وجهت فرق المعارضة بمجلس المستشارين انتقادات لاذعة إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، بخصوص تدبيره لإصلاح المنظومة، ولا سيما النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي ما زال يثير ردود فعل رافضة من فئات واسعة من نساء ورجال التعليم، والنقابات والتنسيقات التعليمية، حيث أُعلن عن إضراب عام عن العمل لمدة ثلاثة أيام من اليوم الثلاثاء إلى بعد غد الخميس. الفريق الحركي أشار إلى أن المنظومة التعليمية "تشهد احتقانا غير مسبوق في جميع أسلاكها، بعد إصدار النظام الأساسي الذي تنصلت منه العديد من الأطراف الموقعة"، معتبرا أن النظام "غاب عنه التوافق والإجماع الذي كان في الاصلاحات السابقة التي جسدتها الرؤية الاستراتيجية 2015-2023". وحمّل يوسف ملال، مستشار برلماني عن الفريق الحركي، وزير التربية الوطنية مسؤولية الاحتقان الذي يشهده قطاع التربية والتعليم بسبب النظام الأساسي، نتيجة "للتكتم والسرية التي طبعت الحوار الاجتماعي لفئة تهم أكثر من نصف شغيلة القطاع العمومي"، و"عدم الرجوع إلى البرلمان، لا سيما الغرفة الثانية". ودعا المستشار البرلماني ذاته الوزير الوصي على القطاع إلى عرض النظام الأساسي المثير للجدل في لجنة التعليم والثقافة، "لمناقشة الفصول التي فيها اختلاف، بهدف تجنيب 8 ملايين تلميذ تبعات الوضع المحتقن الذي تعيشه جميع المؤسسات، لا سيما وأن التصعيد ما زال قائما". في السياق ذاته، نبّهت مجموعة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب إلى خطورة تداعيات إخراج النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية على المسار الدراسي للتلاميذ، وعلى استقرار المنظومة، بسبب الإضرابات والاحتجاجات التي أعقبته، حيث قال المستشار خالد السطي إن الاحتقان الذي تعرفه الساحة التعليمية "يهدد بسنة بيضاء". وتوقف السطي عند ملف الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، الذي قال وزير التربية الوطنية إنه "سيُطوى نهائيا" بفضل النظام الأساسي الجديد، معتبرا أن هذا المشكل، بخلاف ما جاء على لسان بنموسى، لم يُحلّ بعد؛ "لأن حلّه يقتضي خلق 140 ألف منصب مالي"، غير أنه استدرك مخاطبا الوزير بأن "عمل الوزارة سيكون محطَّ تنويه إذا استطاعت تسوية هذا الملف". وأردف المتحدث ذاته: "هذا النظام الأساسي رفضه الجميع، وأثار قلق الجميع"، موردا أن الحل "هو الإتيان بهذا النظام الأساسي إلى المؤسسة التشريعية، لأننا نريد قانونا أساسيا على غرار ما تم العمل به في الوظيفة الصحية، لكي تتحمل المؤسسة التشريعية مسؤوليتها". وأشار إلى أن وزارة التربية الوطنية "تتوفر على ميزانية كبيرة، ولكن أثرها غير واضح على نساء ورجال التعليم، ناهيك عن الميز الحاصل بين الموظفين، حيث تم تمتيع موظفين بزيادة في الأجر لكن ذلك لم ينطبق على الأساتذة"، متسائلا عن "زيادة 2500 درهم التي وعدت بها الحكومة الأساتذة". وحمّل فريق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذي كان طرفا في الحوار القطاعي الذي أفضى إلى إخراج النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية، الوزير بنموسى مسؤولية الاحتقان الذي تشهده الساحة التعليمية منذ أكثر من شهر. وقالت المستشارة هناء بن خير إن "الخطوة التي نسفت كل مسار الحوار هي إقدام الوزارة على تمرير النظام الأساسي بصفة أحادية، وتنكّرها للمبادئ المؤطرة والاتفاق المرحلي دون الأخذ بالتعديلات التي قدمها التنسيق النقابي بشكل مشترك"، على حد تعبيرها. وأضافت: "مع الأسف، تضمن النظام الأساسي مقتضيات غير منصفة وغير عادلة وغير محفزة، وتمس بكرامة هيئة التدريس وبعض الأطر التربوية الإدارية بعدم تمكينها من حقها في التحفيز، وعدم الرفع من التعويضات النظامية الخاصة بهيئة التدريس والتأطير والإدارة المجمدة منذ عشرين سنة، والإجهاز على مكتسباتها بإقرار نظام للعقوبات بدون مرتكزات، وإثقال كاهل المدرس بمهام جديدة دون تعويضات على غرار باقي موظفي القطاع العام". بدوره، اعتبر الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية أن "الأساتذة، الذين هم الفئة العريضة التي تشكل العمود الفقري للمنظومة التعليمية، لم يستفيدوا من هذا النظام الأساسي كما كان متوقعا". المستشار يوسف ايذي اعتبر أن الواقع الاجتماعي لرجل التعليم أصبح يشكل خطرا، قائلا إن "رجل التعليم أصبح عرضة للتنمر، فالسيارة المهترئة للمعلم، والمصروف الضعيف للمعلم"، مضيفا أن "المعلم يتعرض لنظرة ازدراء في المجتمع، وهذا شيء خطير وغير مقبول، ولا يمكن القبول بأن يكون مربو الأجيال عرضة للتنمر، وأن يعيشوا هذا الوضع الاجتماعي المأساوي".