بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة        دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    هجوم ماغدبورغ.. دوافع غامضة لمنفذ العملية بين معاداة الإسلام والاستياء من سياسات الهجرة الألمانية    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلامويون بشعار : الدم ، الأمية ، الجنس
نشر في هسبريس يوم 26 - 05 - 2009

إن أحداث ماي الإجرامية ليست إلا قطرة من تاريخ الإسلامويين الدموي ، وإن كان لا يمكن لأحد من المؤمنين بالفكر الجهادي الإرهابي اليوم أن يتجرأ علانية على القول أن الجريمة التي حدثت في البيضاء هي جهاد شرعي " أقصد طبعا في المغرب "، فإنهم سرعان ما تطول ألسنتهم وتتناسل كلما تعلق الأمر بعمل إجرامي مماثل في العالم . ذلك يعري بوضوح مبدأ التقية التي يعيشون في جحورها ، والتناقض الذي يفضحهم . إن القتل العشوائي الذي يمارسونه ضد الإنسانية لا يمكن أن يكون نابعا إلا من فكر مريض بربري . يسألنا البعض لماذا لا نتطرق إلى الديانات الأخرى ، إننا نجيب بشكل واضح :هل في العالم اليوم ديانة تدعو إلى الإرهاب كما يدعو الإسلامويون ؟أليس الإنتحاريون الراغبون في أكل الموز في الجنة ومضاجعة آلاف الحور العين، هم من يتفجر في شوارع العالم ضد الأبرياء ؟ كما أننا ثانيا نتحدث عن دولة نعيش فيها بأرواحنا وتعرضنا فيها لهمجية الإسلام السياسي بشكل مباشر، كما أننا نتحدث عن إرهابيين إسلامويين يتفجرون في شوارعنا، طبعا سيلصق البعض التهمة كالعادة بإسرائيل وأمريكا وأعداء الإسلام... ""

لا أريد الحديث عن الأسباب السوسيو إقتصادية والسياسية التي تشكل حائط الإسناد لهؤلاء ، لأنه موضوع طويل أيضا يمكن تفصيله في علاقات الإيديولوجيات بالإقتصاد والظروف المادية والتطور التاريخي ، ما يهمنا هو لماذا الإسلام في الوقت الراهن هو الدين الأكثر عنفا بالمقارنة مع الديانات الأخرى سواء كانت سماوية توحيدية أو ديانات أرضية . بل لماذا يتم تسخير المسلمين وكأنهم قطعان ماعز في قضايا دولية لتصفية حسابات معينة ، كما أنهم يتباهون بحبهم للموت والقتل في سبيل أفكارهم المجنونة .لاعداوة لنا مع الدين كما يحاول الترويج لذلك المتطرفون الإسلامويون، لكن لنا عداوة مع العنف الديني . إن الدين لله ،والوطن للجميع . لا يهمني أن يكون المواطن المغربي مسيحيا أو يهوديا أو مسلما أو بوذيا أو عابدا للصراصير حتى . تلك حرية اعتقاد شخصية وأحترمها وعلى الكل احترام عقائد الآخرين.وعلى الإرهابيين الإسلامويين أن يتوقفوا عن مهاجمة الآخرين أولا قبل أن يطلبوا من العالم احترامهم . ربما أن الإسلام في حاجة لمارتن لوثر مسلم أو كالفن عربي لقراءة الموروث الديني الإسلامي بشكل حداثي ينقد من خلاله المسار الخاطئ الذي يسير فيه الإسلام محاولا إعادة بناءه بشكل يتوافق مع الحرية والعدالة وحقوق الإنسان . ينتفض بعض المجانين غضبا عندما يسمعون أحدا يتحدث بشكل مختلف عن الإسلام أو يعبر عن موقفه الشخصي منه، بل يذهب بهم الأمر إلى قتله والتضييق عليه كما حدث مع المخرج الهولندي فان كوك مثلا أو مطاردة سلمان رشدي أو آلاف الأمثلة المشابهة التي تدل على الهمجية التي يتخبط فيها هؤلاء المجرمون .وفي أحايين كثيرة يتم قتل مسلمين والتنكيل بهم لاختلاف في التفاصيل ...

