نواصل مع فعاليات المجتمع المغربي التنديد بجريمة اغتيال الشيخ الشهيد أحمد ياسين رحمه الله. ونتوجه اليوم إلى فئة الفنانين والشعراء والأدباء، حيث اتصلنا بكل من الفنان والممثل حسن الفذ والمسرحي عبد القادر البدوي والمفكر الإسلامي العراقي الدكتور عماد الدين خليل، والشعراء حسن الأمراني ومحمد علي الرباوي وعبد الرحمن عبد الوافي وأمينة لمريني ومحمد الحلوي وزينب الحجامي وأحمد الأشهب. حسن الفذ (فنان): شارون استحق وسام الإجرام من الصعب علي أن أكره أحدا، وهذه حقيقة أجد نفسي ملزما بالتصريح بها، لكن في الوقت ذاته أقول إنه من المستحيل أن أحب شخصا مثل شارون، أو شخصا مثل هتلر. وأنا أظن أن الذي يجب أن يحظى بشفقتنا هو شارون في حد ذاته. لأن أي مجرم كيفما كان يمكن أن نضعه في السجن بعد ارتكابه جريمة ما، ويمكن أن ينال عقابه الذي يستحقه بذلك. لكن الأحمق وهي حالة شارون لا يمكن أن نعامله كإنسان، ولا يمكن أن نطبق عليه معايير التعامل بين البشر. ولا يمكن أيضا أن نقارن بين شخص عقيدته القتل والتشريد، والأمر بقتل الأرامل واليتامى والمشلولين، وشخص آخر عزيز النفس كان أمل حياته أن يموت شهيدا. وإن شارون بلغ بعد عمليته الأخيرة قمة الإجرام والجبن والانتهازية، بحيث استغل انشغال العالم بهجمات مدريد الإرهابية، وقام بعمليته الجبانة التي لا يمكن أن يقبلها عقل أو دين، وهو بهذا استحق وسام الإجرام من درجة فارس. أمر آخر أريد أن أشير إليه، وهو أن الفنان المغربي كان دائم الاهتمام بالقضية الفلسطينية، ولعل فترة السبعينيات من القرن الماضي كانت خير دليل على ذلك، بالنظر إلى الإنتاج الهائل الذي كان يرتبط بهذه القضية بأبعادها الوطنية والدولية، في هذه الفترة بالذات. عبد القادر البدوي (فنان): ستبقى مدرسة الشيخ ياسين على الدوام بسم الله الرحمان الرحيم، (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)، الشيخ ياسين من يوم أن برز لا يحتاج إلى من يتحدث عنه، ولا من يبرز أعماله، لأنه قوة كاملة بفضل الله تعالى، صلب ومجاهد كبير ومعلم. لكن، بصراحة، اغتياله اغتيال للحوار، وللكلمة وللسلام ولروح المستقبل، وبعدما حاول الأعداد أن يسموا كل مقاوم بالإرهاب، يتأكد الآن أن إرهاب الدولة، هو إرهاب السلاح، هو إرهاب إسرائيل، فهو أقوى من النازية، وأقوى من الفاشستية. ولما نتكلم عن هذا الجانب، نجد أن الحديث عنه قيل عنه الكثير، وكتبت عنه المجلدات، وعقدت فيه ندوات. فهذه 05سنة من النضال والجهاد، ويبقى الموقف، من جميع الشعوب العربية والإسلامية والإفريقية، وكل مسلم يتشبث بتلك الأرض المقدسة، لأن القضية ليست قضية فلسطين، بل قضية الأمة العربية والإسلامية بصفة عامة. أما من ناحيتنا كفنانين، وعبد القادر البدوي ومسرح البدوي، فالتاريخ يشهد لنا أننا قدمنا أعمالا عدة في وقت حرج... في وقت كان ممنوعا منعا كليا التحدث عن القضية الفلسطينية، وأعطينا للقضية الفلسطينية كل ما يمكن إعطاؤه لها، وفي الوقت الذي كنا