شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    الدورة الثانية للمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب 2024.. مشاركة 340 عارضا وتوافد أزيد من 101 ألف زائر    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    "وزيعة نقابية" في امتحانات الصحة تجر وزير الصحة للمساءلة    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الاستخبارات في مواجهة التحديات الأمنية الراهنة
نشر في هسبريس يوم 18 - 05 - 2009

تمتد جذور نشأة المخابرات من العصور الغابرة وفي أقدم البلدان كالصين ومصر مرورا بالقرون الوسطى والحضارات القديمة حتى بلغت ذروتها في يومنا هذا وأكدت الحاجة الماسة لإستخدامها وإدخالها في جميع الوسائل العلمية الحديثة وتسخير الإكتشافات المتطورة . ""
إن الحواس البشرية أصبحت ثانوية في المعركة الحديثة التي تعتمد أساسا على الإلكترونيات الدقيقة التي لا تعرف الخطأ وتغطي مساحات شاسعة لا تصل إليها الحواس البشرية فقد أظهرت الرادارات ما لا تراه العين على بعد مئات الكيلومترات ، وكذلك أجهزة الراديو واللاسلكي التي تسمع وتتحدث عبر مسافات لا تصل إليها آذاننا أو أصواتنا العادية حيث تمتاز تلك الأجهزة بالدقة والسرعة ، ولا شك أن الثورة التكنولوجية غيرت مفهوم المعركة الحديثة لدى الإنسان وذلك من خلال آثار الأسلحة المتطورة التي تفوق القدرة البشرية ، ولذا أصبح استخدام الطائرات والأقمار الصناعية أمر في غاية الأهمية ومتعدد الأهداف وكان لكل منهما الدور الحاسم في نطاق الاستطلاع وجمع المعلومات ولا يزال السباق مستمر في هذا الصرح العلمي الهام.
إن المفارقة التي باتت تميز اليوم عمل أجهزة المخابرات العالمية، أنها على الرغم مما تحققه من إنجازات ونجاحات في اختراق أسرار الدول والأحزاب والحركات السياسية المعارضة، والتي لا يشكل معظمها خطراً أمنياً داهماً على الأنظمة والشعوب، فإن هذه الأجهزة ما زالت تسجل فشلاً في اكتشاف الحركات المتطرفة والخلايا الإرهابية والحروب وذلك بغية إجهاض مخططاتها مبكراً، وهي في مهدها، وقد تتساوى في هذا الفشل أجهزة مخابرات القوى العظمى، كما أجهزة الدول الأخرى، فالولايات المتحدالأمريكية وبريطانيا وأسبانيا فشلت في هذا المضمار.
إن تصدي أجهزة المخابرات العالمية بوجه عام، والتابعة منها للبلدان المنكوبة بالأعمال الإرهابية بوجه خاص، لعلاج هذا العجز في الوصول إلى الخلايا والتنظيمات الإرهابية، هو من أهم وأخطر المهام الآنية التي ينبغي تحقيقها في سياق مكافحة وعلاج آفة الظاهرة الإرهابية، ولا ينبغي الاكتفاء باتباع الأساليب التقليدية للقضاء على الإرهاب، وإذا كان لدولة ما أن تدافع عن أمنها اليوم، فإن من الأفضل لها أن تُعوّل على سلاح الاستخبارات، وليس على القوة العسكرية؛ ذلك أن ما من سلاح يفوق سلاح جمع المعلومات حِدّة في السعي لتفكيك خلايا الشبكات الإرهابية، والحيلولة دون هجماتها، فالدول التي تكافح الإرهاب تعمل على تعقب مجموعات صغيرة، وغير مرتبطة مع بعضها البعض في كثير من الأحيان، إضافة لتعقبها لعدد من الأفراد الذين يبرعون في إخفاء هوياتهم، ولا يظهرون للسطح إلا لمدة قصيرة، لا تتجاوز الوقت الذي ينفذون فيه عملياتهم وهجماتهم الإرهابية.
