ولاية أمن طنجة تتفاعل بجدية كبيرة مع فيديو يوثق لاعتداء على سيدة بالشارع العام    من هو عثمان البلوطي بارون الكوكايين المغربي الذي أثار الجدل بعد اعتقاله في دبي؟    كوريا الجنوبية: إعلان حالة الطوارئ وإغلاق البرلمان في خطوة مثيرة للجدل    رسميا.. الوداد الرياضي يعلن تعاقده مع بنعبيشة لشغل مهمة المدير التقني        السجن مدى الحياة لسفاح تلميذات صفرو    اتفاق بين البرلمانين المغربي والأوروبي    التوفيق: الوزارة تواكب التأطير الديني للجالية .. ومساجد المملكة تتجاوز 51 ألفًا    ديباجة قانون الإضراب تثير الجدل .. والسكوري يتسلح بالقضاء الدستوري    تداولات الإغلاق في بورصة الدار البيضاء    انعقاد الاجتماع ال 22 للجنة العسكرية المختلطة المغربية-الفرنسية بالرباط    بوريطة يرحب بقرار وقف إطلاق النار في لبنان ويدعو إلى احترامه مع ضرورة حل القضية الفلسطينية    حوادث السير تخلف 16 قتيلا في أسبوع    أخنوش يمثل جلالة الملك في قمة «المياه الواحدة» في الرياض        البواري: القطاع الفلاحي يواجه تحديا كبيرا ومخزون السدود الفلاحية ضعيف    الفنان المغربي المقتدر مصطفى الزعري يغادر مسرح الحياة        "الاعتداء" على مسؤول روسي يعزز دعوات تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية    إسرائيل تهدد ب "التوغل" في العمق اللبناني في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار    مطالب بفتح تحقيق في التدبير المالي لمديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية    طائرة خاصة تنقل نهضة بركان صوب جنوب أفريقيا الجمعة القادم تأهبا لمواجهة ستينبوش    الأمم المتحدة: كلفة الجفاف تبلغ 300 مليار دولار سنويا    إنتخاب عبد الحميد أبرشان رئيسا جديدا لمقاطعة طنجة المدينة    رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الفنان المسرحي الكبير مصطفى الزعري ينتقل إلى جوار ربه    التامني: استمرار ارتفاع أسعار المواد البترولية بالمغرب يؤكد تغول وجشع لوبي المحروقات    حدث نادر في تاريخ الكرة.. آشلي يونج يواجه ابنه في كأس الاتحاد الإنجليزي    النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام تستمر في إضرابها الوطني للأسبوع الثالث على التوالي    تصريحات مثيرة حول اعتناق رونالدو الإسلام في السعودية        رحيل أسطورة التنس الأسترالي نيل فريزر عن 91 عاما    جبهة دعم فلسطين تسجل خروج أزيد من 30 مدينة مغربية تضامنا مع الفلسطينيين وتدين القمع الذي تعرض له المحتجون    حماس وفتح تتفقان على "إدارة غزة"    أمريكا تقيد تصدير رقائق إلى الصين    المضمون ‬العميق ‬للتضامن ‬مع ‬الشعب ‬الفلسطيني    فن اللغا والسجية.. الفيلم المغربي "الوترة"/ حربا وفن الحلقة/ سيمفونية الوتار (فيديو)    مزاد بريطاني يروج لوثائق متسببة في نهاية فرقة "بيتلز"    فريق طبي: 8 أكواب من الماء يوميا تحافظ على الصحة    ترامب يهدد الشرق الأوسط ب"الجحيم" إذا لم يٌطلق سراح الأسرى الإسرائليين قبل 20 يناير    فيديو: تكريم حار للمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    مزور: التاجر الصغير يهيمن على 80 في المائة من السوق الوطنية لتجارة القرب    أسعار الذهب ترتفع مع تزايد التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية    مهرجان مراكش للسينما يواصل استقبال مشاهير الفن السابع (فيديو)    وزيرة: ليالي المبيت للسياحة الداخلية تمثل 30 مليون ليلة    برلين.. صندوق الإيداع والتدبير والبنك الألماني للتنمية يعززان شراكتهما الاستراتيجية    القضاء يحرم ماسك من "مكافأة سخية"    شعراء وإعلاميون يكرمون سعيد كوبريت    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    دراسة: تناول كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة قد يزيد من خطر الإصابة بمرض الصدفية    وجدة والناظور تستحوذان على نصف سكان جهة الشرق وفق إحصائيات 2024    فقدان البصر يقلص حضور المغني البريطاني إلتون جون    التغيرات الطارئة على "الشامة" تنذر بوجود سرطان الجلد    استخلاص مصاريف الحج بالنسبة للمسجلين في لوائح الانتظار من 09 إلى 13 دجنبر المقبل    هذا تاريخ المرحلة الثانية من استخلاص مصاريف الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام الجزائري .. ظالم يدعي المظلومية
