في سابقة من نوعها، لم يخصص الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء، فقرات تهم تموقع المغرب في الفضاء العربي والشرق أوسطي حيث لم يتطرق الخطاب إلى القضية الفلسطينية والعلاقات العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، كما لم يخصص الخطاب حيزا للجزائر باعتبارها طرفا في النزاع المفتعل حول الصحراء خاصة وأن جلالته انتهج سياسة اليد الممدودة تجاه الجارة الشرقية، صنيعة الجبهة الانفصالية البوليساريو الإرهابية، في إطار الحفاظ على بصيص من الأمل لإحياء اتحاد المغرب العربي الذي تسببت الجزائر في إقباره. الملاحظ كذلك، أن الخطاب الملكي لم يتطرق إلى مستجدات قضية الصحراء المغربية خصوصا وأن الخطاب الملكي تزامن مع صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2703، وإن كانت المملكة قد عبرت عن ارتياحها لهذا القرار من خلال بلاغ صادر عن وزارة الخارجية المغربية والذي أكدت أن هذا القرار يأتي في سياق يتسم باستمرار الدينامية الإيجابية التي يشهدها الملف تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، وأضاف البلاغ ذاته أن الدعم الدولي المتزايد من نحو مائة بلد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، وافتتاح أكثر من ثلاثين قنصلية عامة في كل من العيون والداخلة، مع عدم الاعتراف من قبل أكثر من 84% من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة بالكيان الوهمي، وكذلك التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة في إطار نموذج التنمية الجديد بالأقاليم الجنوبية، يعزو النهج الذي تدعو إليه المملكة في معالجة هذه المسألة. بمعنى آخر، فالخطاب الملكي لم يعطي حيزا كبيرا للبعد السياسي والدبلوماسي لملف الصحراء بل ركز بشكل أكبر على البعد الاقتصادي والتنموي بالمناطق الجنوبية وبالفضاء الأطلسي الإفريقي حيث خصص في فقرته الرابعة عن أهمية هذا الفضاء بالنسبة لمستقبل التنمية بالمناطق الجنوبية بالمملكة في إطار بعدها الإقليمي والقاري مستحضرا جلالته الأهمية الجيواستراتيجية للواجهة الساحلية الأطلسية باعتبارها بوابة المغرب نحو إفريقيا ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي، حيث حرص جلالته على هيكلة هذا الفضاء الجيو- سياسي على المستوى الافريقي بغاية تحويل الواجهة الأطلسية للمملكة إلى فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي. Loading Ad 00:00 / 00:00 تقريبا كل فقرات الخطاب الملكي، ركزت بشكل كبير على المشاريع التنموية المهيكلة بالمناطق الجنوبية مع إعطاء نفس جديد لفرص التنمية بهذه المناطق من خلال التطرق إلى أوراش ومشاريع تنموية جديدة ستعزز من فرص التنمية بها، واللافت للنظر في هذا الخطاب هو الحرص على استكمال المشاريع الكبرى التي تشهدها الاقاليم الجنوبية مع توفير الخدمات والبنيات التحتية المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية وكذا تسهيل الربط وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك؛ بما في ذلك التفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني قوي وتنافسي، هذا يشكل الدلالة الأولى للتوجهات الاستراتيجية التنموية للمملكة من خلال جعل منطقة الصحراء المغربية