وفي إطار المواجهة مع الإرهاب، فقد انصب معظم الاهتمام على القوة العسكرية، ونتيجة لذلك، فقد تهيأ الجميع لرؤية الطائرات والدبابات والمقاتلات العمودية والجنود المسلحين بالعتاد الحربي الثقيل، وكل الترسانة الحربية، وقد حشدت لإلحاق الهزيمة العسكرية بالإرهابيين.
ويرى بعض الخبراء في مجال مكافحة الإرهاب أن استنفار وحدات الجيش والقوات الجوية والبحرية والشرطة، وغيرها من الوحدات والقدرات العسكرية، وحشدها في سبيل خوض حرب يومية ومستمرة ضد الإرهاب، لن يكون استراتيجية ناجعة ولا عملية، في مواجهة الإرهاب، وشل قدراته، سواء كان ذلك في الداخل أم في الخارج، فلا جدال في أن لدى أمريكا أكثر مما يكفي لسحق أعدائها في ميادين القتال، غير أن الحرب ضد الإرهاب هي شيءُ آخر، لكون التحدي الرئيس الذي لا بد من مواجهته يتمثل في خوض القتال ضد عدو في ميدان لا تحده حدود معلومة ومعروفة، وفيما لو تم خوض هذه الحرب على النحو الصحيح والأمثل - كما يفترض - فسوف يتوقف نجاح العمل الوقائي ضد الهجمات الإرهابية، ونزع فتيل الإرهاب بالدرجة الأولى على مدى القدرة على جمع المعلومات الصحيحة والدقيقة، والكفيلة بمنع وقوع الهجمات ومكافحة الإرهاب، بعيدًا عن معرفة أو وعي الجمهور بما يجري.
وفي مثل هذا النوع من الحروب الاستخباراتية، فإن المواجهة تدور سرًا، وفي الخفاء عادة، أما حين يُخفق المسؤولون فيها، فإن الجمهور لا يشعر إلا بعجزهم عن خوضها على النحو الصحيح، والحيلولة دون وقوع الهجمات الإرهابية، وما أن يحدث ذلك، حتى يطغى الشعور بمدى العجز وقلة الحيلة عن حماية المواطنين، وهذا هو عين الذي يريد أن يصل له "الإرهابيون"، والذين تتلخص مهنتهم - بحكم طبيعتها- في بث الرعب في قلوب المواطنين، وترسيخ شعورهم بالعجز وقلة الحلية أمام هجماتهم، وما يصبو لتحقيقه الإرهابيون هو أن يجعلوا الآخرين يستسلمون للأمر الواقع، ويقتنعون بقدرة الهجمات وتكرار حدوثها عشوائيًا، وكيفما اتفقوا.
وغدا من الممكن التعرف على بصمات وتقفي آثار التنظيمات المتطرفة المتعاطفة مع الإرهابيين، من خلال العمل الأمني والاستخباراتي المشترك، وتبادل المعلومات مع الأجهزة الأمنية المختلفة، المحلي منها والدولي، بحيث يتم الحد من احتمال وقوع الهجمات الإرهابية داخل الدولة وخارجها.
وهنا لا بد من الإشارة إلى سعي التنظيمات الإرهابية المستمر لتجنيد عناصر ومقاتلين مجهولي الهوية. وربما تتوفر للسلطات معلومات عن هوية المسؤولين عن تدبير وتنفيذ الهجمات، بما في ذلك تفاصيل السجل الإرهابي لكل منهم، فعلى أمثال هؤلاء على وجه التحديد، يعتمد التنظيم في شن هجماته الأكثر فتكًا ودمارًا، بحكم خبرتهم الطويلة والمجربة في هذا المجال.
وفي مثل هذه الحالات، فإنه يسهل على القوات الأمنية وقوات الشرطة معرفة هوية الأفراد المشاركين في التدبير والتخطيط، أو التنفيذ، أو الاثنين معًا، بحكم توفر سجل لديها عن انتماءات هؤلاء، كما يوفر سجلهم الإرهابي قاعدة بيانات مهمة تعتمد عليها السلطات في تقصي نشاط ودور وبصمات هؤلاء في ما يقع من هجمات، أو ما يحتمل وقوعه منها.
