يواصل أرباب ومهنيو النقل الطرقي بالمغرب إضرابهم عن العمل احتجاجا على جملة من البنود التي تضمنها مشروع قانون مدونة السير فيما تم الإعلان عن تأجيل مناقشة مدونة السير بمجلس المستشارين. "" ويعتبر تأجيل النظر في مدونة النقل، حسب النقابات المشاركة في الإضراب الوطني بمثابة انتصار أولي، في انتظار تعليق العمل بها، ومنح وقت أكبر للجهات المعنية لتعيد صياغة مدونة سير قريبة من الواقع المغربي. وأوضح المعطي بنقدور رئيس مجلس المستشارين وكريم غلاب وزير التجهيز والنقل في تصريح مشترك لهما، أن قرار التأجيل تم اتخاذه لتلقي الملاحظات ومقترحات مهنيي القطاع، مشيرين إلى أنه سيتم، بناء على ذلك، عقد اجتماعات على مستوى مديرية النقل الطرقي بالرباط ومختلف الولايات لتلقي هذه الاقتراحات وتجميعها. ويهدد أرباب ومهنيو النقل الطرقي المنضوين تحت عدة جمعيات ونقابات بإمكانية استمرار الإضراب الذي بدأ في السادس من أبريل من مدينة الدارالبيضاء ليشمل كل المدن المغربية ، ويطالب المضربون بالسحب الفوري للمدونة من الغرفة الثانية للبرلمان (مجلس المستشارين) وفتح نقاش جاد وحوار مسؤول حول هذا القانون الذي ولد أزمة حقيقية بين وزارة التجهيز والنقل وبين النقابات المعنية بهذا الشأن . أسباب وأسباب بوبكر البخاري سائق سيارة أجرة من الصنف الكبير بمدينة الرباط وعضو الفيدرالية الديمقراطية للشغل أوضح أن هناك أسبابا متعددة وراء قرار الإضراب أهمها " أن المدونة المعدلة من طرف مجلس النواب والمحالة على مجلس المستشارين جاءت بعيدا عن أي تشاور مسبق مع من يهمه الأمر ، وحوت عدة بنود وفصول تحمل السائق دون غيره من الجهات المسؤولية الكاملة فيما سيقع من حوادث دون تشخيص دقيق للأسباب الحقيقية وراء حرب الطرق في المغرب ، كما أنها تضمنت مجموعة من العقوبات الحبسية التي ترهب السائقين ومجموعة من الغرامات المالية التي لا تتناسب مع مستوى دخل مهني النقل ولا تخدم إلا مصالح المرتشين من رجال الأمن الوطني والدرك الملكي " . وتنص مدونة السير الجديدة على عقوبات مالية تتراوح بين 4000 درهم و10000 درهم وفي حالة تكرار المخالفة تتراوح العقوبة مابين 8000 درهم و20000درهم وهي عقوبات تبدو مرتفعة مقارنة مع ما يطبق حاليا . كما تنص على عقوبات حبسية تبدأ من شهر واحد لتصل إلى سنتين فما فوق في حالات الحوادث التي ينتج عنها جروح أوعاهات وكذلك في حالات السياقة مع السكر البين أو المشكوك فيه . وحسب المدونة فإنه سيمنح للسائق رصيد مسبق من النقط، ومع كل مخالفة سيحذف عدد معين من النقاط حسب نوعية المخالفة وخطورتها ، وإذا ترتب عن ارتكاب المخالفات فقدان مجموع النقط يفقد المخالف حق السياقة ولا يجوز له أن يسترد رصيده من النقاط إلا بعد انصرام أجل ستة أشهر شريطة أن يخضع لتكوين في ميدان السلامة الطرقية . حرب اتهامات في الوقت الذي يؤكد فيه أرباب ومهنيو النقل الطرقي بالمغرب على استمرار ونجاح إضرابهم ويطالبون بإيجاد حل لمشاكلهم القديمة والجديدة ، اختارت الحكومة المغربية نهج سياسة التقليل من حجم ونتائج الإضراب داعية المضربين إلى الجلوس على مائدة الحوار والعدول عن تحركاتهم الإحتجاجية مبرزة عدم وجود أي مبرر موضوعي لخوض الإضراب مادام " أن مشروع مدونة السير الذي قضى حتى اليوم أزيد من سنتين داخل البرلمان قبل تعديله والمصادقة عليه من طرف مجلس النواب ما زال في طور المناقشة حاليا داخل مجلس المستشارين " . من جهتها قالت النقابات الداعية إلى الإضراب المفتوح إنها لن تجلس للتفاوض سوى مع الوزير الأول عباس الفاسي وقال مصطفى الكيحل الكاتب العام للفيدرالية الوطنية للنقل أن " المهنيين فقدوا الثقة في وزير التجهيز والنقل لأنه لم ينفذ ما التزم به من وعود " . مواطن متضرر ومتخوف سياسة شد الحبل بين نقابات النقل الطرقي والحكومة زادت من معاناة المواطن الذي أمسى أكبر متضرر من هذا الإضراب ، فمابين مشقة البحث عن وسيلة للوصول إلى مقر عمله في الوقت المحدد لذلك وما بين ارتفاع الأسعار بشكل جنوني والتخوف من غلاء المعيشة مع ما يتبع ذلك من كساد اقتصادي في حال استمرار الإضراب يعيش المواطنون في حالة من الارتقاب والتوتر والانتظار خاصة بعد تعميم مسلسل الإضراب وانخراط مختلف أنواع النقل البري في حلقاته . ويأمل هؤلاء المواطنون أن يتوصل الجميع إلى حل يرضي كل الأطراف بعيدا عن ردود الأفعال التي لا تزيد الأوضاع إلا سوءا . هذه التخوفات سرعان ما أكدها لوسائل الإعلام حسن الهادي الكاتب العام لنقابة مهنيي وعمال سوق الجملة بمدينة الدارالبيضاء إذ صرح أن الإضراب أثر بشكل كبير على سوق الجملة بالدارالبيضاء العاصمة الاقتصادية للمغرب وقدر نسبة التأثير بين 80 و90 في المائة . كما أكدت مصادر من سوق الجملة بالدارالبيضاء أن الأسعار ستعرف ارتفاعا ملحوظا في الأيام القادمة نتيجة إضراب الشاحنات الثقيلة عن العمل . هل سيتدخل الملك أصبح النقاش حول مدونة السير بالمغرب يأخذ بعدا شعبيا بعد تشبت كل طرف من طرفي السجال بمواقفه وهو الأمر الذي سيستدعي حسب بعض المهتمين تدخلا ملكيا عاجلا يأخذ طابعا تحكيميا يشبه ما وقع في خطة إدماج المرأة في التنمية ويضع حدا لجدل تحول من قبة البرلمان إلى ملتقيات الطرق والشوارع .