يتحدثون بلا خجل عن المساس بالمقدسات ، وكأن احترام مقدسات المسلمين وحدها ما ينبغي التشريع في العالم له وكل ما عاداهم قردة وخنازير وكفار يعيشون بلا مقدسات ... ألا يشتم المسلمون اليهود ناعتين إياهم بأبناء القردة والخنازير؟؟ فطوبى لهم بهذا الإحترام . وعندما نقول لهم أن تلك المقولة عنصرية وفاشية وتحتقر الأخرين وترفضهم ، يتحججون بأنه ليس قولهم وإنما حقيقة أخبرهم بها الله ؟؟؟؟؟ بهذا المنطق ، يكون من حق اليهود الدفاع عن أنفسهم من هذا العدوان عليهم باسم الله

من الواجب على المسلمين المعرفة التامة أنهم لا يمتلكون وحدهم الحقيقة في العالم ، وأن يكفوا عن شتيمة الآخرين ، لكن عندما يقوم أحد اليهود بالقول أن المسلمين خنازير وقردة فإنهم يقولون أن ذلك مساس بمشاعرهم . فأي تخلف أكثر من هذا ؟ حين يقوم أحد الرسامين برسم صورة كاريكاتيرية للرسول محمد فلا يتوانون من التحريض على قتله على أساس أنه مساس بمعتقدات الآخرين . أريد حقا أن أعرف هل هم لا يمتلكون عقلا أصلا أم يدعون أنهم مجانين . فالمسلمون لم يرسموا فقط صورة كاريكاتيرية للمسيح بل تجاوزا ذلك بكثير . إن المسيحيين الذين يقولون بأن المسيح ابن الله ألا يشكل المسلمون عندما يقولون أنه ليس ابن الله مساسا بكرامة المسيحيين؟؟؟، أليس بمنطق المسلمين أن الأمر مساس بشعائر المسيحيين أم أنه حلال على الإسلامويين حرام على غيرهم ؟؟ لكن المسيحيين لا يتفجرون في شارع يوجد فيه أحد هؤلاء الإسلامويين لأنه شتم المسيح وأنزله من صفة الألوهية إلى صفة الإنسان ، الأمر الذي هو في حقيقة الأمر أخطر بكثير من إنزال نبي من مرتبة الإنسان إلى مرتبة الحيوان ، لكن الإسلامويين سيتحججون مرة أخرى أيضا أن الله هو من أخبرهم بذلك ...وهذا جنون ما بعده جنون ، فكيف يسمحون لإلههم أن يشتم اليهود والمسيحيين ويصفهم بأقبح النعوت ، وعندما يشتمهم شخص يقول له إلهه أيضا أن الإسلامويين متخلفين وإرهابيين ،ينتفضون لقتله ، بحجة المساس بالمعتقدات وإهانتها . الكثيرون اليوم نبيهم هو العقل ، فلماذا يمنعون الآخرين من شتيمتهم ، بينما هم يشتمون الآخرين صباح مساء... أسئلة كثيرة لا أفهمها حقا . يدعون الآخرين إلى احترامهم بينما يمارسون في حق الشعوب والمعتقدات الأخرى أبشع الشتائم والرفض، وحجتهم الوحيدة أن إلههم هو من أمرهم بذلك.. أليس هذا ما يسمى بالفكر الإقصائي والإرهابي. إن المعتقدات الأخرى لا تؤمن أصلا بالقرآن ولا بالنبي محمد ، فلماذا يلزمهم الإسلامويون بتقبل الشتائم والإهانات بحجة أنها إلهية ؟؟

من الواجب على المسلمين اليوم احترام الديانات الأخرى واحترام الإنسان أولا ، ولكل حريته العقدية والدينية ، فلا أحد من المنطقي إجباره على الذهاب معك إلى الجنة عبر طريقك التي آمن بها أحدهم ، إن الإنسان راشد ، ولا يحتاج لوصاية الفقهاء ودعاة الدين ليرسموا لهم الطريق نحو الفردوس بالإكراه ، ويبقى الإحترام المتبادل هو الأساس . إن الإسلام هو علاقة الإنسان مع الله ، أما الإسلام السياسي فهي عندما تتحول هذه العلاقة إلى علاقة الإنسان مع الإنسان باسم الله ، وهذا اختلاف كبير يحتاج إلى موضوع مستقل . فأية علاقة تبدأ بين الإنسان والإنسان حول أو باسم الله في الإسلام يتحول معها الإسلام إلى إسلام سياسي . ويضع الإسلام السياسي لزوما الإسلام موضوعا للنقد وسهامه، إن الإسلامويين اليوم مثل طفل صغير يريد أن يقول ما يريد ويهاجم من يريد ، وعندما تحاول الرد عليه بنفس منطقه يبدأ بالبكاء ، الإختلاف هنا هو أنهم يشرعون مقابل البكاء في الإرهاب والقتل. فشعارهم دعونا نقول ما نريد ونشتم من نريد ، ومن يشتمنا أو يتعرض لنا هو يمس بمشاعرنا ؟؟؟؟