نشر في هسبريس يوم 15 - 02 - 2024

منذ نشأة دولة الجزائر عام 1962 بالحدود التي أريد لها أن تكون مخالفة لأصل المساحة التي كان عليها من قبل ذلك الإقليم، وفي أعقاب الانقلاب الذي وقع على الحكومة المؤقتة للزعيم الوطني فرحات عباس من طرف ضباط الجيش الجزائري بقيادة الهواري بومدين، عمد النظام الجزائري الجديد آنذاك إلى أن يستغل هذا المولود الجديد وأن يتملص ويتنكر من تلك الالتزامات التي كانت الحكومة المؤقتة قد أخذتها على عاتقها تجاه المغرب، بتسوية المشكل الذي كان من ورائه الاستعمار الفرنسي حينما كان يرى في الجزائر وإلى الأبد امتدادا للتراب لفرنسي باعتبارها مقاطعة فرنسية لما وراء البحار. ولخدمة هذه الوضعية المجحفة وأبعادها الجيو استراتيجية عمدت فرنسا آنذاك إلى إلحاق الحيف بنهج خطايا تاريخية في حق الدول المجاورة باقتطاع أجزاء من أراضيها وضمها إلى الكيان الذي أنشأته باريس بشهادة ميلاد أطلقت عليه اسم "الجزائر".
ولأن الجزائر في حدودها الحالية ما هي إلا صنيعة فرنسا، سارع نظامها على الفور بعد انقلاب عسكري إلى الإعلان عن مبدأ استعماري يعترف فيه بهذه الولادة القيصرية غير الشرعية بادعاء أن الحدود الموروثة عن الاستعمار بأنها مقدسة ولا يجب المساس بها. ولمعرفة بشاعة وهول هذه الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق كل من المغرب وتونس وليبيا ودولة ومالي والنيجر، يجب التأكيد على أن جغرافية المنطقة ما قبل مجيء الاستعمار الفرنسي، كانت مساحة إقليم الجزائر عام 1870 محدودة عند ما يسمى حاليا بالعاصمة وضواحيها، أي بحوالي 500 كلم مربع بدلا من المساحة الحالية ذات البطن المنتفخ والتي تزيد عن 2 مليون كلم مربع وهي أكبر مساحة صنعت في القارة الإفريقية على الإطلاق.
من دون شك أن هذه "العجنة" التي عجنتها أيادي الاستعمار ستظل متحكمة في منهجية وسلوكيات النظام على مدى ستة عقود وإلى يومنا هذا من خلال اتباع سياسة معادية لكل دول الجوار المتضررة على قاعدة ما هو متداول وهي أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم. النظام الجزائري يعلم مسبقا أن ما أوكل إليه فهو من باب الباطل وإجحاف بحقوق الآخرين. وللتستر على كل ذلك ينهج اليوم سياسة المظلومية ويحاول أن يوهم الشعب الجزائري الشقيق بأن الجزائر مستهدفة وأن المغرب ودول الساحل كلها دول تريد النيل من أمن واستقرار الجزائر. هذه الادعاءات يحاول النظام الجزائري أن يروج لها لأنه ليست له قاعدة شرعية يمكن أن يقنع بها الناس ويؤطرهم. فالنظام المارق هو وباء على شعبه كما هو وباء على دول الجوار.
هذا النظام الذي يشتكي المظلومية هو الذي يمارس الظلم على أرض الواقع بمحاصرة الدول المعنية في دائرة ضيقة، وإبقائها في دائرة الدفاع عن النفس وعدم السماح لها بالملاحقة والهجوم الذي يخشى النظام الجزائري تبعاته متى تحررت تلك الدول من عقالها ومن انحصارها في مرابضها. فالنزاع الذي افتعله النظام الجزائري على مدى نصف قرن ضدا في استكمل المغرب لوحدته الترابية يندرج في سياق محاصرة المغرب ومنازعته في أقاليمه الجنوبية كي يبقى منشغلا بذلك النزاع، بنية عدم إفساح المجال للمغرب كي لا يمر إلى السرعة القصوى في اتجاه المطالبة بحقوقه التاريخية في أراضيه التي بترت منه وهو ما يعرف بالصحراء الشرقية. وإن كان هذا هو الأساس الذي تبني عليه الدبلوماسية الجزائرية عداءها للمغرب، فهي تحاول كذلك لخدمة هذا الغرض أن تغذي هذا العداء بالباطل والبهتان واتهامه بالتواطؤ مع دول عربية وأخرى لزعزعة استقرار الجزائر.
