-1- "" ما كان ينقص مهرجان "موازين"، لكي تكتمل "زينته" هو أن ينتهي بهذه الكارثة الفظيعة التي راح ضحيتها أحد عشر شخصا لحدّ الآن، ذهبوا لحضور سهرة عبد العزيز الستاتي، فانتهى بهم الأمر عند الرفيق الأعلى. الأشخاص الذين لقوا مصرعهم لا يسعنا إلا أن ندعو لهم بالرحمة والمغفرة، وندعو لذويهم بالصبر والسلوان. لكن القضية لا يجب أن تقف عند هذا الحدّ. ولا يجب أن نقول بأن الأمر كان قدرا مقدّرا من عند الله وكفى. ما يجب فعله هو فتح تحقيق عاجل لمعرفة كيف وقعت الفاجعة، وهل كان من الممكن تجنب حدوثها لو تمّ اتخاذ ما يكفي من إجراءات الحماية والسلامة. وهل كان ملعب حي النهضة بالرباط يسع لسبعين ألف متفرج الذين حضروا حفل الستاتي. ومن هم هؤلاء المقصّرون الذين ساهموا عن طريق اللامبالاة في حدوث ما جرى، قبل أن يتم تقديمهم إلى المحكمة كي يدفعوا ثمن لا مبالاتهم ويكونوا عبرة لأصحاب هذه المهرجانات التي يبدو أن "الأفراح" التي توازيها ستعود علينا مستقبلا بالدموع لامحالة. ما نطالب به إذن، هو ألاّ يكون التحقيق الذي نسمع عنه عبارة عن كلام لتهدئة الخواطر، قبل أن يطوي الجميع القضية وتنتهي إلى رفّ النسيان. والملطوب أيضا، في حال إذا كان هناك حقا تحقيق، ألاّ تتم التضحية بالرؤوس الصغيرة، كما هي العادة في مثل هذه المناسبات، وتظل الرؤوس الكبيرة في مأمن عن أية محاسبة. إذا كان هناك تحقيق أيها السادة، فرجاء لا تخطؤوا الرؤوس الكبيرة، ولأجل ذلك ننصحكم بالبدء بها أولا! -2- الجميع يعرف أن أحداث 16 ماي الارهابية، هي التي جعلت هذه المهرجانات تتناسل عندنا كالفطر، حتى صار تقريبا، لكل مدينة مهرجانها، اعتقادا من المسؤولين بأن إقامة هذه المهرجانات كفيل بالحدّ من التطرف الذي يتغلغل في عقول فئات من المجتمع، خصوصا الشباب. هؤلاء "المسؤولون" مع الأسف لا يريدون أن يتحملوا مسؤوليتهم كما ينبغي، ويصرون على رؤية مشاكل البلاد بنظرة الأعور، أي أنهم لا يريدون أن يلقوا نظرة شمولية على الواقع، كي يبحثوا عن الحلول الجذرية لكل مشاكلنا عوض الاكتفاء بالترقيعات، مثلما يرقعون الطرق والشوارع المحفرة قبيل الانتخابات. عندما نقول بأنهم لا يريدون أن ينظروا من زاوية شاملة إلى واقعنا المزري، فهذا لا يعني أنهم يجهلون واقعنا، وإنما يصرون على التعامي! -3- فهل بهذه المهرجانات الفنية سنحارب التطرف ونحقق السعادة للناس؟ قطعا لا. محاربة التطرف مهمة ليست بالهينة. إذا كان لدينا شباب متطرفون، فمن المؤكد أن هناك أسبابا جعلت التطرف يستولي على أفكارهم. لن نتحدث هنا عن "الغزو الوهابي" و "الفكر الجهادي"، اللذين جاءا من المشرق العربي، لأن العالم صار اليوم عبارة عن غرفة ضيقة، فحتى لو تمّ منع "الكتب" المتطرفة من التسلل إلى أرض المملكة، علما أن عدد الذين يقرؤون ضئيل للغاية، فهناك وسائل أكثر خطورة لنقل التطرف إلى عقول الشباب، وتتمثل في القنوات الفضائية والأنترنت. لذلك فالسؤال الذي يجب طرحه يتمحور حول ما إذا كانت المناعة الفكرية للشباب المغربي كفيلة بصدّ موجات التطرف التي تنساب من كل الجهات؟ وما إذا كان الواقع يساعد على زيادة هذه المناعة صلابة على صلابة. وتكفي نظرة واحدة على واقع الشباب المغربي، كي تتأكد من أنه ما كاينة لا مناعة لا والو. المدرسة التي لها الدور الأعظم في التوعية والتثقيف توجد اليوم في الحضيض. والوضع المزري الذي تعيش فيه فئات عريضة من المواطنين يزداد اتساعا يوما بعد آخر، حيث كشفت آخر دراسة للمندوبية السامية للتخطيط عن كون نسبة الميسورين في المغرب لا تتعدى 13 بالمائة من مجموع سكان البلاد، فيما البقية الباقية تعيش على الكفاف والعفاف. هذا ما يجب أن تنتبهوا إليه أيها السادة، إذا أردتم أن يكون الناس سعداء، فالحل لا يكمن في المهرجانات، وإنما في جعل ظروف الحياة يسيرة، وإذا أردتم أن تبينوا للعالم أن المغرب بلد منفتح ومتسامح، فالذي يجب عليكم أن تفعلوه هو أن تفتحوا أحضان البلد للديمقراطية الحقيقية، حيث يسود القانون فوق الجميع، ويتم توزيع ثروات البلد على الجميع، فهذا هو الانفتاح الحقيقي. لذلك فالذي ينقصنا في هذا الظرف بالتحديد هو "شي تغوبيشة"، من أجل التفكير في مشاكل البلد بجدية عوض معالجة المشاكل بالترقيع. وختاما نذكركم بأن كارثة ملعب حي النهضة يجب أن يُفتح فيها تحقيق عاجل، كي يدفع المسؤولون عنها الثمن، واللي فرّط يتكرط!