أولا ، يجب استيعاب أن الإسلامويين لا يجب عليهم فقط احترام المسيحية واليهودية ، بل كل الديانات الآخرى كالبودية والهندوسية .. كما يجب احترام كل الإيديولوجيات الأخرى ، ولكل شخص الحرية في البحث ذاتيا عن الحقيقة والدين المناسب ، أما إن كانوا يريدون نشر الدعوة في العالم ، فعليهم أن يتقبلوا الدعوة المضادة في إطار حرية الفكر والإعتقاد والتعبير ، فالإسلامويون يريدون زعزعة عقائد المسيحيين في أوربا وأمريكا و..و..و.." الزعزعة مفهوم من مفاهيم الإسلام السياسي " في حين لا يقبلون بزعزعة عقائدهم في المغرب والعالم ؟؟؟ صراحة أشك أحيانا أن هؤلاء الإسلامويين يملكون عقلا حقيقة . فهم عندما يمارسون دعوتهم في أوربا يعتبرونها فريضة إسلامية ومباحة، وعندما يمارسها الآخرون هو مساس بشعائر المسلمين .. ما هذا الكيل بمكيالين ؟؟ بل أنه حتى عندما يهاجم الإسلامويون العلماء الغير مؤمنين والمرأة والمرتدين والمغنيين وشاربي الخمر أيضا مثلا فماذا يتوقعون منهم ؟؟؟ إن كانوا يقبلون بحرية التفكير والإعتقاد ، فإما القبول بها كليا أو التخلي عنها كليا . أما سياسة التقية والنفاق فيجعل المسلمين في صورة مضحكة أمام العالم . على الأقل عندما يرفضون حرية التعبير يقولون أنهم ديكتاتوريون بشكل واضح ، ولن يعترضون طبعا إذا طردت الدول الأخرى من ترابها مكاتب وجمعيات ومنظمات الدعوة الإسلامية التي تروج للإسلام السياسي في العالم .

حرية التعبير والإعتقاد لا تكون بالشعارات الجوفاء والمضحكة ، بل تكون بالممارسة اليومية ، فأصحاب الإسلام السياسي الذين يمارسون دعواتهم ، عليهم أن يتقبلوا الرأي الآخر والنظرية المضادة . كما أن الدولة ينبغي أن تبقى محايدة في هذا التجاذب النظري بين الأطراف ، لأنها ممثلة للشعب بغض النظر عن انتماءه الديني أو العقدي ، أما أن تتحول الدولة إلى غطاء في إطار مصالح متبادلة وتنحاز بشكل مطلق لفئة من الشعب على حساب أخرى لخدمة مصالح آنية ، فلا يمكن اعتبار الأمر إلا اختلالا سافرا في الدولة ، إذ لا يمكننا أن نفهم كيف تعاقب الدولة مواطنين فقط لأنهم خارج الإسلام السياسي .ولا يمكننا أن نفهم كيف تعتمد ترساناتها في دعم هذا التوجه الإرهابي الذي لسعها كثيرا وسيلسعها أكثر إن واصلت اللعب بالنار ..

