مباشرة بعد قرار التوقيف النهائي عن العمل الصادر في حق القاضي نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرشيدية، سارع "نادي قضاة المغرب" إلى التحذير من "تراجع منسوب الشعور بالأمن المهني لدى عموم القضاة". وعقد "نادي قضاة المغرب"، أمس السبت، "اجتماعا طارئا" على خلفية صدور مقرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية القاضي بعقوبة الانقطاع النهائي عن العمل (العزل) في حق القاضي عفيف البقالي، الذي كان يشغل مهمة رئيس المكتب الجهوي للنادي بالرشيدية. وقالت الهيئة ذاتها في بلاغ عقب الاجتماع إنها تسجل، في الآونة الأخيرة، ملاحظاتها حول "انخفاض منسوب الشعور بالأمن المهني لدى عموم القضاة، لاسيما أمام التزايد المطرد في فتح مساطر تأديبية بسبب أخطاء قضائية". واعتبر نادي قضاة المغرب أن الأخطاء القضائية التي بسببها تصدر قرارات تأديبية في حق القضاة "تُصحَّح بطبيعتها عبر طرق الطعن القانونية، أو تأتي بسبب أمور لا تشكل إخلالا مهنيا في الأصل، كبعض الأخطاء المادية الناتجة عن ضغط العمل وكثرة القضايا". وعبّر "نادي القضاة"، وهو جمعية مهنية تأسست عام 2011، عن مخاوفه من "انخفاض منسوب الشعور بالأمن المهني"، معتبرا أنه "قد لا يعود إلى الأخطاء الناتجة عن ضغط العمل وكثرة القضايا، وإنما إلى عدم قدرة القضاة على توقُّع نتائج تدبير وضعياتهم المهنية، بما فيها مسطرة التأديب، ومدى احترام المعايير القانونية المتعلقة بها، والواردة في الباب الأول من القسم الرابع من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية". وأشار النادي في هذا الإطار إلى مبدأ "التناسب" بين الفعل والعقوبة "المنصوص عليه صراحة في مستهل المادة 99 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وفق قاعدة التدرج". واعتبرت الهيئة القضائية ذاتها أن "كل زعزعة لثقة القضاة في تدبير وضعياتهم المهنية من شأنه التأثير على اطمئنانهم، وهو ما قد يمس، بشكل غير مباشر، باستقلاليتهم واستقلالية السلطة القضائية التي يمثلونها". وكان المجلس الأعلى للسلطة القضائية أصدر مقررا بتاريخ 9 نونبر يقضي بعزل نائب وكيل الملك بالرشيدية، بعد أن أحيل على المجلس التأديبي "من أجل الإخلال بواجب اللباقة والشرف والوقار والكرامة". وفي المقابل قال القاضي المعزول، الذي سبق أن تم نقله من المحكمة الابتدائية بالعيون إلى المحكمة الابتدائية بالرشيدية، إن إرهاصات عزله بدأت منذ إشعاره المجلس الأعلى للسلطة القضائية "ببعض الاختلالات بالمحكمة الابتدائية بالعيون"، معتبرا أنه كان يعتقد أن "المحاسبة ستطال المسؤولين عن تلك الاختلالات". وعبر "نادي قضاة المغرب" عن "تضامنه اللامشروط مع هذا القاضي المشهود له بالنزاهة والاستقامة والكفاءة والدفاع عن استقلالية السلطة القضائية، وهو ما أكدته مختلف التقارير المنجزة على ذمة قضيته من طرف جهات رسمية عديدة، دعما منه لممارسة القضاة لحقهم الدستوري في التعبير". وقرر النادي، عقب اجتماعه الطارئ أمس، إحالة ملف "الأمن المهني للقضاة"، ومعه قضية القاضي عفيف البقالي، "كأنموذج له"، على "أنظار مجلسه الذي سينعقد بتاريخ 16 دجنبر 2023، باعتباره أعلى هيئة تقريرية بعد الجمع العام، وذلك من أجل تدارس سبل وآليات معالجته وإصدار توصياته بخصوصه". وجددت الهيئة المهنية ذاتها تشبثها بمضامين الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المجلس الأعلى للقضاء في فاتح مارس 2002، ولاسيما ما تعلق منها ب"تعزيز الضمانات التي يكفلها الدستور للقضاة، والتجرد في تدبير وضعيتهم المهنية، والحرص على مكافأة خصال النزاهة والاستقامة والجدية والشجاعة".