تستمر احتجاجات طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، موازاة مع استمرارهم في مقاطعة الدراسة؛ بينما شرعت إدارات الكليات في تفعيل عقوبات ضد عدد من الطلبة، وحلّ مكاتبهم ومنع أنشطتهم داخل الحرم الجامعي. أمام باب كلية الطب والصيدلة بالرباط، احتشد عشرات الطلبة، بعد زوال اليوم الخميس، في وقفة جددوا فيها تشبثهم بمطالبهم التي تهمّ أساسا رفض تخفيض سنوات الدراسة من سبع إلى ست سنوات، ورفض زيادة عدد الوافدين على الكليات، بداعي أن ذلك يرفع نسبة الاكتظاظ، إضافة إلى هيكلة السلك الثالث. وخلال الوقفة الاحتجاجية، ردد الطلبة شعارات عبروا فيها عن استمرارهم في نهج أسلوب الاحتجاج على "غياب الحوار" من طرف الوزارتين الوصيتين (وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية). وصدحت حناجر الطلبة بشعارات منتقدة للوازرتين ولعمداء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، مؤكدين أنهم "لن يهابوا القمعة الوزارية"، "ولن يستسلموا" وأنهم "معركتهم النضالية ماضية إلى الأمام". وتضمنت الكلمات التي ألقاها الطلبة خلال الوقفة الاحتجاجية التعبير عن "الرفض القاطع للقمع والتهميش"، مؤكدين أنهم "أهل الحوار"، في إشارة إلى تحميل مسؤولية غياب حلول للوزارتين. وحظي الطلبة المحتجون بمؤازرة ومساندة عدد من آبائهم وأمهاتهم. وقالت إحدى الأمهات خلال تناولها للكلمة: "نحن معكم دائما إلى آخر رمق". ويأتي احتجاج طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان في ظل تزايد الاحتقان بينهم وبين الكليات التي شرعت في اتخاذ إجراءات بحظر أنشطتهم داخل المؤسسات. وأصدرت رئاستا جامعة محمد الخامس الرباط وجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بعد استشارة مع عمادتي الكلّيتين، مقررين بحلّ مكاتب الطلبة وطلبة الطب والصيدلة وبحظر جميع أنشطتها داخل الجامعة، ابتداء من 19 مارس الجاري. واستندت الإدارات الجامعية التي قررت حلّ مكاتب الطلبة وحظر جميع أنشطتها إلى مقتضيات القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي. وتوصل عدد من طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان باستدعاءات من طرف إدارات الكليات التي يدرسون بها للمثول أمام المجالس التأديبية، وهو ما اعتبره زملاؤهم "قرارا غير عادل". ووصل الأمر إلى توقيف ممثلي الطلبة في وجدة لمدة عامين، بداعي تحريض الطلبة على الإضراب. وكخطوة لإبعاد تهمة "التحريض" عن زملائهم الموقوفين، لجأ الطلبة المحتجون إلى توقيع "إشهادات" فردية مصححة الإمضاء، يشهدون فيها بأنهم منخرطون في المقاطعة المفتوحة للدراسة والامتحانات بشكل إرادي. ويشهد كل طالب على نفسه في الإشهادات التي سيتم تقديمها إلى إدارات الكليات بأن انخراطه في المقاطعة المفتوحة "كان بمحض إرادتي الخاصة، ومن تلقاء نفسي وبعد التصويت على الملف المطلبي أولا، ثم الدفاع عنه عبر الخروج في مقاطعة مفتوحة ثانيا، وأنفي أنه تم تحريضي من طرف أية جهة". ويأمل آباء وأمهات الطلبة أن يتم حل ملف أبنائهم، منتقدين غياب الحوار من طرف الوزارتين الوصيتين. في هذا الإطار، قال والد طالبة في كلية الطب والصيدلة بالرباط: "هناك غياب للتواصل ولحوار صريح من طرف المسؤولين على صعيد وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي"، معتبرا أن المطالب التي يرفعها الطلبة "مشروعة". ونفى المتحدث ذاته أن يكون الطلبة مدفوعين إلى الاحتجاج من طرف جهة ما، قائلا: "ممثلو الطلبة تم انتخابهم من طرف زملائهم، وليست هناك أية جهة تحرضهم على الاحتجاج". وما زال الطلبة متشبثين بمقاطعة الدراسة رغم قرار وزارة التعليم العالي ترسيب الذين لم يجتازوا الامتحانات، في انتظار إجراء الدورة الاستدراكية؛ وهو ما أكدته طالبة بالقول: "نحن لا نريد أن تكون هذه السنة سنة بيضاء؛ ولكن السنة البيضاء أحسن من مستقبل أسود.. ونتمنى ألا نصل إلى ذلك، وأن يتم حل ملفنا في أقرب وقت".