وفي الإمكان بالطبع مراقبة حركة مثل هؤلاء الإرهابيين على المستوى المحلي، ورصد انتقالهم وسفرهم من وإلى داخل البلاد، وما أكثر الوسائل والإجراءات القانونية المتاحة للقوات الأمنية والاستخباراتية المحلية التي يمكن أن تكون لها اليد العليا والطولى في مثل هذا النوع من العمل الاستخباراتي المضاد.
صحيح أن هذا الإجراء وحده لن يحول دون وقوع هجمات إرهابية على المستويين، المحلي والإقليمي، إلا أنه يجعل مهمة التخطيط وتنفيذ الهجمات الإرهابية أكثر مشقة وصعوبة، لكونه يخلق بيئة معادية للنشاط الإرهابي، أضف إلى ذلك أن إجراءً كهذا سيساعد كثيرًا في تفكيك الشبكات الإرهابية نفسها، وقطع الصلة والخيوط فيما بينها.
غير أن تجارب العمل المضاد للإرهاب السابقة، أكدت قدرة الإرهابيين على تغيير تكتيكاتهم واستراتيجية عملهم، وأنهم في هذه الحالة، عادة ما يلجأون لشن هجماتهم على المستوى المحلي فحسب، أو ربما نقلوها إلى مسارح عمليات أخرى، مختلفة جداً عن المسرح الذي جرى رصده ومسحه استخباراتيًا، و.حتى كل الأحوال، فإن للعمل الشرطي دورًا حاسمًا في مكافحة الإرهاب وخوض الحرب ضده، لكون الشرطة في صفوف المواجهة الأمامية الحاسمة مع جريمة الإرهاب الدولي أينما وجدت.
اعتاد السياسيون والمخططون أن يضعوا أعباء ضخمة على كاهل أجهزة الاستخبارات، ويسندوا إليها مهامًا تكاد تكون مستحيلة في بعض الأحيان، فالاستخبارات هي المكلفة بعمليات الإنذار الاستراتيجي المبكر، والكشف عن الإرهابيين والعملاء وضبطهم، وتحديد الفاعل الحقيقي، وتقدير الخسائر المحتملة، وغالبًا ما يتم القبض على المشتبه فيهم، ثم يُطلب من أجهزة الاستخبارات البحث عن مشتبه فيهم آخرين، والكشف عن أية عمليات أخرى محتملة.
وفي بعض الأحيان، يجد رجال الاستخبارات أن المهام المسندة إليهم مستحيلة، وأنهم مجبرون على قبولها في صمت، ولكنهم فيما بينهم يرون أن هذا تصرف غير مسؤول من جانب السياسيين، الذين يلقون بعبء المسؤولية على الآخرين، دون مراعاة لإمكاناتهم، أو لجسامة تلك المسؤولية.
ولكن، لا جدال أيضًا حول ضرورة تطوير أجهزة الاستخبارات، مع مراعاة عدة نقاط هامة، هي:
1-أن إسناد مهام مستحيلة إلى أجهزة الاستخبارات ليس حلاً للمشكلات، وسوف يكون هناك فجوات خطيرة في الإنذار المبكر، والدفاع، وتحديد الجناة، وغير ذلك. ولابد للمسؤولين أن يدركوا أن الضباب والغموض الذي يحيط بالعمليات الإرهابية سوف يظل مشكلة هامة في هذه الصراعات، ويبنوا خططهم على أساس ذلك.
2-أن عمليات الردع، أو الرد على الهجمات وما يسبقها من تحديد للمشتبه فيهم، والقبض عليهم، أو القضاء عليهم، لن تكون متفقة تمامًا مع المعايير القانونية التي يجب مراعاتها في وقت السلم.
3- أن الجهود المنفصلة التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات لن تصلح كبديل عن ضرورة توحيد وتضافر جهود الاستخبارات، والعمليات والتخطيط، خصوصاً في ظل وجود تهديدات تتطلب الرد عليها بسرعة وكفاءة.
