أعلن خوان خوسيه إمبرودا، رئيس مدينة مليلة المحتلة، المنتمي إلى الحزب الشعبي، أمس الخميس خلال مؤتمر صحافي، أن الملك فيليب السادس، ملك إسبانيا، سيستقبله، الاثنين المقبل، بقصر "لازارزويلا"، مقر الإقامة الرسمي للعاهل الإسباني. وكشف إمبرودا أن سيعبر للعاهل الإسباني عن "قلقه" حول ما سماه "العداء الذي يبديه المغرب بشأن قضايا الحدود ومطالبته الضمنية بضم سبتة ومليلة من خلال وصفهما بالمحتلتين". وأضاف رئيس مدينة مليلة المحتلة أنه سينقل إلى الملك فيليب السادس "عدم فهمه لسلوك بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، الذي يصرح علنا بأن المغرب هو أفضل صديق لمدريد مقابل استمرار تدهور الأوضاع في مليلية نتيجة استمرار إغلاق المعابر الجمركية بشكل عدائي"، على حد تعبيره. وليس هذه هي المرة الأولى التي تعبر فيه بعض النخب السياسية الإسبانية، خاصة تلك المحسوبة على الحزب الشعبي وحزب فوكس، عن مثل هذه المواقف، إذ سبق لرئيسي المدينتين المحتلتين أن طالبا الحكومة المركزية في مدريد بتوجيه احتجاج رسمي إلى الرباط، ردا على نشر السفارة المغربية في مدريد على موقعها الإلكتروني لخريطة كاملة للمملكة تضم المدينتين المعنيتين. ضجيج سياسي سعيد إدى حسن، محلل سياسي باحث بجامعة كومبولونتسي بمدريد، قال إن "تصريحات رئيس مليلية تندرج في إطار التدافع السياسي الذي تشهده الساحة السياسية الإسبانية في الوقت الحالي قبيل محاولة رئيس الحزب الشعبي تشكيل حكومة جديدة"، مشيرا إلى أن "هذه المحاولة من المؤكد أنها ستبوء بالفشل، لعدم توفر الحزب المذكور وحليفه حزب فوكس على الأغلبية داخل البرلمان". وأضاف إدى حسن أن "إمبرودا يعلم أن العاهل الإسباني لا سلطة له القضايا السياسية بهذا الحجم ولا على العلاقات الخارجية لمدريد؛ ذلك أن هذا يدخل في اختصاصات الحكومة التي تدبر علاقات إسبانيا، سواء مع المغرب أو مع باقي الفاعلين الدوليين"، موضحا أن "رئيس مليلية إنما يريد أن يحدث بعضا من الضجيج السياسي وأن يُظهر للملك أن الحزب الشعبي هو الحزب الذي يدافع عن وحدة إسبانيا وعلى سيادة مدريد على الثغرين المحتلين ويعارض تقسيم البلاد، قبيل محاول زعيم الحزب ذاته تشكيل الحكومة". ولفت المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، أن "تزامن لقاء إمبرودا مع ملك إسبانيا وتصريحاته في هذا الصدد مع استعداد زعيم الحزب الشعبي فييخو لتقديم عرضه أمام البرلمان لتشكيل الحكومة يؤكد أن الأمر يتعلق فقط بمناوشات سياسية بين اليمين واليسار". وسجل إلى أن "المغرب له حساباته وأجندته الخاصة فيما يتعلق بالمعابر الجمركية؛ وبالتالي فلا يمكن أن يرضخ لضغوط أية حكومة إسبانية كيفما كان لونها السياسي أو حتى لضغوط الاتحاد الأوروبي الذي بدأ يتحاشى الدخول في أية مواجهة أو حرب تجارية مع المغرب بخصوص مدينتي سبتة ومليلية، على اعتبار أنه لا يريد أن يخسر حليفا استراتيجيا بحجم الرباط". وخلص المتحدث ذاته إلى أن "الحزب الشعبي يحاول، من خلال رئيس مليلية، إحراج بيدرو سانشيز في هذه المرحلة التي تشغل فيها مدريد الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي؛ وبالتالي أن يوحي للأوروبيين بأن حكومة بلاده لا تدافع عن منطقة خاضعة للسيادة الإسبانية وتعتبر جزءا من السيادة الأوروبية". ركود اقتصادي من جهته، أورد عبد العالي الباروكي، أستاذ جامعي مختص في العلاقات المغربية الإسبانية، أن "تصريحات السياسي الشعبي خوان خوسيه إمبرودا تجد تفسيرا لها في الركود الاقتصادي الذي تعرفه مدينة مليلية بعد تعليق الحركة التجارية على الحدود"، مشيرا إلى أن "ما صرح به المسؤول الإسباني لا يعدو أن يكون محاولة لإثارة الانتباه إلى الوضع الاقتصادي بالمدينة وحلحلة وضعها الراهن". وأضاف الباروكي، في تصريح لهسبريس، أن "إمبرودا يبتغي، من وراء هذا حديثة المتكرر عن مليلية في علاقتها بالمغرب، تحقيق بعض المكاسب السياسية المتمثلة في إقناع الناخبين في هذه المدينة بأن رئيس الأخيرة يتحرك من أجل مصلحتهم والحفاظ على مكتسباتهم ويتواصل مع المسؤولين المركزيين وقيادة البلاد في هذا الصدد". وخلص الأستاذ الجامعي عينه إلى أن "إمبرودا إنما يحاول، من خلال الملك الإسباني، توجيه رسالة إلى رئيس الحكومة المركزية بيدرو سانشيز من أجل التحرك لمعالجة الإشكاليات الاقتصادية التي تعاني منها وتجاوز الركود الذي تعرفه".