لا أحد من الأطفال المغاربة لا يعرف موراتسي أو شاطئ الموت في عرفهم، لا أحد ممن أتى إلى هنا طفلا يحمل معه فقط براءته وأملا في تغيير واقع ألزمه قهرا، لا يعرف هذا الشاطئ الذي أخذ عددا لا يستهان به من الأطفال الذين استغلوا في بيع المخدرات، وهذا المكان هو الوجود الآمن لتجارة أطفال جاؤوا لواقع ظنوه جنة فوجدوا وضعا آخر، وضعا أعطاهم تأشيرة للمرور مباشرة للمسؤولية واتخاذ القرار ، أعطاهم تأشيرة للرجولة، دون شروط الطفولة أو ذاكرة تحتفظ على بعض اللعب يروي المهدي، واحد من أطفال كثر لم يتمتعوا بعد بربيعهم السابع عشر، واحد ممن أتى إلى هذه البلد سرا طمعا في تغيير الظروف والارتقاء، لم تهتم به العائلة التي نزل عندها بل أسعفه طريق آخر كان فيه أباطرة المخدرات يترصدون كل فريسة بريئة لاقتناصها، يروي المهدي حكاية صديقة الذي مات أمام عينيه، حينما طوقتهم الشرطة في نهر موراتسي وهم يبيعون المخدرات للمارة حاولوا الفرار فرمى مراد نفسه في النهر وتم القبض على المهدي واقتيد إلى السجن ولقى مراد الخلاص، هو ليس الأول وليس الأخير،يقول المهدي فقد مات قبله كثيرون منهم من دخل الأنابيب ومات من الاختناق ومنهم دخل الغيران وعاد جثة هامدة ومنهم من نجى من الموت واقتادته الشرطة إلى السجن ليتم الحكم عليه بثمانية أشهر لصغر سنه ويسلم لجمعية اجتماعية تحتضنه. "" وتعتبر ميلانو الحضن الآمن الذي ينزل فيه جل الأطفال المغاربة، وتسجل أكبر نسبة من الأطفال المغاربة المعرضين للاستغلال الجنسي كما حدث مع طفلة في السادسة عشرة من عمرها والتي احتضنتها جمعية الفنيق قبل أن تغادر خلسة، واستغلالهم في المتاجرة في المخدرات، ووجودهم هنا برضى أولياء أمرهم، لما لا وهم يشكلون دعما وسندا ماديا تعتمد عليه العائلة في المستقبل، كما أن الدولة الايطالية تأخذ على عاتقها توفير الوثائق للأطفال تحت السن القانوني والمتخلى عنهم، بالإضافة إلى الجمعيات التي تهتم بهم ومن بين هذه الجمعيات جمعية الفنيق التي تأسست سنة 2003 والتي يترأسها لينيو بيانكي وأعضاؤها دكاترة نفسانيين ورجال أعمال وتهتم بجمع كل الأطفال الذين يعيشون ظروفا صعبة غير قانونية وتهتم بهم من ناحية العيش والاكل والنوم والتدريس. فالقانون الايطالي يقرر عن طريق المحكمة إيذاع حق الاهتمام بصغار السن للمؤسسات الاجتماعية، التي تقوم بدورها بوضع الأطفال في مؤسسات خيرية تأخذ مكان العائلة في التربية والتعليم وإمكانيات العمل المتاحة مستقبلا. أطفال في ربيع الزهور هنا وبذاكرة الشيوخ، كل له حكاية طريفة وكل له مأساة خاصة، لم يكملوا تعليمهم هنا مع أن الجمعيات التي تحتضنهم تعطيهم الحق في إكمال الدراسة والبحث عن عمل بسيط تراعى فيه إمكانياتهم الجسدية والعمرية، لكن بعضهم لا يرضى بالشيئ البسيط لأن هدفهم واضح هو إعالة العائلة والغنى ولا تهم الطريقة، يفكرون بمعايير جاؤوا بها إلى هنا، معايير هي حتما التي اقتادتهم إلى هذا البلد لا في قراءة الواقع الجديد من زاوية التجربة والوجود فيه وبما أنهم أضعف فئة في المجتمع يمكن استغلالها فقد استغلوا بأبشع الأشكال لكونهم بدون سند عائلي ولا قانوني.. [email protected]