عموما ، كل ما يحاول الإرهابيون أن يتمسكوا به من الموروث الديني الإسلامي ويشدون عقولهم إليه بحبال مفتولة من القش ، ذلك الذي يتباهون من أجله بحفاظهم على السنة الحميدة ، ذلك الذي يضعونه بشعار : الإرهاب،الأمية والجنس ، ليس بالإمكان توصيفه إلا بالفضيحة الكبرى للتاريخ الأسود المعاصر للبشرية . كيف يتسنى للإنسان أن يقتل الإنسان ويعذبه ويسجنه من أجل أفكار أو معتقدات أو ممارسات يومية شخصية مسالمة . إن هؤلاء الذين يمتدحون كل النهار أمية الرسول وصفته الحميدة هم في حقيقة يمتدحون أميتهم وجهلهم ويأصلون لها . هؤلاء يتمادون في الإساءة أولا للموروث التاريخي العربي قبل الإساءة إلى الإسلام أو إلى الرسول أيضا . ولا بأس أن نشير هنا باقتضاب إلى أن الرسول لم يكن أميا بمعنى لا يعرف القراءة و الكتابة ولكنه كان أميا بمعنى ليس من أهل الكتاب "وهذا يحتاج إلى موضوع وحده " ، هذا الموضوع تكلم فيه الكثير من الكتاب والمفكرين ، القديمين والمحدثين ، وأسهبوا فيه وفصلوا بالقرائن التاريخية وبالنصوص القرآنية أيضا بأن مسألة عدم معرفة الرسول بالقراءة والكتابة أمر ضعيف جدا . فعندما جاء جبريل إلى الرسول يقول له اقرأ ، أوردت رواية ابن إسحاق أنه أجاب : ماذا أقرأ ؟ . وإن كانت رواية البخاري أوردت جواب النبي بما أنا بقارئ ، أي بمعنى أنه لا يعرف القراءة رغم أن جوابه في الرواية الأولى يثبت معرفته بالقراءة فإن البخاري نفسه أورد حديثا عن فترة ما قبل موت الرسول في مرضه عندما قال لأصحابه ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي ، أي يشهد على نفسه بمعرفة القراءة والكتابة... ولكي نبتعد عن البخاري وعن الأحاديث الواردة لأنه طبعا سيطعن فيها الذين يقولون بأن النبي أمي بمعنى يجهل الكتابة والقراءة ، رغم أنهم إن أبعدوا تلك الأحاديث فلن يجدوا سندا لأكاذيبهم ، ولنر ما جاء في القرآن حول الموضوع : وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم " سورة الأعراف " ، وهو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " سورة الجمعة " ، ومن أهل الكتاب من أن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ، ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل " آل عمران " .. من هنا يبدو واضحا جدا أن الرسول الأمي جاء إلى الأمة الأمية ، أي أن لفظ الأمي معناه من هو من غير أهل الكتاب . وهذا ما أجمع عليه المؤرخون والمصادر التاريخية ، إن العرب كان يطلق عليهم لفظ الأميين من طرف أهل الكتاب وذلك في مقابل العجم الذي أطلقه العرب على من لا يفهمون لغته . وإلا سوف نعتبر أن كل العرب وقريش لا يعرفون القراءة والكتابة وهذا واضح تناقضه وضوح الشمس . إن وصف الأمي لم يختص بشهادة القرآن للرسول فحسب ، بل لقريش الذي هو منها والعرب عموما ، وآية " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " لا يمكن بأي حال من الأحوال تدليسها لغويا والقول أنه بعث للجاهلين والأميين بالمعنى الذي يريد ترويجه الجاهلون فعلا ،للتأصيل للسنة الحميدة التي يقدسونها ويريدنا للمجتمع العربي أن يسير على منوالها... وقد حاول بعض المتقدمين كما أورد الألوسي أن يقول أن النبي تعلم القراءة والكتابة بعد البعثة لتغطية التناقض الصارخ الذي حاصرهم ، فالنبي كان من عائلة سلطة وجاه ، حيث كان الكثير من أجداد الرسول يكتبون ، حتى أن جده عبد المطلب كان يقرأ ويكتب ، وأبناء عبد المطلب لم يكونوا جاهلين ، فكيف من المعقول أن يترك عبد المطلب حفيده بدون تعليم وقد دأب على تعليم كل أبناءه الآخرين . فهل من المنطقي أن يكون النبي الوحيد في عائلته الغير متعلم ؟؟ بل حتى علي الذي رباه الرسول منذ صغره في بيته كان يعرف القراءة والكتابة . كما أن الجامع لأحكام القرطبي أورد أن النبي قال لمعاوية وهو يكتب عنده :"..أقم الباء ، وفرق السين ، ولا تعور الميم ، وحسن الله ، ومد الرحمان ..." ، ويكفينا أن نعرف أن إدارة تجارة القوافل تحتاج لحسابات وتقييدات ، فكيف يكون الرسول على رأس قافلة خديجة في تجارة دولية تستغرق أسابيعا كثيرة ، وهي تعرف أنه لا يعرف القراءة والتقييدات ؟ ...هذا ليس موضوعنا الآن ، لكنني فقط أردت الإشارة إلى الإحتفالية بالأمية والتأصيل لها من طرف الإرهابيين ، لأنها من الأدوات الرئيسية التي يتغدى عليها الإرهاب . أما شعارهم الذي هو الجنس ، فيبدو واضحا من الهوس الذي يعيشونه ، فلا يمكن لواحد من هؤلاء أن ينظر إلى امرأة خارج الصورة البورنوغارفية التي يضعها لها في مخيلته ، فلا يمكنهم أن ينظروا إلى امرأة كأستاذة أو دكتورة أو مهندسة أو حتى رياضية ،لا يمكنهم بالمطلق النظر إلى المرأة كإنسان وروح بل كل ما يرونه فيها هو هوسهم الجنسي الذي يحاولون تغطيته بهجومهم الحاد على المرأة ومحاولة وضعها تحث ملاءات سرير سوداء حتى تصير مثل شبح ، والغريب أنهم بإمكانهم التخييل البورنوغرافي مرة أخرى حتى مع هذا الشبح ، فقط بمجرد سماع صوت هذه الكتلة من الثياب والأغطية . فصوتها كاف أيضا لاستدعاء وسوسة الشيطان ولو أنها بلا شكل ... البعض منهم يقول أن المرأة خلقت من ضلع أعوج ، والبعض الآخر يقول لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ، والبعض يصرخ مكان المرأة بيتها ، وآخرون يدندنون عفتي حجابي ، وسأضطر هنا أيضا للحديث عن الحجاب أو الخمار أو الغطاء ، وللأمية السائدة التي يدافعون عنها وعن استمرارها وهم يحجبون على الناس معرفة حقيقة وأصل الحجاب ، وهذا أمر لا تتناطح فيه عنزتان فهو بإجماع تاريخي ، فأصل الحجاب هو أن إحدى نساء الرسول ذهبت للتغوط فتحرش بها أحد المتسكعين ليلا ، فجاءت إلى الرسول تشتكي الأمر ، فنزلت آية الحجاب . والغريب أن عورة المرأة تختلف بين الأمة والحرة ، إذ كان الحجاب تقسيما طبقيا بامتياز يكرس عبودية الإماء ، بمعنى أن من لا تضع حجابا فهي مباحة للإغتصاب ، وهذا ما لا يمكن أن ينكره أحد من دعاة الإسلام السياسي ، فإن كان الحجاب جاء تكريما للمرأة كما يزعمون وليس كظرفية تاريخية محددة ، فلماذا لم يكن فرضا على الإماء ؟؟؟أليس متناقضا أن تدافع فقط على كرامة وعفة الحرة؟ أم أن الإماء حيوانات ؟؟ فالمرأة يجب أن يتركوها وشأنها . وأن يعيدوا قراءة الإسلام بشكل يتوافق مع العصر ، بدل النظرة التقليدية التي تعتبر المرأة نصف رجل ، وتجعل ميراثها نصفا ، وتجعل شهادتها نصفا ، فنصيب المرأة في الإرث يجب أن يعادل نصيب الرجل كمبدأ أساسي من مبادئ المساواة بين الجنسين ، وشهادتها المعادلة لشهادة الرجل حق ضروري أيضا ، إلى جانب آلاف الحقوق الأخرى المهضومة ، ورغم ذلك يتبجح دعاة الإسلام السياسي بتكريمهم للمرأة ، ولا داعي لذكرها هنا فإنها معروفة من نكاح الإماء وتحليل أعراضهن ليتمتع بهن الرجال ، إلى الزواج بأربعة ، إلى آخره ...وهذه كلها أمور معروفة .