نقوم فيه بجولات للقضية الفلسطينية، كانت تقدم في المغرب أعمال تافهة، وتقدم مسلسلات مثل: سيف ذي يزن، والعنترية، والشرع أعطانا أربعة، وأشياء لا تساهم في وعي المواطن المغربي، وأتمنى كما وحدت القضية الفلسطينية جميع القوى الفلسطينية أن توحد جميع القوى العربية والإسلامية، حكومات وشعوبا، ليقفوا سدا منيعا، وتكون نهاية لإسرائيل. والفن عند جميع الشعوب وليس عند المغرب فقط هو السباق لوعي الشعوب، والدافع ليهيء جميع المقومات لفهم معنى القضية، ولماذا الدفاع عنها، وبصراحة، الفن كان مقصرا في هذا الميدان، ولم يعط ما كان يلزمه أن يعطيه، لكن، هذا لا يمنع من أنه حان الوقت لإعادة النظر في تناول الفن لهذه القضية. فالشهيد أحمد ياسين كان لنا مدرسة كبيرة، وستبقى مدرسة الشيخ ياسين على الدوام، وهي التي تمدنا بروح الاستمرار لنبقى مستمرين في الدفاع عن الحق وعن الهوية وعن الإسلام، والسلام. زينب الحجامي (شاعرة):إحساسي الآن مع أحمد ياسين وأتألم داخليا أمام هذا المصاب، لم يعد لي ما أقوله، ونفذت طاقتي الشعرية، وبصفتي مواطنة عربية مسلمة، بمناسبة هذا الحدث أقدم نداء لكل الشعوب العربية والإسلامية، ومن لها غيرة على العروبة والإسلام ليستفيقوا من السبات. الشاعر له دور في جميع الأوضاع التي تعرفها البشرية، وله إحساس يفوق جميع أحاسيس الآخرين، فالشاعر له رهافة الإحساس، وهو حاضر في جميع النكبات، والأفراح البشرية، وما يمكن قوله أن الشعراء يساهمون في التغيير، ويتأثرون بالأحداث الرهيبة، وأنا الآن ما زلت في المخاض، فالحدث عندما ينزل على الشعراء، يتأثرون به، ويبقون في مخاض بعدها يخرجون أحاسيسهم. وإحساسي الآن مع أحمد ياسين، وأتألم داخليا. الدكتور عماد الدين خليل (مفكر إسلامي وناقد أدبي عراقي):نقطة الإضاءة في جبين عصرنا المظلم يحضر المفكر عماد الدين خليل هذه الأيام في المغرب للمشاركة في الملتقى الدولي للأدب الإسلامي الذي نظم بفاس، ويقوم بجولة في مدن مغربية يلقي بها محاضرات، اتصلنا به وهو في وجدة وأدلى لنا بالتصريح التالي: إن عملية الاغتيال الرخيصة هذه وغير الأخلاقية للشيخ الكبير المجاهد أحمد ياسين رحمه الله بمثابة سكين اخترقت لحم وعظم كل محبيه، أولئك الذين رأوا فيه مهندسا وصانعا لملحمة الأرض، وكل أولئك الذين يحملون هم القضية الفلسطينية باعتبارها الهم الأول في جغرافية عالم الإسلام، ولا يستطيع المرء إلا أن يقول ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما فقد ابنه إبراهيم : لا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك أيها الحبيب أحمد ياسين لمحزونون. وقد علمنا التاريخ أن شهادة الكبار ليست هي نهاية الطريق وإنما هي البداية التي تمنح قدرات أكبر على تفعيل الجهد في مجابهة التحديات، ولسوف يكون تلامذته البررة في الساحة الفلسطينية خير من يواصل الطريق مستمدين من استشهاده قدرة أكبر على الأداء الذي يمثل نقطة الإضاءة في جبين عصرنا المظلم. أحمد الأشهب ( أديب