قبل ظهور الأنترنت كان الناس وللحصول على المعلومة يلجؤون إلى موسوعات معروفة ومشهود لها برصانتها مثل «بريطانيكا» و«أنكارتا» و«أونفرسالس»، والتي كان يتطلب الحصول عليها الذهاب إلى المكتبات الكبرى، أما اقتناؤها فهو من سابع المستحيلات، ويفرض توفر ثروة كبيرة، وفي حالة ما إذا استطعت الحصول على نسختك منها، فإنها في الحالة هذه تحتل كامل البيت لأجزائها الكثيرة وحجمها الكبير، إلى أن حلت القرصنة ودرب غلف المشكل، وصار قرص واحد لا يتجاوز ثمنه العشرة دراهم كفيلا بحل هذا الإشكال. الجديد في الموساعات المعرفية هو ظهور نموذج افتراضي مرتبط بالأنترنيت أطلق عليه اسم «ويكيبيديا»، يمكن لجميع الكائنات المبحرة في الشبكة العنكبوتية المساهمة فيها، وكتابة وتحرير التعريفات التي تشاء، دون كبير حرص على صحتها وعلميتها، على عكس الموسوعات المحترمة والتي تكلف أشخاصا مختصين في مجالاتها بإنجاز موادها. يمكن أن تجد في ويكيبيديا مادة عن شخص معجب بنفسه، ووجد فيها مكانا ملائما لكيل المديح لها، رغم أنه غير معروف ولا شيء يدعوه إلى أن يكون اسمه واردا بين الأعلام والمفاهيم والأحداث التاريخية، كما يمكن أن تعثر فيها على أخطاء ومغالطات بالجملة حسب هوى صاحبها. من آخر التعريفات التي دخلت إلى هذه الموسوعة الافتراضية في نسختها الأنجليزية مصطلح «خيش بيش» المغربي، والذي يقول محرره إنه «آخر المصطلحات الجديدة المستعملة لوصف مجموعة من الأشخاص المحبطين في المغرب»، وهناك جدل حول أصل الكلمة لأن هناك تشابها كبيرا مع عبارة «ليزانديبخيش»التي كانت مستعملة على نطاق واسع أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات والتي يعود أصلها إلى العبارة الفرنسية les indigènes. وانطلاقا من ذلك فالخيش بيش عبارة يراد بها وصف طبقة دنيا من ساكنة المغرب مابين 7 و24 سنة. هؤلاء الأشخاص عنيفون بطبيعتهم ويحبون الشغب، فبينما يختبىء، مثلا، عامة الناس في منازلهم أثناء مظاهرة ما، يخرج هؤلاء الأشخاص في وقت ذروة هذه المظاهرات ويقومون بأعمال شغب، متلفين الممتلكات العامة ومكسرين السيارات والحافلات، كما يطلق هذا الوصف أيضا على الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات الرخيصة والسامة كالسيليسيون والدوليو، وهناك عبارات أخرى لها علاقة بالموضوع ومرتبطة ب«خيش بيش» ك«بوزبال وشعب الزرواطة والهروي». ربما تكون لموسوعة ويكيبيديا بعض الفائدة، لأنه من المستحيل أن تجد تعريفا ل«خيش بيش» وغيره من التعبيرات الخارجة من قلب الشارع المغربي في «بريطانيكا» أو غيرها، لكونها تهتم أساسا بالثقافة العالمة ولا يهمها ما يروج عند بوزبال، وحتى إن اهتمت به، فإنها تقوم بذلك في علاقته مع المتغيرات والمصطلحات الجديدة في اللغة الإنجليزية ولا يمكنها أبدا أن تهتم بما يحدث في أحياء البيضاء وغيرها من المدن المغربية المهمشة. إن من إيجابيات هذه الموسوعة الإلكترونية أنها تمنح الفرصة للجميع من أجل المشاركة في تحرير موادها، لكنها من جهة أخرى يمكن أن تضلل عددا لا يحصى من القراء بمنحهم معلومات ليست صحيحة دائما، لذلك يجب الحذر منها والتأكد مما تقدمه من مواد، فقد تحولت في الآونة الأخيرة إلى وكالة جديدة يلجأ إليها الصحفيون لكتابة مقالاتهم، والأساتذة لإعداد دروسهم والطلبة لإنجاز الفروض التي أمروا بها، كما لو أنها تقدم لهم كلاما مقدسا، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حيث يمكن للمتصفح لنسختها العربية أن يجد شتما لشخصيات عمومية ومدحا لأخرى حسب مزاج صاحب النص وميولاته، إلا أن ميزتها الكبرى كونها جعلت بوزبال وخيش بيش يغزون العالم الأنغلوساكسوني في عقر داره، وكل الخوف أن يأتي وقت يقررون فيه القيام بأعمال شغب وتحطيم لغة شكسبير التي اقتحموها من بوابة الموسوعة الإلكترونية الحرة ويكيبيديا. عن المساء