وعندما أقول أن تلك الأمور معروفة فإنني أعني ما أقول ، وأنا جازم أن هذه الأمور كلها ستصبح معروفة قريبا في كل العالم العربي ، أما لعبة إحراق الكتب والتلاعب بالمعلومات فقد ولى زمنها بلا رجعة . وإن كانت من بين الأسباب الحقيقية للنهضة الأوربية وكسر احتكار المعرفة في السلك الكهنوتي ،يعود له الفضل بشكل كبير لاكتشاف الطباعة ، حيث ساهمت في تنوير العقول ، فإن الإنترنيت سيلعب في العالم الإسلامي الدور نفسه الذي لعبته آلة الطباعة منذ قرون ، فالمعلومة اليوم من الصعب قتلها أو محاصرتها ، يكفي أن تضغط على زر الإنترنيت ليباشرك بآلاف المصادر والمراجع التي تمنحك المعلومة بسرعة فائقة ، ولا يبقى عليك إلا التأكد فيما بعد من مطابقتها لكتاب ورقي ، هذا طبعا إن لم تجد إن كنت في بلد ديكتاتوري أن المصدر أو المرجع كتبوا فيه نسخة منقحة ووضعوا نقاط استرسال مكان المعلومة التي تبحث عنها،ولكنها ستكون مشكلة مرحلية ، حيث يكون عليك انتظار الكتاب بطبعة أصلية وليس منقحة ومتلاعب فيها ، فزمن الولوج السهل للمعلومة أصبح متاحا مع التقنية... والغريب أن اكتشاف الطباعة جاء بعد حوالي 15 قرن من المسيحية وهو نفس التاريخ الذي مر منذ العصر الإسلامي إلى اكتشاف الإنترنيت تقريبا ، أي كان علينا انتظار 15 قرن مثل الأوربيين وكأن التاريخ يعيد نفسه ...