4- من الصعب تطوير نظم الإنذار الاستراتيجي المبكر، لأن جميع الإنذارات المبكرة لن تكون واضحة وحاسمة، ويجب أن يقبل السياسيون ويتخذوا قراراتهم على ضوء ذلك، لأن التطوير أو المعدات الحديثة لا تعني أن رجال الاستخبارات ستكون لديهم كرة بلّورية لرؤية أحداث المستقبل، والتأكد منها بصورة قاطعة.
5- بالنسبة لعملاء الاستخبارات، فإنه رغم نجاحهم في كثيرٍ من المهام التي تسند إليهم، إلا أن هناك بعض المراكز لا يستطيعون اختراقها، كما أن اندماجهم في المنظمات الإرهابية ينطوي على كثيرٍ من المخاطر، وهناك أماكن لا يستطيعون الوصول إليها، ولذلك، فإن المعلومات التي يقدمونها لابد أن تخضع لتحليلات مكثفة للتأكد من صحتها.
6-أن الإمكانات التكنولوجية لن تكون بمثابة الرصاصة السحرية لتحسين كفاءة الاستخبارات، أو العمليات، أو تنفيذ القانون، فكثير مُن المعدات التكنولوجية التي يتم تطويرها تكون باهظة التكاليف، ويصعب من الناحية العملية نشرها أو استخدامها على نطاق واسع.
إن العديد من الدول تواجه تهديدات حقيقية مكلفة وخطيرة، لذلك، يجب عليها أن تتعقب المتورطين في هذه التهديدات، وهي تحتاج في سبيل ذلك قدرات عملياتية قوية من جانب أجهزة الاستخبارات للمساعدة في الإيقاع بهؤلاء الإرهابيين أو استهدافهم.
من الضروري أيضًا دراسة تطور وسائل الإرهاب والأسلحة التي يستخدمها الإرهابيون، وهناك خطوتان يجب اتخاذهما، وهما: تحديد طبيعة مرتكبي الهجوم الإرهابي المحتملين، وتحديد الوسائل التي قد تستخدم في شن هذا الهجوم، وقد لوحظ أن الأبحاث التي أجريت حول أخطار الإرهاب لا تلقي بالاً إلى مشكلة الغموض، وينتج عن ذلك خمس مشكلات في التخطيط والتحليل، هي:
1- عدم وجود نموذج متطور لتحليل وتوصيف التهديدات.
2- الإخفاق في النظر إلى ما هو أبعد من النماذج السابقة للهجمات الإرهابية، ودراسة كافة أنواع التهديدات التي يحتمل مواجهتها مستقبلاٍ.
3-عدم وجود تقديرات واضحة، قريبة ومتوسطة المدى، للكيفية التي سوف يتطور بها التوازن بين وسائل الهجوم ووسائل الدفاع.
4-الإخفاق في تحليل طبيعة وتأثير كثيرٍ من الجوانب الغامضة، مثل حجم الدمار الذي يمكن أن يحدثه هجوم إرهابي بأسلحة نووية، أو بيولوجية، أو كيميائية، أو إشعاعية.
5- الإحجام عن التفكير الصريح في النتائج الكاملة التي قد يسفر عنها هجوم شامل وواسع النطاق، وخيارات الرد والدفاع.
ومن الناحية العسكرية فمن المعروف أن للإستخبارات العسكرية دورا كبيرا في جميع المعارك ولكن المعرفة الحديثة امتازت عن سواها بوجوب تكريس الجهد الأكبر لأن جميع الأطراف تستخدم الأسلحة الحديثة المتطورة والمؤثرة والفتاكة لذلك يجب على الإستخبارات أن تقوم بالدور النشط الفعال حتى تتمكن من معرفة قوات العدو وكم من الزمن تستطيع الصمود في المعركة قبل أن تطلب المساعدات الخارجية ، وعند ذروة نشاط الإستخبارات تستطيع تجنب وقوع المباغتات والمفاجآت التي يمكنها أن تؤثر على القدرات القتالية للقوات الصديقة ، ومن ضمن أدوار الإستخبارات في المعركة الحديثة ما يلي:
أ- منع وقوع المفاجآت
ب- تشغيل القوات في الزمان والمكان المناسبين .
