يشهد قطاع الجماعات الترابية غليانا شبيها بالاحتقان المخيم على قطاع التربية الوطنية، حيث أعلنت نقابات ممثلة لموظفي ومستخدمي الجماعات عن خوض إضراب وطني لمدة 48 ساعة، بسبب توقف الحوار القطاعي مع وزارة الداخلية، وعدم استجابة هذه الأخيرة لعدد من الملفات العالقة، كما تقول النقابات. وأعلن تنسيقُ نقابات الجماعات المحلية التابعة لكل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والفدرالية الديمقراطية للشغل، عن خوض إضراب وطني غدا الأربعاء وبعد غد الخميس، مصحوبا بوقفات جهوية أمام مقرات الولايات. ويأتي الشكل الاحتجاجي الذي دعا إليه التنسيق النقابي الثلاثي احتجاجا على "عدم وفاء وزارة الداخلية بالتزاماتها المتضمنة في بروتوكول 25 دجنبر 2019′′، و"تعطيل اشتغال اللجان التقنية الموضوعاتية وتوقيف الحوار". وكانت وزارة الداخلية باشرت حوارا مع النقابات الممثلة لموظفي ومستخدمي الجماعات، من أجل بلورة نظام أساسي جديد، وحل عدد من الملفات المطلبية، غير أن الحوار توقف منذ شهور، ولم يتم استئنافه بعد. وأفاد رشيد زناوي، الكاتب الإقليمي للنقابة الديمقراطية للجماعات المحلية ببنسليمان، بأن الحوار القطاعي بين النقابات ووزارة الداخلية توقف بعد رحيل المسؤول المكلف بهذا الملف في الوزارة، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة لم تبادر بعد ذلك إلى استئناف الحوار. وقال المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إن "النقابات دعت إلى الإضراب الوطني لمدة يومين بسبب مماطلة وزارة الداخلية في استئناف الحوار"، مشيرا إلى أن "الحوار مع الوزارة كان يناقش عددا من الملفات، منها النظام الأساسي، وتفعيل مخرجات حوار 26 أبريل 2011، التي لم يفعَّل منها شيء"، على حد تعبيره. وتطالب النقابات كذلك بالزيادة في أجور موظفي ومستخدمي الجماعات الترابية، وتسوية وضعية حملة الشهادات، والمساعدين الإداريين، وتفعيل مؤسسة الأعمال الاجتماعية "في أقرب الآجال"، وصرف أجرة شهر إضافي على غرار باقي القطاعات، وإقرار درجة جديدة في الترقي... ويبدو الوضع في قطاع الجماعات المحلية شبيها بالاحتقان السائد في قطاع التربية الوطنية، بحسب إفادة رشيد زناوي، حيث سبق لوزارة الداخلية أن عرضت مشروع نظام أساسي جديد على النقابات، غير أن هذه الأخيرة تحفظت عليه، قبل أن يتوقف الحوار القطاعي دون الوصول إلى أي اتفاق. من جهتها قالت الجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، إن "إغلاق الحوار ومباشرة الاقتطاع من رواتب المضربين عن العمل هو العنوان البارز لسياسة التغول بقطاع الجماعات الترابية". وشددت النقابة ذاتها على أنها لن توافق على النظام الأساسي، إلا بعد حل الملفات العالقة، ومنها ملف حملة الشهادات والدبلومات، وملف خريجي مراكز التكوين الإداري، وملف الأعوان العموميين خارج الصنف، و"كل ضحايا مراسيم الأنظمة الأساسية لسنة 2010 بالقطاع"، داعية الشغيلة الجماعية إلى خوض إضراب وطني يومي 6 و7 دجنبر المقبل. سليمان القلعي، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض، قال إن آخر جلسة حوار مع وزارة الداخلية كانت بتاريخ 21 مارس الماضي، في إطار اللجان التقنية الثلاث، مشيرا إلى أن الحوار مع اللجنة المكلفة بالنظام الأساسي خلص إلى اتفاق على الدعوة إلى عقد اجتماعات لاحقة. "ولم يتم ذلك، رغم سلسلة الإضرابات التي خُضناها"، يردف المتحدث. وأضاف القلعي، في تصريح لهسبريس، أن وزارة الداخلية قدمت ثلاثة مشاريع للنظام الأساسي لموظفي الجماعات الترابية، غيرَ أن الجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض طالبت بحل الملفات العالقة أولا، وأن يكون أي نظام أساسي بمرسوم، وليس بقانون، على غرار باقي القطاعات الأخرى، من أجل تمكين النقابات من التفاوض حول مختلف مقتضياته، كالتعويضات، والمهام، والعقوبات التأديبية... ذاهبا إلى القول إن المشاريع التي اقترحتها وزارة الداخلية "لا تليق بالقرن الواحد والعشرين، علما أن موظفي الجماعات الترابية هم صلب التنمية".