أسابيع فقط تفصل المغرب عن الانتخابات الجماعية التي سيرشح فيها عمدة ورؤساء سيتخذون على عاتقهم تسيير المجال الحضري والقروي، فقد سبق وحدد الملك محمد السادس تاريخ إجراء هذه الانتخابات في الثاني عشر من شهر يونيو القادم، إلا أن الحملات الانتخابية للأحزاب المشاركة في هذا السباق بدأت قبل أوانها، وحملت معها بوادر الصراع من أجل السلطة. "" منذ أن تولى عباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال مهمة الوزير الأول في الحكومة الحالية لم ينعم بمنصبه وانهالت عليه الانتقادات من كل حدب وصوب إلى درجة أنه وصف بكونه أضعف رئيس حكومة عرفه المغرب. ومع قرب الانتخابات الجماعية اشتدت حدة الانتقادات والاتهامات ليس في حق الوزير الأول فقط بل أيضا في حق حزب الاستقلال ككل، والذي احتل المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية مما جعله يحظى بحصة الأسد وبرئاسة الحكومة وهذا ما أثار حفيظة فئة عريضة من المغاربة تتهم أهل فاس بمراكمة الثروات وتفقير الشعب. ومما زاد من حدة هذا الغيظ تجاه حزب الفاسيين ضعف الوزير الأول وإخفاقه في تحقيق إنجاز ما والعمل على إصلاح ذات البين مع المغاربة خاصة أولئك الذين راحوا ضحية لما يعرف بقضية النجاة والتي نصب فيها على الوزير وذهب ضحية غفلته مال وآمال العديد من شباب المغرب. الدكتور عبد الإله الكوشي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، يتوقع سقوط حزب الاستقلال في هذه الانتخابات، مؤكدا أن "الانتخابات الجماعية المقبلة لا تحمل أي أمل لحزب الاستقلال بحفظ ماء وجهه، وعدد من الأحداث وقعت لن تخدم مصالح الحزب في الحصول على نسبة جيدة، أولها ضعف الوزير الأول أمام متطلبات الشعب المغربي، وتماطله في تلبيتها وهنا اذكر إخفاقات الحوار الاجتماعي الذي لم يسفر عن إنجاز يذكر". ويتابع الكوشي "ثانيا، مشروع مدونة السير الذي قدمه وزير النقل والتجهيز كريم غلاب والذي ينتمي لحزب الاستقلال وخلف استياء عارما في الوسط المغربي، نجم عنه إضراب أرباب النقل مما أحرج الوزير الشاب ورئيسه في الحكومة، لدرجة ان الأصوات تعالت مطالبة برأس كريم غلاب وبتقديمه استقالته، وهذا حدث لن يمحى من ذاكرة المغاربة الذين سيتجهون إلى مراكز الترشيح". ثالثا، كما يضيف الكوشي، "حادثة اتهام مسؤولين في الحزب بالتغرير بطفل قاصر واغتصابه في مقر للحزب بمدينة العرائش ستزيد بالتأكيد في التأثير سلبا على حظوظ حزب الاستقلال في تحقيق مطامحه، مما سيفتح باب المنافسة بحدة أمام حزبين هما العدالة والتنمية المحسوب على التيار الإسلامي، وحزب الأصالة والمعاصرة الذي أنشأه صديق الملك فؤاد عالي الهمة". أما رابعا، ودائما حسب قول الكوشي، "إن عمدة فاس المحسوب على حزب الاستقلال ارتكب خطأين فظيعين ينذران بالإطاحة به، أولهما عندما اتهم المعارض الراحل المهدي بنبركة بكونه مجرم قاتل جر عليه وابلا من الانتقادات لم تأت من التيار اليساري فقط بل أيضا من داخل حزب الاستقلال، وثانيهما حين ادعى وجود حديث نبوي نوه فيه نبي الإسلام بمدينة فاس وأهل فاس وادعى على لسان النبي محمد بأنه وصف أهلها بالصلاح والتقوى، الشيء الذي أثار سخرية المغاربة، وجر عليه غضب علماء الدين في المملكة". أسباب كثيرة يرى فيها الأستاذ عبد الإله الكوشي نذير شؤم على الاستقلاليين في معركة الانتخابات الجماعية القادمة، وتنبئ بالإطاحة بالحزب المحافظ كما سبق وأطيح بحزب الاتحاد الاشتراكي في الانتخابات التشريعية السابقة، بعد أن كان يملك فئة عريضة من المناصرين سرعان ما تبخرت في الهواء عقب تولي الحزب الحكم وتبين أن "القول ليس كالفعل".