عاد الإعلامي الساخر باسم يوسف إلى شاشات التلفزيون عبر برنامجه «البرنامج» المذاع على قناة «سي بي سي» المصرية، بعد انقطاع دام أربعة أشهر تقريبا، وعادت معه حال الجدل بين المشاهدين الذين يرى بعضهم أن سقف حرية البرنامج وأسلوبه في النقد، ما زال كما كان قبل توقفه. ويرى آخرون فيه خروجا عن عادات المجتمع نظرا لإسقاطات جنسية «خادشة للحياء» وفق وصفهم. بلهفة المتابع والمتربص، انتظر كلا الطرفين الحلقة الأولى بشدة، ولم تكد الحلقة تنتهي حتى امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي سخرية ل «إفّهات» ذكرها يوسف خلال الحلقة، فضلا عن أغنية «بعد الثورة جالنا رئيس» التي تعدت 100 ألف مشاهد على موقع الفيديو الشهير «يوتيوب» خلال أيام. لقد سخر باسم يوسف في حلقة العودة من الجميع سواء أكانوا من المؤيدين للرئيسين السابقين مبارك، ومرسي، أو من أنصار وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، لتتوالى الدعاوى القضائية ضد «البرنامج». لكن هل سيتوقف البرنامج بعد هذا النقد؟ في رده على سؤال «الحياة»، يقول مدير عام قنوات «سي بي سي» محمد هاني: «منذ توقف البرنامج وأنا أقرأ وأسمع شائعات أن البرنامج لن يعود تخوفا من العقاب حال تعرضه لنقد السيسي أو الجيش أو الحكومة الموقتة، وأن باسم يوسف أدى دوره في المرحلة السابقة وانتهى، لكن الحلقة الجديدة أنهت كل الشائعات والجدل، وأكدت أن «البرنامج» منذ ظهوره وإلى فترة طويلة مقبلة، سيبقى برنامجا ساخرا، وهذا هو نوعه وقالبه». لو تحققت الاشاعات ويضيف هاني: «لو كانت الشائعات تحققت، لما كان هناك قلق لأن البرنامج لن يكون وقتها موجودا أصلا. مهما يكن سيبقى التعرض لأي شخصية في السلطة مشكلة كبيرة، لذا لا بد من التعامل مع «البرنامج» على أنه «كاريكاتور» من وحي خيال المقدم، أو «توك شو» يعتمد على التناقضات. وسيبقى نهج البرنامج في السخرية والنقد وإسقاطات الواقع كما هو ولن يتغير، وسيبقى سقف حريته عاليا كما كان مسبقا». وبشأن توصية المفوضية العليا بمحكمة القضاء الإداري، بوقف برنامج «البرنامج» وسحب ترخيص قناة «سي بي سي»، أكد هاني أن القرار جزء من إجراءات قضية كانت قد أقيمت ضد برنامج باسم يوسف والشبكة، في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، وأن المحكمة التي كانت تنظرها أصدرت حكمها بعدم الاختصاص، إلا أن الشبكة رغم احترامها لأحكام القضاء ستستمر في الدفاع عن القضية. وفي رده على النقد الذي يتعرض له «البرنامج» بزعم وجود إيحاءات جنسية خادشة للحياء، قال هاني: «نحن نقدم منتجا للجمهور، وأي منتج إعلامي الحكم فيه للجمهور، يقبله أو يرفضه، ولا شك في أن الآراء تختلف، ونحن في القناة، نمسح أي لفظ خارج أو خادش للحياء، لكن إذا كان محتوى البرنامج لا يتفق مع المشاهد، فليتركه ويبحث عن غيره». ولا يتخوف هاني على حرية الإعلام المصري بعد 30 من يونيو، مؤكدا أن القناة تمارس حريتها من دون تدخل أو تحذيرات موجهة من السلطة أو مالك القناة، وذلك ضمن سياسة تحريرية تتبعها قنوات «سي بي سي» منذ انطلاقها وحتى الآن تتمتع بالحيادية والموضوعية وعدم إقصاء فصيل بعينه. ضد الإرهاب وحول سبب إقصاء جماعة الإخوان عن الظهور في شاشات «سي بي سي»، يرد هاني: «في ما يتعلق بجماعة الإخوان، المسألة ليست عدالة وإقصاء، نحن أمام جماعة إرهابية، تنتهج العنف المسلح للدفاع عن نفسها وآرائها، وتعتبر ما جرى من عزل مرسي انقلابا، في الوقت الذي نرى الشعب والدول تقف مع الجيش المصري، بعد ثورتين شعبيتين (25 يناير، 30 يونيو). ومصر لا تتجاذب بين طرفين، مصر في حال أشبه بالحرب، كما أن سياسة القناة تستعد لاحتواء الحوار السياسي لكل الأطراف بعيدا من جماعات العنف، وهناك فصائل دينية متعددة تظهر على شاشاتنا كحزب النور والأصالة السلفي وآخرين محسوبون على تيار الإسلام السياسي». وأعلن هاني أن إدارة «سي بي سي» تدرس إطلاق قناة فضائية تقدم خدمات إخبارية ومنوعة، نافيا إطلاق فضائية إخبارية تدعى «سي بي سي نيوز» برئاسة عبداللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار المصري في عهد مبارك، كما تداولت الصحف والمواقع العربية أخيرا. وذكر هاني أن الإعلام المصري يجتهد دوماً في أداء دوره، حتى يكون في المكان الصحيح، في دولة تتعلم أبجديات الحريات، وأمامها الوقت لتتعلم وذلك على مستوى «الإعلام، والبرلمان، والشارع»، نافيا أن يكون الإعلام الخاص في مكان يؤدي فيه دورا سياسيا حاليا ومستقبلا. وأوضح أن أداء الفضائيات العربية في تغطية الأحداث المصرية يتفاوت من قناة إلى أخرى في مسألة الموضوعية، باستثناء «الجزيرة» التي يرى أنها لم تعد قناة فضائية في ما يخص الجانب المصري، «بل أصبحت قناة جهاد ودعاية لجماعة الإخوان»، وفق قوله. ورفض هاني تقييم أداء التلفزيون المصري والخلافات التي دارت أخيرا مع قناة «الجزيرة» بعد بث مباراة مصر وغانا قائلا: «ينبغي ألا أضع نفسي حكما على الآخرين، إذا كانت هناك مواقف محيّرة فليسأل فيها المعني بالتلفزيون الرسمي وليس أنا».