من سلا): إن كنا خسرنا بفقدان ياسين فإننا ربحنا وحدة الصف الفلسطيني منذ أن سمعت الخبر وأنا في حالة نفسية متدهورة، وقد كتبت قصيدة بالمناسبة صباح يوم حادث الاغتيال الجبان، واخترت لها عنوان لك وحدك. لما عجزت الحكومات العربية والإسلامية عن الدفاع عن تحرير فلسطين قامت الحركات الجهادية، ومنها حركة حماس التي كان يقودها الشهيد أحمد ياسين، إذ أبانت هذه الأخيرة عن شكيمة قوية أرغمت العدو الصهيوني على فتح أبواب المفاوضات. والشيخ أحمد ياسين كان دائما قويا وكان الرمز والأب الروحي للفلسطينيين. والذي أعجبني عقب اغتيال الشيخ أحمد ياسين هو توحد الفصائل الفلسطينية وعزمها جميعها على الرد على العدو الغاشم، بما فيها كتائب الأقصى التابعة لحركة فتح وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى وجميع الألوان والأطياف. فإن كنا خسرنا بفقدان الشيخ أحمد ياسين، فإننا ربحنا وحدة الصف الفلسطيني، وهذا سيكون له إن شاء الله أثر قوي في الساحة سيؤول بنهاية دولة العدو. وبهذه المناسبة أقول: إن الأديب هو الذي تهزه الأحداث ويتلقى بها رسالة قوية. والأديب الذي لا تهزه الأحداث ولا يتفاعل مع قضايا أمته أولى به أن يخلد للصمت، كما قال أحد الشعراء. وآن الأوان ليتحرك الشعراء لخدمة القضية الفلسطينية من جديد. حسن الأمراني (رئيس فرع رابطة الأدب الإسلامي بالمغرب):استشهاد أحمد ياسين وعد بالنصر لفلسطين (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) إن حدث اغتيال الشيخ أحمد ياسين هو بمثابة فاجعة، وفي الوقت نفسه هو بشارة للشهيد الذي وهب نفسه للقضية الفلسطينية وجعل رسالته لخدمتها، كل ذلك لوجه الله تعالى. ونعتبر أن كل شهيد ينال الشهادة هو بمثابة شمعة تضيء لنا طريق النصر إن شاء الله. وهنا نتذكر قول الله عز وجل: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)، ونتذكر ثانيا بالنسبة لهذه الأمة أن الوعد بالنصر سيتحقق إن شاء الله، وفي الوقت ذاته نتذكر أن هذا الحدث من الصور التي نستنطقها من خلال سورة الإسراء، فمن جهة هنالك استكمال العلو الذي ذكره الله عز وجل مرتبطا بالفساد، وهذا الاستكمال إيذان بدنو انتهاء هذه الزمرة التي عرفت عبر التاريخ بقتل أنبياء الله تعالى. وهو كذلك إيذان بقرب دخول الزمرة المؤمنة بالله تعالى من جديد إلى المسجد الأقصى كما دخلوه أول مرة، مثلما جاء ذلك في سورة الإسراء. الشاعر محمد علي الرباوي:الشعر لم يصل بعد إلى مستوى رثاء مثل هؤلاء العظماء الأدب إما أن يكون مبشرا انطلاقا من استشراف الآفاق، وإما أن يكون مواكبا للحدث مستقرئا له. والأدب يكون في حاجة إلى لحظة اختمار للقيام برسالته، ومع ذلك فإن هذا الحدث الجلل، حدث اغتيال الشيخ أحمد ياسين، لخطورته وعظمه، من شأنه أن يخط دربا للأدب الملتزم، وإن هذا الحدث كان مناسبة من أجل أن يتحرك الأدباء من جديد ليتابعوا مسيرتهم من أجل الأدب الرسالي، الذي جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قرينا