شهدت مدينة ديربان في جنوب إفريقيا، الأسبوع الماضي خلال انعقاد المنتدى العالمي للاستثمار الملائكي 2023، حدثا مهما يحمل كثيرا من التقدير للقيادات العربية والإسلامية والاعتراف بكفاءتها في التسيير والتدبير؛ فقد مُنح الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، جائزة أفضل قيادي لعام 2023. وتعد هذه الجائزة من الجوائز الدولية المرموقة المخصصة فقط للشخصيات المتميزة في القيادة واستشراف المستقبل على الصعيد الدولي، كما تمنح للقيادات وكبار المسؤولين الذين ساهموا برؤيتهم الاستراتيجية وبرامج عملهم السنوية في تطوير المجالات ذات الصلة بالتنمية المستدامة؛ وفي مقدمتها قطاع التربية والعلوم والثقافة. لقد كان ذلك التتويج مستحقا ومنصفا باعتبار أن الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة- "الإيسيسكو"، يعد أول مسؤول عربي وقائد منظمة دولية في العالم الإسلامي يحظى بهذا التقدير الدولي الكبير. إن هذا الاستحقاق تؤكده معطيات كثيرة، لا يتسع المقال لاستعراضها جميعها؛ لكن قد تكفي الإشارة إلى أمرين اثنين: الأمر الأول: يتمثل في فوز "الإيسيسكو" ومديرها العام بجوائز دولية من مؤسسات مرموقة من خارج العالم الإسلامي ومن داخله؛ ومنها جائزة "القيادة العالمية للحكامة الرشيدة 2021 " للقطاع العمومي والمؤسسات متعددة الأطراف والتي تمنحها مؤسسة كامبريدج للاستشارات المالية الدولية بالمملكة المتحدة، وجائزة جوستينا موتال الدولية المرموقة لتأهيل المرأة والقيادة الأيقونية عام 2023، بالإضافة على الحصول على شهادة المطابقة لمواصفات الجودة وفقا لمتطلبات المواصفة القياسية الدولية (آيزو 9001:2015) الخاصة بنظم إدارة الجودة، وجائزة وشهادة اعتماد الآيزو الدولية لنظام إدارة أمن المعلومات (ISO 27001) عام 2022، وجائزة (ابن خلدون) للتميز في التحول الاجتماعي العالمي 2022 من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، وجائزة مجمع الملك سلمان الدولي للغة العربية في فرع نشر الوعي اللغوي وإبداع المبادرات المجتمعية اللغوية. أما الأمر الثاني: فهو شهادة شخصية من كاتب هذا المقال، الذي اشتغل 18 سنة في "الإيسيسكو" خبيرا في إدارة الثقافة والاتصال ثم رئيسا لمركز الإعلام والاتصال، وواكب جزءا من بداية ولاية الدكتور سالم المالك بعد انتخابه مديرا عاما لهذه المنظمة في شهر ماي من سنة 2019. لقد كان الرجل طموحا إلى أقصى حد، وواثقا من قناعته، ومبادرا ومبتكرا في طريقة عمله في التواصل الإداري. وفي هذا الصدد، ما زلت أذكر أن الدكتور سالم بن محمد المالك أنشأ منصة على تطبيق التراسل الفوري "واتساب" تحت مسمى (قيادات الإيسيسكو) لتبادل الأفكار والآراء والاستشارات بين مسؤولي المديريات والمراكز المتخصصة في الإدارة العامة ل"الإيسيسكو"؛ وهو إجراء غير مسبوق حطم صنم البيروقراطية وساهم في بناء الثقة. ومباشرة بعد انتخابه أمام أعضاء المؤتمر العام الاستثنائي ل"الإيسيسكو"، لم يتردد في الإعلان عن الخطوط لعريضة لرؤيته الاستراتيجية وبرنامج عمله لتطوير المنظمة في مجالات التدبير الإداري والمالي والشراكات والتعاون والانتقال بها إلى مرحلة جديدة تواكب مستجدات العصر باعتماد الرقمنة، وتوظيف أحدث تكنولوجيا المعلومات والاتصال، واعتماد الاستشراف الاستراتيجي، واختيار مقاربة جديدة في تدبير الموارد البشرية والانفتاح على الدول غير الأعضاء في "الإيسيسكو". كما ظل الدكتور سالم بن محمد المالك يدافع بحكمة ومرونة عن رؤيته داخل الإدارة العامة وفي دورات المجلس التنفيذي والمنتديات والمؤتمرات واللقاءات الصحافية. وبعد ظرف وجيز، بدأت تظهر بجلاء ملامح الرؤية الاستراتيجية والاستشرافية الجديدة ل"الإيسيسكو"، واتسعت دائرة الاقتناع بأهميتها وأبعادها المتعددة لدى جهات الاختصاص في الدول الأعضاء والمنظمات الدولية ثم لدى الرأي العام داخل دول العالم الإسلامي وخارجه، فأصبحت "الإيسيسكو" اليوم منارة إشعاع حضاري دولي في مجالات التربية والعلوم والثقافة، وشريكا فعليا في صناعة مستقبل العالم الإسلامي. لذلك، لم يكن مفاجئا أن ينال الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، أفضل قيادي لعام 2023.