منصة للاستثمار الاقتصادي والتبادل التجاري بين المغرب وعمقه الإفريقي وجواره الأوروبي وفضائه الأطلسي الأمريكي. وهو توجه ذو منحى استراتيجي له أبعاد وأهداف جيواستراتيجية على المدى المتوسط والبعيد، وذلك في ظل الصراع المحموم بين القوى الكبرى والقوى الاقليمية الصاعدة على القارة السمراء بالنظر لإمكانياتها البشرية والطبيعية فهي تشكل مستقبل التنمية للاقتصاد العالمي. لكن ماهي أبعاد ودلالات تركيز الخطاب الملكي بشكل كبير على الفضاء الأطلسي الإفريقي؟ وما هو السياق الوطني والاقليمي و الدولي الذي يجعل الفضاء الأطلسي الإفريقي يحظى بهذه الأولوية في التوجهات الجيواستراتيجية للمملكة وماهي ارتباطات ذلك بتبني المغرب لسياسة دبلوماسية القنصليات بالصحراء المغربية ؟ بداية، لا بد من التأكيد على أن المغرب لم يتوقف منذ الاستقلال عن تأكيد هوية الإفريقية فطالما جعل تطوير علاقاته مع البلدان الإفريقية من بين أهم أولوياته الاستراتيجية متوسلا في ذلك بتقوية علاقاته السياسية وإنشاء شراكات متنوعة وخصبة ملتزما بوفائه للروابط التاريخية والحضارية والدينية المتينة التي تجمعه بهذه البلدان. في عهد الملك محمد السادس اتخذ هذا المنحى الإفريقي منحا جديدا إذ تم إدراجه ضمن رؤية طويلة المدى ترتكز على أسس التعاون جنوب- جنوب. شهد التعاون الاقتصادي المغربي مع دول الغرب الإفريقي نموا ملحوظا رغم أنه قد انسحب من منظمة الوحدة الإفريقية منذ سنة 1981. وتطور هذا التعاون عبر ثلاثة مراحل أساسية انطلقت المرحلة الأولى بإشراك المقاولات المغربية في وضع عدة برامج مرتبطة بتطوير البنيات التحتية الأساسية، وخاصة بناء السدود وإنشاء شبكات الطرق والسكك الحديدية والاتصالات والتطهير والتزويد بالكهرباء وتدبير موارد المياه والسقي وغيرها. في المرحلة الثانية تم إشراك فاعلي القطاع الخاص في كل من مجالات الخدمات (البنكية، التكوين المهني، استغلال المناجم..) مدعمين في مبادراتهم بدبلوماسية اقتصادية جد دينامية. أما المرحلة الحالية فتتميز بدافع استراتيجية اقتصادية حقيقية تندرج في إطار الرؤية المتوسطة والطويلة المدى الموجهة نحو تحقيق اندماج جهوي أعمق في أبعاده التجارية والمالية والاقتصادية بل حتى النقدية تنبني على فضائل التعاون جنوب- جنوب. تعززت الشراكة المغربية الإفريقية أكثر بفضل الزيارات المتعددة التي قام بها الملك محمد السادس إلى عدة دول إفريقية والتي شكلت مناسبة لتوقيع عدد من الاتفاقيات وتدشين عدد من المشاريع في ميادين مختلفة، ساهم فيها المغرب سواء بالخبرة أو بموارده، سمحت بالعمل على اكتشاف الفرص الاقتصادية والاستثمارية التي يوفرها السوق الإفريقي. ولم يعد التعاون مرتكزا على الجانب الحكومي بل شمل تنوعا ساهم فيه القطاع العام والقطاع الخاص مما ساعد على رفع حجم المبادلات بين المغرب وإفريقيا. حقق هذا التوجه العديد من المكتسبات السياسية والدبلوماسية تمثلت بالأساس في سحب عدد كبير من الدول الإفريقية اعترافها بالجمهورية الوهمية وتأييد المخطط المغربي الرامي إلى تخويل المناطق الصحراوية نظاما ذاتيا للحكم في ظل السيادة المغربية. علاوة عن هذا المعطى التاريخي الذي يؤكد علاقة المغرب بعمقه الافريقي، فإن هناك عدة اعتبارات ورهانات جيوسياسية