رحم الله أستاذي أحمد صميد، الذي كان حين يفتح لنا بابا للنقاش الجاد في الفصل، ونحن في مرحلة الإعدادي في الثمانينيات من القرن الماضي، حول بعض المواضيع في "كرسي الاعتراف". كانت كل الأسئلة متوقعة من الجالس، سواء كان ذكرا أو أنثى. كان بعض المشاكسين في القسم يطرحون أسئلة خارج الموضوع؛ بل أسئلة مستفزة إلى درجة كانت تدفع الأستاذ صميد إلى التدخل مرارا بالقول: "لا تأكلوا الورود". ولغباء البعض، الذي لم يفهم المعنى من مقولة الأستاذ المحترم، أصر على أن يبقى من "أكلة الورود". واليوم، وبعد مرور كل هذا الزمن، فإن أكلة الورود ما زلنا نصادفهم في الفضاء العام كما نصادفهم في أماكن العمل كما في العالم الافتراضي؛ ففي المقهى كفضاء عام هناك من يطلق العنان للسانه السليط للتشدق بعبارات لا أخلاقية غير مبال بمن حوله من الناس الطالبين للخلود للراحة واحتساء فنجان شاي أو قهوة والاستراحة العابرة من سفر أو عمل أو طلبا للطمأنينة الذاتية، فتجد ذاك الشخص وقد أخذته العزة بالإثم فيشتم هذا وينتهك عرض ذاك. أما في وسائل النقل العمومية كالقطارات فغالبا ما يفرض عليك هذا النوع من تلك الطينة شخصيته وما عليك إلا أن تنصت للموسيقى التي يستمع إليها من هاتفه النقال، أو أن يجعلك تستمع لحوار ساقط مع عشيقته، أو لسباب مع طليقته، أو لعبارات سوقية مع أقرانه أو.... ما لا يخطر لك على بال. أما في العالم الافتراضي فسوق أكلة الورود أصبحت تجارتها رائجة، وتلقى القبول وعليها الطلب، ويا ويح من يدخل في نقاش معهم دون حساب فيتعرض للتشهير والسباب، فنجانا الله وأنجاكم من أكلة الورود في مجموعات "الوات- ساب". أكلة الورود في كل مكان، وما علينا إلا أن نبتعد عن الورود حتى لا نأكل كما أكلت.