ج-تحديد قوات العدو وأسلحته ومواقعه.
د-توفير معلومات عن العدو على المستوى التكتيكي ولإستراتيجي.
ه- توفير الصور الإستخبارية الواضحة أمام أصحاب القرار.
يتفق كل من واضعي سياسة الدولة والقادة العسكريين الذين يقومون بالتخطيط العسكري على أنه يجب أن يكون لديهم صورة دقيقة وكاملة عن العدو المحتمل مثل تكوين حكومته والتكتلات السياسية داخل بلاده وأهدافه القومية وأغراضها ومقوماته الصناعية والإقتصادية وتكوينه الإجتماعي والأخلاقي إلى أخر تلك المعلومات التفصيلية التي ت}ثر تأثيرا حيويا على الخطط السياسية والعسكرية، كما يجب على قادة القوات الذين يعملون في بلاد أجنبية أن يخطروا بهذا كله إذا كان من واجبهم القيام بدور مؤثر فعال ضد حركات المقاومة والعصابات التي تدار في أرض العدو ، أو إذا كان واجبهم إدارة الحكومة المحلية على أساس عسكري أو أن يقوموا بتنفيذ برنامج سكيولوجي معقول وعلى أساس قديم .
بازدياد مسؤوليات المخابرات وتعدد ميادينها مع التطور العلمي الحديث أصبحت المخابرات متعددة الصور والأقسام ، أولا من ناحية ميدان العمل، وثانيا من ناحية التخصص داخل منظمات المخابرات المعقدة وخاصة على مستوى الدولة أو خارجها، وعلى سبيل المثال فإن الإستخبارات العسكرية التي كانت في وقت ما اصطلاحا شاملا لأعمال المخابرات الخاصة بالمسائل العسكرية استبدلت من الناحية العملية بمخابرات الجيش والبحرية والطيران وكل من هذه الأقسام الثلاثة له ميادين متعددة لأعمال المخابرات ويختص بنوع من المعلومات اللازمة فالمعلومات الخاصة بتنظيم المعركة تعنى بصفة عامة بالتنظيم والقوة والتوزيع والمهام والمعلومات عن المعدات والتسليح والتدريب والتكتيكات للقوات المسلحة .
الخلاصة
في ظل متغيرات الواقع الاستراتيجي الدولي ووحداته المختلفة،والتي أفرزت أنواعًا غير تقليدية من التهديدات باتت هناك ضرورة لتبني وسائل وتكتيكات تدريبية وسياسات أمنية من شأنها زيادة فاعلية أجهزة الأمن المختلفة(ولاسيما الشرطة) في التعامل مع تلك التهديدات..
فقد أصبحت مسألة بناء فرد الأمن(مهنياً،وتدريبياً،وثقافياً) ضمن أولويات الأجندة الوطنية للعديد من دول العالم،وخاصة تلك التي تقع تحت طائلة التهديدات المستمرة،وهو ما ينطبق بدوره على المملكة المغربية،التي تشهد بيئتها الخارجية بعض التوترات،والأزمات،المحفزة لظهور تيارات وعناصر تستهدف أمن وسلامة المملكة. إن مكمن الصعوبة في القضاء على الإرهاب هو أن جميع الجهود لن تكون كافية للتغلب على الأسباب الجوهرية لهذه الظاهرة، وهي: الفقر، والإحساس بالاغتراب، والعزلة، والسخط، والأحقاد العرقية ذات الجذور التاريخية؛ وفي الوقت نفسه، فإن أفضل الأسلحة الموجودة الآن هي اليقظة الدائمة، والحرص على جمع المعلومات الاستخباراتية في الوقت المناسب.
* باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي-جامعة محمد الخامس- الرباط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.