جعلت من هذا الفضاء يصبح عمقا استراتيجيا للسياسة المغربية الخارجية، أول هذه الرهانات هو ما يتضمنه هذا الفضاء من ثروات وموارد بشرية وطبيعية غنية من جهة، وكذلك بالنظر إلى التقدم الملموس الذي يعرفه مشروع الربط القارب بأنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا مرورا بدول الغرب الافريقي وما يحمله هذا المشروع من رهانات تنموية ذات بعد قاري ودولي من جهة ثانية، كما أن ما يشهده ملف الصحراء المغربية من تحولات اليوم يقتضي تبني استراتيجية جديدة لتدبير الملف، وهذا ما تنبه له المغرب من خلال نهجه لدبلوماسية تنموية مع الدول الإفريقية المؤثرة والقوى الإقليمية والدولية التي لها أطماع في الثروات والموارد النفيسة بالقارة السمراء من جهة ثالثة. في عالم اليوم، يعتبر العامل الاقتصادي إحدى الدعامات التي تقوم عليها العلاقات الدبلوماسية، ويراهن المغرب على أن تكون المناطق الجنوبية نقطة عبور للاستثمارات الأوروبية والأمريكية والصينية والخليجية خاصة أنه يرتبط بعدة اتفاقيات للتبادل الحر، مما يجعله لكافة شركائه التجاريين ومستثمريه منفذا لسوق من مليار مستهلك، ويمثل ناتجها الداخلي الخام 60% من الناتج العالمي. ورغم أن المغرب يرتبط بالدول الإفريقية، وخاصة الغربية منها بأزيد من 500 اتفاقية إلا أن العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا جنوب الصحراء لازالت دون المستوى المطلوب، فإفريقيا تعتبر رابع حليف تجاري إقليمي للمغرب فقط؛ بما نسبته 5%,6 فقط من حجم التجارة الخارجية العامة للمغرب، في حين تبقى أوروبا الحليف التجاري الأول بأكثر من 62% من مجموع التبادلات، ثم آسيا ب 19%، ثم أمريكا ب 12%. دون أن ننكر التحسن المهم الذي عرفته خلال العقد الأخير حيث انتقل حجم المبادلات بين المغرب وإفريقيا من 10 إلى17 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2004 و2014، ووصلت الصادرات المغربية نحو إفريقيا جنوب الصحراء 7,11 مليار درهم سنة 2013 مقابل 2 ,2 مليار درهم سنة 2003 . من الواضح جدا أن بلادنا، تسعى من وراء هذا النهج الدبلوماسي والتجاري من خلال التحرك في الفضاء الأطلسي الإفريقي، إلى إقرار سيادتها على الصحراء من خلال تعزيز التحالفات مع دول المنطقة وكسب الدعم الدولي، فضلًا عن تعزيز طرح المغرب بخصوص الحكم الذاتي، إلى جانب فرض سياسة الأمر الواقع بشأن سيادة المغرب على الصحراء، وأخيرًا خلق واقع سياسي وقانوني دولي جديد يؤمن سيادة المغرب على الصحراء. في الواقع أن ما يشهده ملف الصحراء المغربية من تحولات اليوم يقتضي تبني استراتيجية جديدة لتدبير الملف، وهذا ما تنبه له المغرب من خلال نهجه لدبلوماسية تنموية مع الدول الإفريقية المؤثرة والقوى الإقليمية والدولية التي لها أطماع في الثروات والموارد النفيسة بالقارة السمراء. من خلال قراءتنا لفقرات الخطاب الملكي، يتضح أن المملكة تخطو خطوات ثابتة نحو خلق تكتل إقليمي ودولي داعم لمغربية الصحراء: عبر عقد شراكات اقتصادية مبنية على مبدأ رابح/ رابح مع القوى الاقليمية والدولية الفاعلة في القرار الدولي. وفي هذا الإطار استضافت المملكة المغربية فعاليات المؤتمر الوزاري الأول للدول الأفريقية الأطلسية ويهدف هذا الاجتماع الأول من نوعه