استنفرت فواتير خدمات وتجهيزات واردة في تصريحات مقاولات مستفيدة من دعم مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرامج دعم عمومي أخرى عبر بنوك، من قبيل "انطلاقة" و"دعم أوكسجين"، مصالح المراقبة والتحصيل التابعة للمديرية العامة للضرائب، بعدما تعدد وجودها في تصريحات ملزمين، وتنوعت مجالات استخدامها في تبرير تكاليف بمبالغ مالية مهمة. وأفادت مصادر مطلعة بأن تحريات الضرائب، عبر مسطرة المراقبة على الورق، كشفت عن قائمة من 21 شركة متخصصة في صناعة "الفواتير المزورة" بالدارالبيضاء، وتتوفر على حسابات جارية في بنوك مختلفة. وأوضحت المصادر ذاتها أن الشركات سالفة الذكر تسوّق تحت الطلب فواتير ووثائق إدارية، مثل شهادات الخبرة والعمل؛ وذلك مقابل عمولة تتجاوز 3 في المائة من قيمة العملية المراد فوترتها، سواء تعلق الأمر بسلعة أو خدمة. وأضافت مصادر هسبريس أن الشركات المرصودة من قبل مراقبي الضرائب يدبر وضعيتها الجبائية محاسب وحيد، بالاستشارة مع إطار بنكي متقاعد، ويحصلان مبالغ مالية مهمة عن كل عملية ينجزانها بواسطة الشركات المعدة لإنتاج الفواتير، مؤكدة أن هذه الشركات تخضع لنظام "الشركات ذات المسؤولية المحدودة" ولا تتوفر على مقرات اجتماعية مادية وإنما جرى توطينها Domiciliation لدى مكاتب محاسبة مختلفة. واستغلت الشركات المشبوهة نشاطاتها القانونية، التي تم حصرها في البناء والأشغال والنسيج والألبسة وتجارة وتوزيع الأجهزة المعلوماتية، إضافة إلى التجارة العامة société de négoce، لغاية توزيع فواتير بمبالغ مالية مهمة لا تتجاوز 30 ألف درهم كحد أقصى، لغاية عدم إثارة شبهات مصالح المراقبة، حيث يعمل المحاسب على توزيع فواتير المشتريات والتكاليف على عدد كبير من الشركات وبمبالغ مالية منخفضة؛ وذلك ضمن طلبات الحصول على القروض، وحتى عند تبرير النفقات ضمن التصاريح الجبائية الدورية. ويعمد المحاسب، حسب التحريات الأولية لمصالح المراقبة الضريبية، على البحث في مواقع شركات التجارة الوطنية والعالمية عن التجهيزات وأسعارها، والحصول على أرقامها التسلسلية من أجل تضمينها في الفواتير المعدة بعناية، سواء تعلق الأمر بفواتير مؤقتة facture proforma أو نهائية، قبل تقديمها للزبون مقابل مبلغ عمولة متفق عليه، على أساس أداء البنك في حالة الاقتراض مقابلها، إذ يجري إرجاع قيمة الفاتورة إلى الزبون نقدا بعد خصم مبلغ العمولة المشار إليه. وشددت المصادر، في السياق ذاته، على تواصل مصالح المراقبة الجبائية مع مكاتب محاسبة وافتحاص في الدارالبيضاء خلال وقت سابق، على أساس إشعار زبنائها من الشركات لمناسبة إعداد الحصيلتين الماليتين نصف السنوية والسنوية، منبهة إياها بمستجد يهم رفض مديرية الضرائب احتساب قيمة فواتير مشبوهة ضمن خصومات النفقات والتكاليف. وأفادت إحدى هذه المراسلات بإعداد المديرية العامة للضرائب قائمة بأسماء شركات مشبوهة، لا تتوفر على نشاط اقتصادي فعلي على أرض الواقع، فيما تروج فواتير باسمها في السوق، إذ حذر المحاسبون زبناءهم في هذا الشأن من أن القائمة المتوفرة على الموقع الإلكتروني للضرائب، والتي سيسمح لكل مقاولة تتوفر على حساب خاص بالاطلاع عليها، تحمل أرقام تعريف ضريبية موحدة ICE، حيث ستكون حاسمة في استبعاد الفواتير المزورة.