شروط خمْسة وضعتها التنسيقيات التعليمية لحل الأزمة التي يتخبط فيها قطاع التعليم منذ أزيد من ثلاثة أشهر بسبب الرفض الواسع للنظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، تمّ تضمينها ضمن توصيات "إعلان الرباط لحلحلة أزمة التعليم" الصادر عقب اللقاء الدراسي الذي نظمته نبيلة منيب، النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، مساء أول أمس الجمعة، في موضوع "إمكانية تجاوز أزمة التعليم". وأصبح مطلب ضرورة إرجاع الأساتذة الموقوفين عن العمل من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة يتصدّر قائمة مطالب التنسيقيات التعليمية، التي تفيد بأن عدد الأساتذة الموقوفين وصل إلى 500 أستاذة وأستاذ. هذا المطلب جاء في مقدمة توصيات "إعلان الرباط"؛ فقد أوصى المشاركون في اليوم الدراسي سالف الذكر ب"السحب الفوري دون قيد أو شرط لكل التوقيفات التعسفية التي طالت مجموعة من نساء ورجال التعليم على خلفية ممارستهم لحقهم الدستوري في الإضراب دفاعا عن حقوقهم العادلة ومطالبهم المشروعة". وكان الحزب الاشتراكي الموحد قد عبّر، خلال اللقاء ذاته، على لسان جمال العسري، أمينه العام، عن تنديده بتوقيف الأساتذة المضربين عن العمل، حيث وصف العسري القرارَ بأنه "غير قانوني وغير دستوري"؛ مشيرا إلى أن الفصل ال73 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي استندت إليه الوزارة في قرارات التوقيف يتحدث عن ارتكاب هفوة خطيرة أو جنحة ماسة بالنظام العام، في حين أن توقيف الأساتذة تم بسبب خوضهم للإضراب المكفول لهم حقُّ خوضه بمقتضى دستور المملكة. وبالمقابل، فسّر شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إقدام الوزارة على توقيف الأساتذة المعنيين بارتكابهم لأفعال "تمس بحق التلاميذ في الدراسة". وأكد بنموسى، في جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، يوم الثلاثاء الماضي، أن هذه التوقيفات ليست لها علاقة بالإضراب؛ وهو ما جدد تأكيده في تصريحات صحافية بقوله: "نحن لم نوقف الأساتذة المضربين؛ بل أوقفنا الأساتذة الذين يحرضون التلاميذ على عدم الدخول إلى الأقسام أو الذين يمنعون الأساتذة غير المضربين من الدخول إلى الأقسام أو الذين لا يحترمون حرمة المؤسسات التعليمية". الوزير الوصي على قطاع التربية الوطنية أورد ردا على أسئلة النواب البرلمانيين: "في عدد من المؤسسات التعليمية، هناك تعنيف لفظي ومضايقات واعتداءات في حق عدد من الأساتذة الذين لم ينخرطوا في الإضراب، وهناك أعمال تحريض داخل المؤسسات وعدم احترام حرمتها. وهذا ما يفسر الإجراءات التي اتخذتها الوزارة في حق هؤلاء الأطر"، مضيفا: "الحق في الإضراب حقٌّ دستوري؛ ولكنّ حق التلاميذ في الدراسة هو أيضا حق دستوري. وقد اتخذنا هذا الإجراء (التوقيف عن العمل)؛ لأننا خرجنا من موضوع الإضراب، ودخلنا في مواضيع أخرى". تفاعلا مع موضوع توقيفات الأساتذة، دعا الخبير التربوي حسن اللحية، الذي شارك في اللقاء الدراسي المنظم من لدن نبيلة منيب، نساء ورجال التعليم إلى التخفيف من حدة التوتّر مع النقابات التعليمية المشاركة في الحوار مع وزارة التربية الوطنية، والانخراط في مبادرات من شأنها أن تفضي إلى حل للأزمة القائمة، على غرار مبادرة الحزب الاشتراكي الموحد. اللحية قال، في تفاعل بثه مساء أمس على قناته في منصة "يوتيوب": "نحن الآن في مرحلة حرجة حيث ستبدأ المجالس التأديبية للأساتذة، وحين يخرج قرار المثول أمام المجلس التأديبي فبالضرورة سيتم تنفيذ هذا القرار. ولذلك، يرجى من الإخوان (الأساتذة) الذين سيمثلون أمام المجالس التأديبية أن يكون لديهم نوع من الذكاء، حيث ستكون هناك نقابات"، داعيا إلى تفادي التوتّر مع هذه الأخيرة؛ "لأننا نريد مبادرات للوصول إلى حل من أجل المدرسة الوطنية العمومية". وإضافة إلى مطلب "السحب الفوري دون قيد أو شرط" لقرارات توقيف الأساتذة، أوصى إعلان الرباط لحلحلة أزمة التعليم، الذي صيغ تحت شعار: "من أجل النهوض بالمدرسة العمومية كرافعة للتغيير المجتمعي وبناء مجتمع العلم والمواطنة والتنمية"، بإرجاع المبالغ المقتطعة من أجور نساء ورجال التعليم المضربين عن العمل، "اعتبارا لكونها اقتطاعات غير قانونية". وأوصى المشاركون في اللقاء الدراسي، والمنتمون إلى 32 هيئة، من التنسيقيات التعليمية وجمعيات حقوقية وفعاليات مدنية وخبراء تربويين، ب"الحل النهائي الشامل لملف أطر الدعم والأساتذة المفروض عليهم التعاقد". كما أوصوا ب"فتح حوار وطني مسؤول من خلال مناظرة وطنية حول التعليم باعتباره قضية وطنية"، و"معالجة حقيقية لكل ملفات ضحايا الأنظمة والمراسيم والاتفاقات المجحفة لحقوق ومطالب نساء ورجال التعليم".