إلى بلورة رؤية أفريقية مشتركة حول هذا الفضاء الحيوي، والنهوض بهوية أطلسية أفريقية والدفاع بصوت واحد عن المصالح الاستراتيجية للقارة الأفريقية. كما تهدف هذه المبادرة المغربية بشكل رئيسي إلى تحقيق الاستفادة المثلى من القيمة الاستراتيجية للمحيط الأطلسي، ورغبة المملكة في توحيد جهود الدول المحاذية للساحل الأطلسي كافة حول مبادئ مشتركة ومصالح متوافقة فيما بينها، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الدول المشاركة في هذا الاجتماع من خلال ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز الحو ار السياسي والأمني؛ الاقتصاد الأزرق؛ البيئة والطاقة. تتمتع الدول المشاركة في الاجتماع الوزاري للدول الأفريقية الأطلسية بمؤهلات اقتصادية هائلة، فهي تمثل 46% من سكان القارة الأفريقية، وهو ما يعني امتلاكها قوة بشرية هائلة يمكن الاعتماد عليها في تحقيق التنمية الاقتصادية داخل هذه الدول في حال قيامها بتنفيذ اتفاقات التكامل الاقتصادي والتعاون الاقتصادي والتجاري. كما أن هذه الدول تساهم بحوالي 57% من حركة التجارة القارية، وحوالي 55% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة الأفريقية. إلا أنه، على الرغم من الإمكانيات الاقتصادية الهائلة التي يتمتع بها الفضاء الأطلسي الإفريقي، فإن دوله لا تستقبل سوى 4%من الاستثمارات الأجنبية الموجهة للدول الأفريقية، وهو ما يدفع هذه الدول لمحاولة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية فيما بينها واتخاذ مواقف موحدة يمكن من خلالها الترويج لما تمتلكه من إمكانيات اقتصادية جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية، ويتقاطع مع ذلك الإعلان عن البدء في تنفيذ مشروع إنشاء أنبوب لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا عبر الأراضي المغربية بطول 5660 كم، ومروراً ب 15 دولة في غرب أفريقيا، الأمر الذي من شأنه المساهمة في إنعاش اقتصادات هذه الدول خلال الفترة القادمة. هذا ما يوضح القيمة الجيواستراتيجية التي يوليها المغرب للفضاء الاطلسي الافريقي. كما أن هناك عدة أبعاد جيوسياسية مرتبطة بهذا الفضاء الجديد بحيث يهدف المغرب من وراء إحداث هذا التكتل تحقيق عدة أهداف استراتيجية أهمها؛ خلق إطار جيواستراتيجي للتشاور السياسي بين المغرب وهذه الدول، بما يؤدي في نهاية الأمر إلى تحقيق الاستقرار والسلم داخل هذه الدول في مواجهة المخاطر والتهديدات الأمنية المترتبة على تصاعد أنشطة التنظيمات الإرهابية في بعض الدول الأفريقية؛ تعزيز الحو ار السياسي والأمني حيث يمكن هذا التكتل من اتخاذ مبادرات مهمة لإطلاق المشاورات السياسية بين دول القارة الأفريقية وهو ما يؤدي إلى بما تعزيز العلاقات السياسية بين هذه الدول وفي الوقت نفسه توظيف التقارب السياسي من أجل الحفاظ على المصالح المشتركة للدول الأفريقية. كما يعكس هذا التوجه، الحرص المغربي على منافسة الجارة الشرقية على المستوى الإفريقي خاصة أن الفترة الأخيرة شهدت تحركات دبلوماسية مكثفة قامت بها الجزائر في محاولة منها لحصار المغرب في ظل انسداد العلاقات بين الدولتين بناءً على القرار الجزائري بقطعها في غشت 2022، ومن ذلك محاولة استمالة الموقف الموريتاني للصف الجزائري