لدم الشهداء. أعزي الأمة الإسلامية في استشهاد هذا البطل الكبير وأقول إن الله كرمه بهذه الشهادة. وأثبت لنا أن العدو كان يخافه رغم أنه مقعد. وكان العدو يدرك أن ثمة قوة هائلة، وهي القوة الروحية التي كانت تجعل منه الإنسان البطل الذي يهابه العدو الصهيوني. إن هذا الحدث يجب أن يعطي درسا للمسلمين أن القوة ليست بالعدد وكمال الجسم وإنما تكمن في الشحنة الإيمانية التي يحملها الجسم. إن هذه القوة هي التي جعلت العدو يخافه، وشهادته يجب أن تكون مناسبة احتفال، وأنا باعتباري شاعرا لا أستطيع أن أقول بيتا في رثائه، لأن الشعر لم يصل بعد إلى مستوى رثاء مثل هؤلاء العظماء. وإنا لله وإنا إليه راجعون. عبد الرحمن عبد الوافي (شاعر):على الأدباء والشعراء أن يجاهدوا بألسنتهم وأقلامهم رزئ الجهاد الإسلامي الاستشهادي في علم من أعلام الجهاد، وحق للعالم الإسلامي كله أن يرثيه، ولا نقول إلا ما يأمرنا به الله تعالى في مثل هذه المناسبات الأليمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ومن جهة ثانية أردد قول الشاعر: أيتها النفس أجملي جزعا إن الذي تحذرين قد وقعا علينا بالتماسك والصبر والمصابرة والمرابطة وعلينا أن نضاعف الروح الجهادية في هذا الزمن العولمي الصعب، وعلى الأدباء والشعراء أن يجاهدوا بألسنتهم وأقلامهم، لأن الجهاد الأدبي فرع، ولأن الكلمة سلام. وأختم كلمتي بالترحم من جديد على شيخنا الشهيد والدعاء بالنصر. أمينة لمريني (شاعرة):لئن مات أحمد ياسين ففي الأمة ألف أحمد ياسين أولا نعزي الأمة الإسلامية لهذا المصاب الجلل، وفي فقدان هذا الرجل الذي يعتبر أمة، في الحقيقة إنه لم يمت، لأنه في جنان ربه ينعم راضيا مرضيا بمشيئة الله، وأيضا لأن أرض الجهاد الثرية التي بذرها بروحه وفكره، مازالت تنبت الأبطال الذين سيواصلون مسيرته ويتمثلون نهجه، ولئن مات أحمد ياسين، ففي الأمة ألف ألف أحمد ياسين، ولئن مات ياسين، فإن أمة تستشعر العزة والكرامة من دينها، من إسلامها، مازالت قائمة، ولتنتبه الأمة إلى العبرة المستخلصة من هذا الحدث العظيم، فإن إسرائيل تمارس إرهاب الدول، وأي إرهاب أكبر من أن تغتال رجلا شيخا كسيحا أعزل يعود من صلاته، أرجو أن تأخذ الأمة العبرة من ذلك، فلا هدنة مع الصهاينة المجرمين، ولا سلام معهم، وأيضا هي رسالة موجهة إلى دعاة التطبيع ليأخذوا الحذر مما حدث، فإن الصهاينة يعتبرون أنفسهم فوق القانون، بل هم القانون نفسه، ويسخرون من العالم، من المطبعين أنفسهم، فأنا كشاعرة أيضا، أدعو إلى يوم وطني لأدب المقاومة تنظم فيه لقاءات وقراءات شعرية تحيي ذكرى فلسطين، وذكرى الشهداء، وذكرى الشهيد أحمد ياسين. محمد الحلوي (شاعر): لم يتمكن الشاعر المغربي محمد الحلوي من التكلم معنا بسبب المرض الذي يعانيه منذ أشهر، وأجابتنا زوجته فاطمة الغزاوي بقولها إن أحمد ياسين هو شهيد كل المسلمين وهو رجل عظيم. نتمنى للشاعر محمد الحلوي الشفاء العاجل. إعداد حبيبة أوغانيم+ عبد الغني بوضرة