العمل المناخي ظاهرة عالمية. وللإنسان دور في الاحتباس الحراري. وتتحدد المعاناة بمستوى الدول والقارات والمناطق، وتتخذ ظواهر مطردة. والعالم يجتهد في إيجاد الحلول. والمستقبل أصعب وأشد على المستوى الحقوقي. إن التغيرات المناخية لها انعكاس على حياة الإنسان على مستوى البقاء والازدهار والنماء. ومن أجل التكيف لا بد من تغيير نمط العيش، خدمة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، والعدالة الترابية. إن التغير المناخي غير اعتيادي، لذلك وضعت منصة عالمية لمواجهته، بعدما جعل من الأمن الطاقي إشكالية عالمية. لكن الإشكال هو عدم الالتزام بتنفيذ التوصيات والقرارات إلا نادرا. وبذلك فالتغير المناخي خوف وهاجس وخطر مستقبلي. يبقى سؤال التغيرات المناخية ورهانات السياسات البيئية الدولية مطروحا، والتفكير في الحلول واجبا عالميا. لكن للأسف لا تحترم بنود اتفاق باريس إلا بنسب محتشمة. من خلال هذه التوطئة ماذا عن التغيرات المناخية بالقارة الإفريقية؟. إن تأثير التغيرات المناخية على التنمية هم قاري يشغل القارة بكل مكوناتها، وقد تم إدماجها في أجندة 2063، مع وضع خطة على المدى القريب إلى حدود 2032؛ والهدف هو تحقيق اقتصاد مندمج ومستدام. لقد أثر التغير المناخي على الإنتاج الزراعي، ما تسبب في إشكالات غذائية على مستوى الإنتاج والتسويق وسعر الأسعار والتصدير. والغريب في الأمر أن إفريقيا لم تساهم في تغير المناخ إلا بنسبة قليلة جدا، ورغم ذلك فهي الأكثر تضررا وأذى. والتقديرات حسب الدراسات أن إفريقيا تحتاج إلى أكثر من 3 تريليونات دولار بحلول عام 2030 من أجل حل انخفاض الانبعاثات الغازية رغم أنها الأقل عالميا من حيث المساهمة في الانبعاثات الكربونية، ومواجهة الانحباس الحراري والتكيف مع المناخ المتغير. انطلاقا من هذا وعدت الدول الغنية الدول النامية ب 100 مليار دولار سنويا منذ 2009. فهل سيتحقق هذا في أواخر 2023 كما أكدت على ذلك منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. إن إفريقيا ضحية التعقيدات التحويلية والتغيرات المناخية، نحو الأعاصير والفيضانات والكوارث البيئية. وانتشر الفقر الذي كان في الغالب السبب في التطرف والإرهاب. حيث ترتفع درجة الحرارة القارية ما بين 2 و4 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. إنها حدة التغير وارتفاع درجة الحرارة، ومنسوب مياه البحر، وظروف الجفاف والفيضانات. من خلال ما عرض نستحضر العناوين التالية: -إفريقيا الأقل مسؤولية والأكثر معاناة. -إفريقيا والتوازن الإنمائي والمناخي. -إفريقيا والمستقبل العالمي المستدام. -إفريقيا ومواطن القوة والضعف في العمل المناخي. -إفريقيا وإشكالية الطاقة. -إفريقيا والاقتصاد الأخضر. -إفريقيا والتفاوض العالمي حول عمل المناخ. من خلال هذه الوضعية المقلقة نؤكد على مزيد من: -التفاوض المستمر حول عمل المناخ. -اعتماد أطروحة العلاقة بين الأمن والتغيرات المناخية أثناء التفاوض والإقناع. -الترافع من أجل تمويل المشاريع المناخية. -الدفاع عن التراث في ظل التغيرات المناخية. -تشجيع البحث العلمي في المجال المناخي. -الاهتمام بالبحار والأودية والأنهار. -الاجتهاد في المجال الزراعي والغذائي. -اعتماد التعاون والتضامن بين مجموع الدول الإفريقية والدول الأخرى. -الاستثمار في البنيات التحتية لقضايا المناخ، خاصة المياه. بناء على هذا الجرد نتساءل عن الإجراءات المتخذة من قبل المغرب، البلد الإفريقي الواقع بموقع إستراتيجي بشمال إفريقيا؟. اهتم المغرب بالمتغيرات المناخية تحت الرئاسة الفعلية لجلالة الملك، الذي يدعو في توجيهاته السامية إلى أن مواجهة التغير المناخي والتكيف معه حتمية، وإلى أن الرغبة المشتركة في تعزيز التضامن بين الأجيال ضرورة أخلاقية وواجب إنساني. وقد وضعت إستراتيجيات في هذا المجال هادفة إلى تحقيق الأمن الغذائي، والمائي والبيئي. ويعتبر المغرب اليوم رائدا في مجال الطاقات المتجددة. لقد وضع المغرب خطة في أفق 2030 تهدف إلى تنمية منخفضة الكربون، ومقاومة التغير المناخي؛ لكن هناك صعوبات تعيق مضامين المخطط، أهمها الاعتماد على الموارد الطبيعية بشكل أساسي. وفي هذا الإطار هناك ضرورة ملحة لتقويم مسارات المخطط الأخضر حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، والنظر في الصادرات، وعدم التوازن بين الاستهلاك الداخلي والتسويق الخارجي. إن المطلوب اليوم أخذ الأمور بجدية، ومواجهة التغيرات المناخية بناء على معطيات خصوصية المناخ المغربي، وتأثيره على مناحي الحياة، والاهتمام بالتنمية المستدامة والمندمجة والدائمة، والنشاط الفلاحي، وتكييف المخطط الأخضر مع التحولات المناخية حتى نضمن التوازن الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والترافع من أجل الحصول على الدعم المالي من الدول التي وعدت إفريقيا بالتعاون من أجل التخلص من الانبعاثات الكربونية، والتنسيق المحكم بين كل الأطراف العامة والخاصة. إن التعاون مع الآخر في الموضوع التزام قانوني وأخلاقي وإنساني؛ وهذا ما يتطلب رؤى استباقية، خاصة في مجال مواجهة الإجهاد المائي. إن التغيرات المناخية والأزمات المتنوعة تتطلب منا الاجتهاد للتكيف والتأقلم من أجل مواجهة الهشاشة الناتجة عن التغيرات المناخية، مستعينين بالبعد الرقمي، وتوفير السيولة المالية، وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع. إن الدراسات تثبت أن المغرب معرض لتداعيات وخيمة ناتجة عن التغير المناخي، خاصة على المستوى المائي، حيث تراجعت التساقطات بنسبة تجاوزت 36 في المائة. إذن كيف يهيئ المغرب أمنه المائي؟ كيف يؤسس لبنية تحتية للسياسات العمومية والخصوصية من أجل العمل المناخي على رأسها التداعيات الصحية؟.