عبرت رابطة الأمل للطفولة المغربية عن قلقها مما سمته "التركيز المبالغ فيه على محور التربية الجنسية والصحة الإنجابية للمراهق" في مجموعة من المضامين التي تم تداولها في لقاء ببوزنيقة، أيام 17 و18 و19 أبريل الجاري، لتكوين مكوني الدرجة الثانية للفئة العمرية من 15 إلى 18 سنة. ودعت الرابطة، في بيان لها توصلت هسبريس بنسخة منه، الوزارة الوصية والجامعة الوطنية للتخييم وعموم الجمعيات المنخرطة في الدورة الربيعية، وكذا الأطر الساهرة على تنظيم وتأطير فعاليات تدريب المنشط التربوي لفئة المراهقين، إلى "التعامل الحذر مع مجموعة من المضامين، خاصة المرتبطة بمحور التربية الجنسية والصحة الإنجابية، التي تخالف بشكل صريح المقتضيات الدستورية والقوانين الجنائية وكذا منظومة القيم الوطنية". واعتبرت الرابطة التي تضم العشرات من الجمعيات أن مضامين التدريب "فيها ما يخالف بشكل صريح المرتكز الأول لبرنامج تحديث منظومة مسلسل التكوين القائم على الهوية الوطنية والدينية والثقافية المغربية"؛ وطالبت ب"حذف ومراجعة المضامين المخالفة للمقتضيات المشار إليها". وأشار البيان إلى أن "العرض الأول به ما يخالف بشكل صريح الفصول 483 إلى 496 من المجموعة الجنائية تحت عنوان 'في انتهاك الأدب'، والفصول 497 إلى 504 تحت عنوان 'إفساد الشباب وفي البغاء'"، موردا مقتطفات مثل: "إدماج التمثلات الاجتماعية للعلاقات الجنسية في برامج التربية الجنسية (ص:8)، وإيجابيات الممارسة الجنسية المنتظمة على الصحة (ص:14)، وعلاقة نقص ممارسة الجنس والعنف الجنسي (ص:16)؛ واحترام حرية الجسد والمجال الخصوصي، اعتراف باستقلالية الجسد (ص:20)". وفيما سجلت الرابطة أن مضامين العرض الثاني تخالف مقتضيات الفصلين 449 و453 من القانون الجنائي، أوردت المقتطفين: "تطوير تقنيات محسنة وإجراء التدخلات لجعل الإجهاض أكثر أمانا ...والمساعدة في وضع برامج وسياسات تحسن إمكانية الحصول على الإجهاض الآمن (ص:7)؛ وعلاقات جنسية دون احتياطات كمشكل صحي لتكون التربية الجنسية كحل للمشكل تنزل في إطار برامج وأنشطة (ص:13)". وتعليقا على هذه الانتقادات والملاحظات قال محمد كليوين، رئيس الجامعة الوطنية للتخييم، التي تمثل شريكا أساسيا لوزارة الثقافة والشباب والتواصل: "إن برامج ومضامين التكوينات مرتبطة بالقطاع الوصي، وهو المسؤول عنها بحكم المرسوم الذي أصدرته الوزارة، ونحن نشارك فيها على مستوى التأطير والتكوين والتنزيل". وأضاف كليوين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "تجويد المضامين يأتي انطلاقا من حاجيات الفئات المستهدفة، وما يعبر عنه البعض حولها في بيانات هنا وهناك يبين أنهم لا يفهمون حتى المنظومة"، وتابع موضحا أن العروض التي تم الحديث عنها "ليست موجهة للأطفال ولا اليافعين، وإنما للمؤطرين والمكونين الذين يستفيدون من تدريب الدرجة الثانية، وهم شباب عمرهم يتجاوز 20 سنة، وعندهم مسار تكويني"، مشددا على أن المضامين المذكورة "لن تناقش مع الأطفال أو اليافعين، بل هي تكوينات خاصة بالأطر الذين سيسهرون على تكوين اليافعين". وزاد المتحدث ذاته: "التربية الجنسية مطلب كان يرفعه العديد من الأطر ومجموعة من الجمعيات، وكان 'طابو' مغلق ولا يمكن أن نسكت عنه"، مبرزا أن "المؤطر لفئة اليافعين لا يمكن أن يؤطرهم وهو لا يفهم الحالة النفسية للمراهقين والتمثلات الجنسية التي يمتلكونها". وأشار رئيس الجامعة الوطنية للتخييم إلى أن المغرب شريك مع صندوق النقد الدولي وصندوق الأممالمتحدة وأهداف التنمية المستدامة، مردفا: "نشتغل على هذه الأمور في إطار شراكات القطاع الوصي مع منظمات دولية من أجل خلق توازن فكري ومعنوي وسيكولوجي"، ومؤكدا أن "المقررات الدراسية تتحدث عن التربية الجنسية وحتى الفقهاء ورجال الدين"، واستطرد: "العيب أن نناقش تلك المضامين مع طفل أو يافع لا يفهم هذه الأمور، فيما الأطر الذين سيشتغلون مع يافعين بعمر 15 و16 و17 سنة سيجدون تمثلات، وقد يواجهون التحرش والرغبة في العلاقة الجنسية عند هؤلاء، وهذا يحتم عليهم التسلح بالعلم، وكيفية التدخل لكبح هذه الرغبات حتى لا نسقط في انزلاقات". في السياق ذاته قال مصدر من قطاع الشباب ب"وزارة بنسعيد" إن "التكوين يزود الشباب بالمعرفة الضرورية حول جوانب الصحة الجنسية والإنجابية، ما يساعد في تقليل معدلات الحمل غير المخطط له والأمراض المنقولة جنسياً"، مؤكدا أنه "يساهم في خلق بيئة معرفية آمنة للمراهقين خلال فترة المخيم". وأضاف المصدر الذي لم يرغب في ذكر اسمه أن "التكوين في الصحة الجنسية يمنح الشباب القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحتهم الجنسية والإنجابية، ما يعزز استقلاليتهم وثقتهم في أنفسهم؛ وهذا يكون أكثر أهمية في بيئة المخيمات، حيث يمكن أن يكون التفاعل الاجتماعي أكثر تواتراً". "كما أن التعليم الجنسي يساهم في كسر الصمت المحيط بالمواضيع الجنسية والتناسلية، ويفتح المجال لنقاش صحي وبناء حول هذه القضايا"، يورد المتحدث ذاته، مؤكدا أنه "في بيئة المخيم يمكن لهذا أن يعزز من الحوار الإيجابي والدعم المتبادل بين الشباب". ومضى المصدر ذاته معددا مزايا التكوين في الصحة الجنسية والإنجابية، إذ "يساعد في توعية الشباب حول حقوقهم ويقوي قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم ضد العنف الجنسي والاستغلال"، موردا أن "تدريب المرافقين على هذه الجوانب يجهزهم للتعامل مع الحالات الطارئة بكفاءة ورعاية". "في بيئة المخيم، حيث يمر الشباب بتجارب وتحديات جديدة، يكون الدعم المعرفي حول الصحة الجنسية والإنجابية أمراً بالغ الأهمية"، يسجل المصدر عينه، معتبرا أن "توفير التدريب المناسب للمرافقين والمنشطين في هذه المجالات يضمن لهم القدرة على الدعم الفعال والمستنير لليافعين وللشباب، ما يساهم في تعزيز تجربة المخيم وتحقيق نتائج إيجابية في تطور الشباب".