قال الزعيم اليساري الفرنسي جون لوك ميلونشون إن "فرنسا لا بد أن تطوي صفحة العجرفة والتعالي والنظر إلى الآخرين من البرج العاجي". وأكد مؤسس حزب فرنسا الأبية، على هامش زيارة رمزية لأمزميز المتضررة من الزلزال، استهل بها جدول أعماله بالمغرب، أنه "يرى أشياء تنشر في الصحافة الفرنسية في فترة الفاجعة تسير في اتجاه تعميق المشاكل، على الرغم من أنها فترة كانت تستدعي التخلص من كل ما هو خبيث وسلبي"، على حد تعبيره. ميلونشون دعا، خلال زيارته للمغرب أمس الأربعاء التي تتم في سياق التوترات في العلاقات بين باريس والرباط، إلى عدم الخلط بين السياسات الحكومية بين البلدين والشعبين المغربي والفرنسي، مؤكدا أن هناك جالية مغربية كبيرة بفرنسا وأن هناك مقيمين فرنسيين كثيرين بالمغرب ولهم العديد من المشترك الذي يجب استثماره لكي تشهد العلاقات تحسنا وتخرج من النفق المسدود. وقال الزعيم اليساري الفرنسي: "بوصفي شخصا يبذل جهدا كبيرا، فإنني أعجبتُ بهذا المستوى الذي أعاينه في التنظيم وبهذا التماسك الحيوي الذي يتحرك برِهانات الجمع بين الحماس العفوي للساكنة وعمل السلطات العمومية"، مضيفا: "هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن قوة المغرب الرئيسية هي الشعب المغربي، الذي أظهر صفات الصلابة والتضامن؛ وهي أشياء صارت تضمحل في أفق الحضارة المعاصرة". ويبدو أن ميلونشون يصر على "إحياء" الصخب القديم لليسار، بتأكيده على قيم التشارك والتعاون التي "مكنت المغرب من إعادة الأمور إلى سابق عهدها بالأطلس بعد وقت قياسي"، قائلا: "تحرك الجميع بعد هذه الكارثة هو أمر سحري بالنسبة لي؛ تنضاف إليه مستويات أخرى من التدخل، من السلطات المحلية إلى الدولة. كل هذا يعضد قناعاتي، ليس فقط في التصورات التي لدي عن أصدقائي المغاربة؛ ولكن في ما أعتقد أنه من المهم إدخاله في الحضارة الإنسانية: القدرة على التسامح والتعايش". ولم يخف الزعيم المرشح للرئاسة بفرنسا أن "الجمهورية لم تكن ذات ألقٍ في النظر إلى نفسها، وهو ما جعلنا نواجه تحديات كان من الممكن تجنبها"، مؤكدا أنه "من الضروري أن تتحسن العلاقات بين فرنسا والمغرب"، على اعتبار أن "هذه الطريقة في النظر إلى المغرب صارت بالفعل لا تطاق بالنسبة لي عندما أرى ما أراه هنا". وأضاف: "تصرف العديد من وسائل الإعلام بفرنسا لا يحترم الآخر ويكرس خطابا تضخيميا مبالغا فيه.. هناك من لا يزال يعتبر أنه له الصلاحية لتقديم الدروس للآخر، وهذا غير صحيح". وأورد: "أعرف، بالفعل، كيف تمكن المغرب من التعامل مع أزمة كوفيد-19؛ لكن الزلزال هو يشكل مستوى أعلى من حيث الدمار. وفي فرنسا، علينا أن نتعلم، وإذا كان هناك مكان يمكننا أن نتعلم فيه، فهو هنا". وهو يحاول التعبير عن تقديره المعروف للبلد الذي ولد فيه، أكد "الابن البار لليسار الفرنسي" أن "المغرب خرج من تبعات أزمة "زلزال الحوز" بشكل مثير للإعجاب، ونحن الفرنسيون لدينا دروس لنتعلمها هنا فيما يتعلق بالكفاءة والانضباط والمساعدة المتبادلة". ومضى شارحا: "في الحقيقة، أنا منبهر بقوة؛ لأن هناك أشياء أنتم أيها المغاربة مازلتم تعرفون كيفية القيام بها، لكننا فقدناها". وجوابا عن أسئلة الصحافة بخصوص قضية الصحراء المغربية، اعتبر الزعيم اليساري الفرنسي أن "هذه القضية حساسة ومهمة، وتحتل مكانة اعتبارية في وجدان المغاربة الذين يستحضرون المسيرة الخضراء"، واصفا الدبلوماسية المغربة ب"الفعالة"، ومؤكدا أنه "لا توجد علاقة مؤسسية بين حزب فرنسا الأبية وأية جهة أخرى غير أحزاب الديمقراطية المغربية"، في محاولة لدرء أي غموض حول التعاطف مع جبهة البوليساريو. وأورد المتحدث ذاته أن "اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء وبعدها إسبانيا وإسرائيل غيّر التصور الذي كان لدى العالم حول أهمية هذه القضية"، متمنيا أن "تتخذ فرنسا هذه المواقف المذكورة بعين الاعتبار وتفهم الظرفية"، قائلا: "نحن نعتمد قرارات الأممالمتحدة، والمغرب وضع على طاولة الهيئة الأممية مقترحا مهما، يجب أخذه بعين الاعتبار، في ظل السياسة الواقعية". ومن المثير للانتباه أن زيارة الزعيم اليساري الفرنسي جون لوك ميلونشون إلى المملكة تزامنت مع استقبال العاهل المغربي للسفير الفرنسي بالرباط، كريستوف لوكورتيي. وفي تدوينة منشورة على منصة "إكس" (توتير سابقا)، علق ميلونشون على الاستقبال قائلا: "أخبار جيدة.. ملك المغرب يستقبل السفير الفرنسي لأول مرة، قبل تنصيبه في مهمته"، مضيفا: "إنه تفنيد مهم للتضليل والمعلومات الكاذبة التي تنشرها صحيفة "لوموند"، التي تبذل كل ما في وسعها لإفساد العلاقة الفرنسية المغربية".