تتواصل التحركات والتفاعلات من مختلف المتدخلين والمؤسسات الحكومية مع زلزال الحوز المدمر، إذ احتضنت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أمس الثلاثاء، اجتماع لجنة علمية بمقر مديرية الجيولوجيا، بصفتها المصلحة الوطنية للجيولوجيا، خلص إلى عدد من المقترحات المهمة. وأوصى اجتماع اللجنة العلمية الذي ترأسه مدير الجيولوجيا، محمد ابن الخديم، ب"مراجعة خريطة توزيع المناطق الزلزالية الخاصة بالقانون المتعلق بالبناء المضاد للزلازل، وإعداد خرائط دقيقة للمناطق التي تعرضت لتشوهات على السطح"، وذلك في ضوء الزلزال الذي ضرب البلاد. كما اقترح الاجتماع، الذي حصلت جريدة هسبريس الإلكترونية على خلاصاته، تعميق البحث عن "آثار واضحة لمختلف الصدوع من طرف خبراء جيولوجيين عبر الصور الجوية، وتحديد نوعية التحركات التي شهدتها أصناف الصدوع الثلاثة المشار إليها عبر القياسات البنيوية". وأكد الموعد ذاته على "ضرورة إدراج المعطيات الجيو علمية المتوفرة عند عمليات اتخاذ القرار في مختلف مراحل إعادة البناء بالمناطق المتضررة". وأوصت اللجنة بأخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار أثناء عملية اختيار مواقع محطات قياس الزلازل التي سيقوم بها المركز الوطني للبحث العلمي والتقني خلال مختلف مراحل إعادة البناء بالمناطق المتضررة. وشارك في الاجتماع الأول من نوعه بعد الهزة العنيفة عدد من الأساتذة والخبراء، قصد دراسة أسباب وآثار زلزال الحوز، حيث كشف تشخيصهم للتاريخ الجيولوجي للمنطقة أنها عرفت تعاقب العديد من الأحداث والظواهر الرسوبية والبنيوية. وتتميز المنطقة بتضاريس وعرة تلتقي فيها القمم الشاهقة التي يتعدى ارتفاعها 2500 م والأودية السحيقة، كما تتشكل بنيويا من ثلاثة أصناف من الصدوع؛ وهي صدوع الدرجة الأولى "محاذية شمال أطلسية وجنوب أطلسية، تحد سلسلة جبال الأطلس"؛ وصدوع الدرجة الثانية التي هي ب"وجهة" NE-SW كصدع تيزي نتاست وصدع إردوز، وصدوع الدرجة الثالثة بوجهتين E-W وWNW-ESE كصدع أغبار وصدع أوكدامت. وسجل الاجتماع استنادا إلى ما نشرته هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن الصدوع من الدرجة الأولى "قد تكون عرفت نشاطا مكثفا وبشكل عكسي، بينما تحركت صدوع الدرجة الثانية على شكل فوالق ذات اتجاه ميسري، وصدوع الدرجة الثالثة على شكل تراكب". وبالنظر إلى معطيات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني، سواء تلك المرتبطة ببؤرة الزلزال الرئيسي أو الهزات الارتدادية، يتبين أن "صدوع الدرجة الثالثة قد تكون المسبب الرئيسي لهذا النشاط الزلزالي". وأشارت المعطيات ذاتها إلى أن الامتداد الهام لهذه الصدوع ودرجة ميلانها الضعيفة يفسران "حجم القوة التي عرفها هذا الزلزال"، مردفة بأنه "من غير المستبعد أن تكون صدوع الدرجتين الأولى والثانية عرفت أيضا نشاطا موازيا، لكن بدرجة أقل". وأشار المصدر ذاته إلى أن وجود طبقة سميكة من الصخور تعود إلى العصر الكمبري الأوسط، والمعروفة تحت اسم "schistes à Paradoxides"، "قد تكون لعبت دورا مهما في التخفيف من قوة هذه الزلزال".