كذلك هو التعاطي نفسه مع ليبيا، لكن في سياقات مختلفة. ذلك أن النظام الجزائري له قراءات خاصة به في ما يتعلق بالأزمة في ليبيا. ظاهريا يدعي الحياد لكنه يبدي على العكس من ذلك توجسا من تداعيات الأزمة على أوضاعه الداخلية الهشة. كما لا يريد لبعض الأطراف وعلى رأسهم المغرب أن تنجح في مساعيها لرأب الصدع بين الأطراف الليبية المتصارعة اعتقادا منه أن نجاح الوساطة المغربية قد ينعكس سلبا على ما يراه من نفوذ جزائري في المنطقة. الموقف نفسه، يتخذه النظام الجزائري من الأدوار التي تتولاها دولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى النقيض من ذلك حاولت الجزائر أن تجد لنفسها مكانا في زحمة الوساطات العربية والأجنبية لكن محاولاتها قوبلت برفض من كل الأطراف الليبية لعدم ثقتها بالأدوار الجزائرية وكذلك بسبب نزاعات مؤجلة مع الجزائر على خلفية استيلاء هذه الأخيرة على أراض ليبية سبق للرئيس معمر القذافي أن طالب بها.
وكذلك بالنسبة لتونس التي يتعامل معها النظام الجزائري بسياسة إما الجزرة أو العصا. فالحاكم الحالي لتونس الرئيس قيس سعيد ليس له أمام الأفق المنغلق إلا أن يكون ذلك الذي يصدق عليه القول "مجبرا أخوك لا بطل" بقبول بيعه للذمم والرشاوى لقطع الطريق عن قيادات تونسية وطنية عصية على أن تكون أداة طيعة في يد نظام الثكنات. وهي قيادات لا تثق هي الأخرى في النظام الجزائري كما هي جاهزة ولها من الوطنية ما يؤهلها بكل جدارة للمطالبة باستعادة الحقوق الشرعية والتاريخية لتونس من الجزائر.
دول الساحل التي تبتز اليوم من طرف النظام الجزائري في أمنها واستقرارها وفي قراراتها السيادية، تعيش مع هذا النظام الجزائري تحديات وتدخلات سافرة في شأنها الداخلي من خلال عمليات تحريض مكشوفة في كل من دولتي مالي والنيجر. البيان الذي أصدرته الخارجية الجزائرية في الشهر المنصرم ردا على "قرار باماكو" بإلغاء العمل بالاتفاق المعروف "بإعلان الجزائر"، يكشف بكل وضوح أن النظام الجزائري هدد بإذكاء نار الفتنة بين الفرقاء الماليين من خلال تسخير بعض شيوخ الطوارق للتمرد على السلطة الحاكمة التي لا يرضى عنها النظام الجزائري. وهو السيناريو نفسه يكاد أن يتكرر بالمشهد نفسه مع دولة النيجر.
كثيرة هي الواجهات التي يجر النظام الجزائري نفسه إليها بنية فرض هيمنته ووصايته على كل هذه الدول لوضعها تحت إبطه. وهي في واقع الأمر صراعات مؤجلة قابلة للانفجار بين لحظة وأخرى مادام هذا النظام يمعن في الاستفزاز والتدخل في الشؤون الداخلية ومادام هناك امتناع يظهره ذلك النظام في تصحيح الأخطاء التاريخية. ولمواجهة هذه التحديات وهذه الإشكالات وجب على دول المنطقة المعنية أن توحد سياساتها تجاه الغطرسة الجزائرية وأن تنسق المواقف في ما بينها، من خلال التوجه إلى المنتظم الدولي وفي مقدمتها محكمة العدل الدولية لاستعادة الحقوق التي سلبت من أصحابها ظلما وعدوان في الحقبة الاستعمارية، والتي تتسبب في أزمات تطال كيانات الدول لوجود اختلالات إثنية وعرقية ممزقة الأشلاء على حدود الدول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.