عبر الاتفاق معها على إمدادها باحتياجاتها من الغاز الطبيعي. من الواضح أن بلادنا، تسعى من وراء هذا النهج الدبلوماسي والتجاري من خلال التحرك في الفضاء الأطلسي الإفريقي، إلى إقرار سيادتها على الصحراء من خلال تعزيز التحالفات مع دول المنطقة وكسب الدعم الدولي، فضلًا عن تعزيز طرح المغرب بخصوص الحكم الذاتي إلى جانب فرض سياسة الأمر الواقع بشأن سيادة المغرب على الصحراء وأخيرًا خلق واقع سياسي وقانوني دولي جديد يؤمن سيادة المغرب على الصحراء. كما يمكن اعتبار تدشين قنصليات إفريقية وعربية في الصحراء المغربية يندرج في إطار هذا التوجه الاستراتيجي الذي يعطيه المغرب للفضاء الأطلسي الإفريقي. وهو توجه يأتي في سياق انفتاح المغرب على مجاله الحيوي الإفريقي واستغلاله لبنية العلاقات المتحولة والتغيرات في خريطة الفعل العربي وفي ظل تعنت الجزائر الطرف الرئيسي في هذا النزاع وعدم رغبتها في إيجاد حل له، بل أنها غالبا ما رفضت قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة بنزاع الصحراء. تتوخى المملكة من سياسة دبلوماسية القنصليات تهييئ الأرضية لتعزيز موقفها وتثبيت سيادتها على الصحراء المغربية، وذلك بالارتكاز على مبادئ اتفاقية جينيف لعام 1963 التي تؤكد أن فتح قنصلية في دولة ما هو إقرار بسيادتها على الإقليم بحسب القانون الدولي من جهة. كما ترغب المملكة من سياسة فتح القنصليات بالمناطق الجنوبية بجعل هذه المناطق منصة للتعاون المغربي الإفريقي، بل للتعاون الأورومتوسطي – الإفريقي من خلال جلب الاستثمارات المالية لاستغلال المؤهلات الاقتصادية التي تزخر بها هذه المنطقة فضلا عما تشكله الأقاليم الجنوبية من موقع جغرافي متميز يصل المغرب بعمقه الإفريقي. ختاما، يمكن القول أن خطاب المسيرة الخضراء لسنة 2023، هو امتداد لتراكمات إنجازات الدبلوماسية المغربية بخصوص مغربية الصحراء وتقديم مبادرة الحكم الذاتي من جهة، وللإنجاز الكبير بخصوص النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية لسنة من جهة ثانية، والتي خصها الخطاب الملكي بوصف الواجهة الأطلسية المغربية كبوابة ومنفد استراتيجي للعمق الإفريقي ونافذة حيوية ذات رهانات جيوسياسية على الفضاء الأمريكي. إن الاقتراحات والمبادرات التي تضمنها الخطاب الملكي بخصوص الفضاء الأطلسي الإفريقي ومنطقة الساحل، هي بمثابة تصور اقتصادي وأمني وسياسي واجتماعي وثقافي متكامل الأركان، وهو توجه يبرز أن المغرب باعتباره قوة إقليمية صاعدة بدأ يتحرك في مناطق نفوذه باعتبارها تشكل امتدادا لأمن القومي، متحررا من قيود وصاية الدول الفاعلة في المنتظم الدولي والتي ظلت ترسم مجالات تحرك الدول الضعيفة والصغيرة إن لم نقل فرض وصايتها الاقتصادية والسياسية والأمنية عليها. والسؤال الذي يمكن أن نستشفه من خلال الدالات والأبعاد العميقة للخطاب الملكي السامي فهل يضع المغرب منذ الآن اللبنات الأولى لوضع تكتل اقتصادي مشابه لمجموعة البريكس جديدة بالفضاء الاطلسي الافريقي بتنسيق مع حلفائه الاقليمين والدوليين الفاعلين والمؤثرين؟ هذا ما ستكشف عنه الأعوام القادمة. (*) أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط ورئيس مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية.