امتدت حالة الانقسام التي يشهدها لشارع المصري إلى برنامج الإعلامي الساخر باسم يوسف "البرنامج"، حيث تباينت الآراء حول الحلقة الأولى منه التي بثت الجمعة على قناة "إم بي سي مصر" السعودية الخاصة، بعد توقفه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث أعلنت فضائية "سي بي سي" المصرية الخاصة، حينها، وقفه ل"مخالفته سياسة القناة"، على حد قول إدارة القناة. وكشف رصد قام به مراسل وكالة الأناضول أن الحلقة، التي بلغت مدتها 72 دقيقة، تضمنت الإشارة لما أطلق عليه مراقبون ل "الظاهرة السيساوية" أو "الهوس الشعبي بوزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي" بشكل صريح 72 مرة، غير الإشارات الضمنية والتلميحية، مقابل 13 إشارة صريحة لفترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي. "عودة مهمة" كان تعليق حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) قائلا: "عودة باسم يوسف مهمه ليس فقط لمحبيه ولكن أيضا للحكومة الحالية ومؤيديها". وعبر تدوينة له علي صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أضاف: "مصر في حاجة لمعارضة قوية بنفس قدر حاجتها لحزب أو تحالف أحزاب يحكم، وفى الحقيقة مالا تحتاجه مصر هو النفاق". واختلف زين العابدين توفيق، الإعلامي بقناة الجزيرة القطرية، مع الرأي السابق قائلا: "كنت أتوقع أن أرى جرأته في انتقاد الحاكم الفعلي للبلاد (في إشارة إلى وزير الدفاع المصري من وجهة نظره) لكنه لم يفعل، وأحجز الحكم للحلقة المقبلة". وتابع في تدوينة عبر صفحته ب"فيس بوك "يظل الرجل (باسم يوسف) ممتعا طالما أنك لست في مرمى نيرانه، أو أنك من عينته، أنا كنت فاكر (أعتقد) إني من الناس دي (هذه) زمان. لكن حاليا نادرا ما يأتيني هذا الإحساس". بينما طالب مرتضي منصور، المحسوب على نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك (أطاحت به ثورة 25 يناير 2011) السلطات السعودية ب"وقف البرنامج الذي يقدمه باسم يوسف احتراما لشعب مصر"، بحسب مداخلة تليفزيونية علي إحدى القنوات الخاصة. وفي دعوى مقدمة للنائب العام المصري هشام بركات، أمس السبت، طالب محام يدعي رمضان الأقصري ب"وقف عرض البرنامج وغلق القناة لأنه يسيء إلى الرموز الوطنية"، وفق البلاغ. الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل، العضو السابق بجماعة الإخوان المسلمين، وأحد معارضي السلطات الحالية، امتدح عبر صفحته على "فيس بوك" حلقة باسم يوسف قائلا: "كل ما في الأمر ..أن باسم كان أمامه طريقان .. إما أن يطبل (ينافق) أو يسخر، فاختار السخرية حتي لا يفقد من أحبوه في هذه السخرية". واعتبر حسام الدين علي، مساعد رئيس حزب المؤتمر (مؤيد للسلطات الحالية) أن باسم يوسف "قام برد الاعتبار لضمير الثوره اللي (الذي) اتمرمغ (أهين) بين الوطنية (شعار مؤيدي السلطات الحالية) والشرعية (شعار مؤيدي مرسي)"، بحسب تدوينة له عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". الاتفاق والاختلاف حول باسم يوسف انتقل من الساسة والنشطاء إلى خبراء الاعلام، حيث قال الإعلامي المصري أيمن الصياد "لا شيء يستحق الجدل .. هذا إعلام (يقصد باسم يوسف) وهذه ممارسة لحرية الإعلام التي لن يجب أن تكون موضع جدل". وأضاف في تصريح خاص للأناضول "ليس معنى أن يرصد الإعلام قضايا سياسية، أن يتحول مضمونه إلى مادة خلافية، لأن من حق الإعلام أن يتطرق إلى كل شيء". واختلف محمود يوسف أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة مع الصياد قائلا :" باسم يوسف ظاهرة سلبية، كانت أداة تنقد في اتجاه وتصمت في اتجاه آخر". وفي تصريح لوكالة الأناضول قال: "باسم يوسف زعم أنه حمل لواء الحرية في مصر، وانتقد محمد مرسي عاما كاملا، بشدة ومباشرة، ولكن بعد 30 يونيو/ حزيران الماضي (التظاهرات المعارضة التي خرجت في ذلك التاريخ وأعقبها بأيام عزل مرسي)، أنا كأستاذ إعلام أراه لا يحمل مصداقية، مهما قدم من سخرية فهو للآن لم يفعل ما فعله مع مرسي من سخرية". أما باسم يوسف نفسه فقد رد على هذه التعليقات عبر حسابه في "تويتر" داعيا إلى "عدم تحميل البرنامج أكبر من حجمه، سواء من ناحية التوقعات أو الهجوم". وأعرب عن شكره لمن ساند البرنامج ومن يدافعون عنه متمنيا "ألا نقع في فخ المزايدة والعصبية، فلا شخص ولا برنامج يستحق أن نتعصب من أجله". واعتبر الهجوم والاتهامات لم تمثل له أي أزمة، قائلا بسخريته المعهودة "نشكر كل الشتامين وأصحاب اتهامات العمالة. فأنتم تشاهدون.. تدققون.. ثم تهاجمون.. فشكرا لرفعكم نسبة المشاهدة"، مضيفا: "لا أغضب على الإطلاق من اتهامات تطال البرنامج أو تطالني أنا شخصيا، بل نستخدمها وقت اللزوم كمادة دسمة للكتابة... استمروا". وباسم يوسف (40 عاما)، طبيب جراح مصري، عمل لمدة عامين ونصف بالولايات المتحدة، واشتهر بتقديمه لبرنامج ساخر على يوتيوب، منذ ثورة 25 يناير 2011، ثم اشتهر جماهيريا مع تقديمه الموسم الأول من برنامجه السياسي الساخر "البرنامج"، على قناة "أون تي في"، المصرية الخاصة، ثم انتقل لقناة "سي بي سي" في نوفمبري 2012 لتقديم ذات البرنامج، قبل أن يتوقف بعد عام بسبب "مخالفة" سياسة القناة، بحس بيان لها، فيما قال مراقبون إن التوقف كان بسبب تضمن أولى حلقات البرنامج في موسمه الجديد بعد عزل مرسي، ل"انتقادات ضمنية لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي والسلطات الحالية". ويحاكي برنامج "البرنامج"، نظيره الأمريكي "ذا دايلي شو" الذي يقدمه الناقد الساخر جون ستيوارت. *وكالة أنباء الأناضول