إن الإسلام في حاجة قصوى لتخليصه من الإسلام السياسي وإلا سيكون مصيره الإندثار أمام الحضارات الأخرى ، ومن الأبجديات الأولى لإعادة قراءة الإسلام ليتلائم مع حقوق الإنسان والحرية هو تخليه عن فكرة الجهاد والدم وأحكام الردة الهجينة والأفكار العنصرية كخير أمة أخرجت للناس ، تلك الفكرة التي تقدس الذات وتحتقر سواها لا مكان لها في الزمن الحالي ، الذي ينبغي أن يعيش فيه الإنسان باحترام لأخيه الإنسان . فتقديس الله باختلاف الديانات والمرجعيات لا يمكن أن يكون خارج تقديس الإنسان وحياته . إننا نشترك في الحياة على الأرض ومن الواجب على بعضنا احترام بعض .إن احترام الحرية الفردية وحرية العقيدة ، واحترام حقوق الإنسان بشكل عام أرضية لا مناص منها للتعايش . أما شعار الإسلامويين الخالد الذي هو : الدم – الأمية – الجنس ، فمن الواجب على المسلمين أولا إن أرادوا حقا أن يستمر الدين الإسلامي لقرون أخرى مهاجمة هؤلاء الإرهابيين واقتلاعهم من جذورهم ، وأن تتم قراءة القرآن قراءة جديدة ، وأن يتم تجاوز كل تلك الأحكام الإرهابية المتعلقة بالقتل والردة والعنف وتحقير المرأة بصيغة جديدة ، كما من الواجب من طرف الإسلام السياسي إن أراد رد التهم الإرهابية عنه بأن يقطع بشكل لا لبس فيه أن آيات الجهاد لا تعني هذا الزمن في شيء ، وأنها انتهت صلاحياتها بشكل نهائي ، الأمر نفسه مع حقوق المرأة والأقليات وعلاقتهم مع الآخر ، حتى ولو استدعت الضرورة تنقيح القرآن أو كتابة تلك الآيات بلون مختلف يشار إلى معناها بوضوح ، بدل تعويم المواقف وتضارب الأراء حول الناسخ والمنسوخ ، وكذا إيجاد صيغ نهائية واضحة من طرف مؤسسات الإسلام السياسي لآيات قرآن معاوية التي تدعو للقتل وتشتم اليهود والنصارى والمختلفين مع المسلمين ... كما يكون لزوما على الحكومات الإسلامية أن لا تلعب بالنار ، وتستحضر وعيها كاملا بخصوص الثعابين التي تربيهم في حجرها ، عبر منظوماتها التربوية والقانونية والإعلامية والسياسية ...وكان من الأجدى أن تحل الدولة حزب العدالة والتنمية بدل أن تتفاوض مع الإرهابيين في السجون على حساب جثت الضحايا ... وكمثال حي للخطر الذي يتهدد المغاربة والعالم هو هذه الخلايا النائمة الإرهابية المنتشرة كالفطر التي تظهر كل يوم مثل غول متوحش ، والتي هي على كامل الإستعداد بسبب الظروف المعيشية القاسية والأمية أن تتفجرفي وجه الأبرياء طمعا في حجز تذكرة إلى الجنة بأقصى سرعة ممكنة لمضاجعة الجميلات التي يفوق جمالهن ممثلات هوليود طبعا ، وذلك دائما تحت شعار : الدم ، الأمية ، الجنس ...

عزاءنا لكل ضحايا الإرهابيين في المغرب والعالم .

[email protected]

تعليق من المحرر : لأسباب فنية ، الردود المطولة والخارجة عن سياق الموضوع ستحذف مباشرة بغض النظر عن مضمونها أو أصحابها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.