراجعت مصر ب 4 مراكز إلى الرتبة 170 عالميا. وفيما يتعلق بمؤشر السلامة والأمن المرفق بالتصنيف المذكور، الذي يقيس القدرة على تلقي المعلومات وجمعها ونشرها دون مواجهة خطر التعرض لأضرار ذات طبيعة مهنية، حل المغرب في الرتبة 123 عالميا، متقدما ب 16 مركزا مقارنة مع السنة الماضية، فيما حلت ليبيا ومصر في الرتبتين 133 و166 على التوالي. وكما الحال خلال السنوات الماضية، لم تخرج المراتب الأولى في حرية الصحافة على المستوى العالمي عن الدول الاسكندينافية، إذ جاءت النرويج في المقدمة، متبوعة بكل من الدنمارك والسويد، فيما ضمت قائمة الدول المتذيلة للترتيب كلا من روسيا والهند والصين، فضلا عن مصر والسودان اللتين تقبعان في المنطقة الحمراء بخصوص حرية الصحافة. وأوضحت "مراسلون بلا حدود" أن "حرية الصحافة تواجه على الصعيد العالمي تهديدات من السلطة السياسية، إذ تراجع المؤشر السياسي الذي يعد من بين المؤشرات الخمسة التي ينبني عليها التصنيف خلال سنة 2024 بواقع 7,6 نقاط، أي أكثر من جميع المؤشرات الأخرى". كما أقرت المنظمة الدولية ذاتها ب"تزايد عدد الحكومات والسلطات السياسية التي لا تؤدي دورها في توفير الإطار المتمثل في حرية الصحافة وحق المواطنين في الوصول إلى معلومات موثوقة ومستقلة ومتعددة"، مسجلة "وجود تدهور مقلق في دعم واحترام استقلالية وسائل الإعلام، بينما يقابل ذلك ارتفاع في الضغوط التي تمارسها الدول على مهنة الصحافة وأهلها". ولم تفوت "مراسلون بلا حدود" الفرصة دون التذكير بما تتعرض له الصحافة بالأراضي الفلسطينية، إذ أكدت أن "هذا العام يشهد على المستوى العالمي غيابا واضحا للإرادة السياسية لإنفاذ المبادئ المتعلقة بحماية الصحافيين، لا سيما قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2222، وذلك بعد أن قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 100 صحافي منذ أكتوبر 2023، مما جعل فلسطين ضمن قائمة الدول العشر الأخيرة في العالم على مستوى أمن الصحافيين وسلامتهم". وعلاقة بالانتخابات على المستوى العالمي، جاء ضمن التقرير ذاته أن "السنة الماضية شهدت وصول 'الوحوش السالبة لحرية الصحافة والتعددية الإعلامية' إلى السلطة، بما فيها الأرجنتين التي شهدت إغلاق أكبر وكالة للأنباء بالبلاد في بداية ولاية خافيير ميلي"، في وقت "تعرف الفترات الانتخابية أعمال عنف ضد الصحافيين، كما هو الحال في الكونغو ونيجيريا، بينما تواصل المجالس العسكرية بمالي وبوركينافاصو والنيجر تشديد قبضتها على وسائل الإعلام وإعاقة عمل الصحافيين". ولفتت "مراسلون بلاحدود" الانتباه ضمن تقريرها إلى أن "بعض الأحزاب السياسية تغذي مناخا يتسم بالكراهية ضد الصحافيين وعدم الثقة فيهم من خلال التحريض عليهم أو تهديدهم أو تشويه سمعتهم، بينما الدوائر السياسية في بعض البلدان تسعى إلى تشديد الخناق على المنظومة الإعلامية، كما هو الحال بإيطاليا التي يسعى فيها برلماني إلى الاستحواذ على ثاني أكبر وكالة أنباء في البلاد".