قال محمد معزوز الباحث المغربي خلال مداخلته حول "الأحزاب السياسية بالمغرب والدولة": إن المشهد السياسي بالمغرب عرف "تحولا كبيرا بداية مع فترة الحماية وصولا إلى بناء الدولة الجديدة" حيث أصبحت الدولة "الفاعل السياسي الوحيد الذي يتحكم في مقاليد الأمور عبر رسم الاستراتيجيات وتنفيذ الخطط". وعرفت هذه الفترة، حسب المحاضر، انفراجا لمجموعة من الأوراش والإصلاحات، حيث أصبحت الدولة حاضرة بكل قوتها لمعالجة مجموعة من الملفات كالمجال الحقوقي وهيئة الإنصاف والمصالحة، في حين تحولت الأحزاب إلى آلة تتحرك في محيطها الضيق وتقاعست عن دورها المنوط بها لدى الجماهير بالرغم من كون آدائها السياسي تميز بالقوة إبان فترة ما بعد الحماية حيث كشفت عن وجودها الريادي في تحقيق مجموعة من المطالب السياسية كإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وتساءل معزوز خلال لقاء تواصل، نظمته الأمانة العامة المحلية لحزب الأصالة والمعاصرة بأصيلة مساء يوم السبت الماضي وبحضور عدد من المهتمين بالشأن السياسي والثقافي بالمدينة، عما إن كانت الدولة تتجدد أم مازالت تنطلق من مفهوم الدولة العميقة، وكذا عن المسافة الفاصلة بين الدولة والأحزاب أم أن هناك تداخلا واستمرارية، وهل هناك تفاوت أم تعادل في الأدوار التي يؤديها كل منهما، هذا بالإضافة إلى ميكانيزمات اشتغال الدولة. وفي هذا السياق خلص أستاذ الأنثربولوجيا السياسية إلى تقسيم مفهوم الدولة وعلاقتها بالأحزاب إلى مرحلتين، الأولى سماها ب"الدولة الدولتية"، وأهم مميزاتها استعمال الحزب كوسيلة للتحكم، بينما المرحلة الثانية من تطور هذه العلاقة فقد سماها ب"مرحلة الدولة الجديدة"، التي تميزت خلالها الأحزاب بتراجع مكانتها ووزنها في الحياة السياسية المغربية، يعكس ذلك بروز ظواهر من قبيل لجوء الدولة إلى خدمات التكنوقراط، وظهور ما يشير إليه بعض الباحثين بالدولة العميقة أو حكومة الظل، حيث نجد تشابه الأحزاب وضمور تمايزها الإيديولوجي والفكري. إن هذا المشهد الحزبي الذي يصفه عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة ب"الركاكة الحزبية" ستنتهي يوم بعودة الحزب في المغرب إلى "إنتاج مناضلين يحملون مشروعه الفكري ويعملون على تفعيله والدفاع عنه". وهذا يتطلب، حسب رأي المتحدث، عودة الأحزاب إلى التمايز إيديولوجيا بالتزامها بالوضوح الإيديولوجي والفكري، وبعودة السياسي إلى لعب دوره الحقيقي، والحفاظ على الاستقلالية الحزبية. "إن كل ذلك يتطلب جيلا ممانعا من المناضلين، يعملون على تفعيل مبادئ وقيم الديمقراطية، وتتطلب إرادة سياسية لدى النخب الحزبية لتحافظ على سيادة أحزابها وتحصينها بمشروع سياسي وفكري وإيديولوجي يعكس مقاربتها لقضايا المواطنين" يورد معزوز.