بعدما كانت "التوقعات المبكرة" للموسم الحالي تصب في اتجاه وصول سعر اللتر الواحد من زيت الزيتون إلى 100 درهم فإن التساقطات المطرية الأخيرة، التي عرفتها وستشهدها المملكة، بشرت بموسم فلاحي "متوسط إلى جيد" في ما يخصّ إنتاجية الزّيتون، بعدما عرفت السلسلة الأولى من الأشجار المثمرة "انخفاضا" دفع الحكومة المغربية إلى منع تصدير زيت الزيتون، التي تعدّ مادة أساسية ضمن النمط الغذائي المغربي. وفي العديد من المناطق المغربية وصل سعر اللتر الواحد من الزيت إلى 90 درهما مع انطلاق موسم "الجني المبكر"، الذي سيمتد حتى بداية يناير المقبل. ويعزو الفلاحون ذلك إلى "آثار الجفاف على الإنتاجية ونفاد ثروة العديد من الآبار التي كانت مصدر سقي للأشجار"، و"ارتفاع درجات الحرارة بشكل يؤثر على مراحل نمو الغلة خلال السنوات الأخيرة". لكن يبدو أن التساقطات مؤخراً خلقت أملاً جديداً لدى المزارعين والمواطنين. رشيد بنعلي، رئيس الفيدرالية البيمهنية المغربية للزيتون (INTERPROLIVE)، قال إن "التساقطات المطرية عمليا لن ترفع الغلّة، لكنها ستساهم في تجويد المحصول، لذلك مازلنا ننتظر المزيد من الأمطار بعدما تأثر الإنتاج بموسم فلاحي جاف أثر بشكل كبير على المحاصيل"، موضحا أن "الموسم الفلاحي الخاص بالزيتون سيكون إما متوسطا أو جيدا، ولكن لا يمكن أن يكون ممتازاً دفعةً واحدة". وأوضح بنعلي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن "المزارعين بكلّ مناطق المغرب التي تعرف زراعات الزيتون مازالوا يعوّلون على التساقطات المطرية، لأن الجني يبدأ منذ أكتوبر ويستمر حتى يناير، ما يوضّح أن هذا المطر يعد ضروريا في هذه المرحلة الحاسمة كمكمل لعملية منع التّصدير"، متوقّعاً أن "تعود الأثمان إلى سابق عهدها خلال الموسم الفلاحيّ الماضي، إذ كانت في الأسواق تبلغ نحو 80 أو 85 درهماً". وسجل رئيس الفيدرالية البيمهنيّة المغربيّة للزيتون أن "الأثمان مرتفعة تقريباً في العالم كاملا وليس في المغرب فقط؛ فيما وصلت الزيت في بعض الدول الأوروبية إلى 11 أورو للتر الواحد"، مؤكداً أن "ظاهرة نقص المردودية في الزيتون ومشتقاته، كالزيت، التي تشكل عنصرا ضروريا ضمن المائدة المغربية، هي ظاهرة عالمية تسببها التغيرات المناخية بشكل أساسي". من جانبه قال أحمد مفيد، أحد المزارعين بمدينة تازة المغربيّة، إن "التساقطات المطريّة خلقت نوعاً من التّفاؤل لدى المزارعين، الذين ظلوا يترقّبون حالة الطقس باستمرار في الأسابيع الأخيرة"، موضحاً أن "الإنتاج هذه السّنة بمنطقة تازة ونواحيها من الزّيتون متوسّط، لكن حين تسقط الأمطار يحرصُ المزارعون على تركه لأكثر من 10 أيام لكي يستفيد من تلك المياه، وبالتالي يصبح بجودة غذائية أفضل وتزداد قيمته". وأكد مفيد، في حديث لجريدة هسبريس، أن "الأثمان من المتوقع أن تنخفض هذا الموسم" بفعل التساقطات، مسجلا أن "الزيتون في مناطق عديدة مازال أخضر، وأغلب المزارعين لم يبدؤوا الجني". وأوضح المتحدث ذاته أن "المزارعين كانت لهم تخوفات كبيرة هذا الموسم، لأن الجفاف أثر بشكل كبير على المردودية، ويؤثر على الأسعار في السوق"، مؤكدا أنه "من المستبعد في الوقت الحالي أن تعود الأثمان إلى 60 أو 65 درهماً"، وأشار إلى أن "الأمر رهين بحالة الطقس والتساقطات مستقبلاً، فإذا عاد الزيتون للإنتاج العادي فسيكون ذلك لا محالة عاملاً لكي يجد المواطن الزيت بالأثمان التي تبدو مناسبة وفي المتناول"، وفق تعبيره. وتواصلت هسبريس مع مزارع من العطاوية، أكد بدوره أن "ثمن الكيلوغرام من الزيتون حاليا هو 10 دراهم، ما جعل ثمن زيت الزيتون هذا الموسم يصل إلى 90 درهما في العطاوية وفي مناطق أخرى عديدة"، مشيرا إلى أن "الزيتون سيصبح أقل ثمناً إذا كانت الشهور المقبلة ممطرة قبل مطلع السنة؛ فجودة الغلة تزداد عادةً في الفترة الفاصلة بين أكتوبر وأواخر دجنبر".