استيقظ سكان العاصمة السودانية، الأربعاء، على تجدد القصف المدفعي والمعارك مع انتهاء هدنة بين الجيش وقوات الدعم السريع امتدت ثلاثة أيام، فيما شهدت ولاية جنوب كردفان أعمال عنف كثيفة منذ الصباح الباكر. وأفاد شهود عيان وكالة فرانس برس، الأربعاء، بأنه مع انتهاء الهدنة شهدت منطقة شمال أم درمان (شمال غرب العاصمة) "قصفا مدفعيا"، فيما حلقت فوقها طائرات مقاتلة. وفي جنوبأم درمان، أفاد آخرون بوقوع اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة على مقربة من سلاح المهندسين. وجنوب البلاد، في ولاية جنوب كردفان بمدينة الدلنج، قال أحد السكان لفرانس برس: "منذ الثالثة صباحا نسمع أصوات انفجارات وإطلاق نار كثيفا وقذائف تسقط داخل الأحياء السكنية". وشب حريق مساء الثلاثاء في مقر الاستخبارات بالعاصمة في اليوم الأخير من هدنة مدتها 72 ساعة انتهت الأربعاء في السادسة صباحًا (04,00 ت غ). وأشار مصدر في الجيش، في تصريح لفرانس برس، إلى أن قوات الدعم السريع "قصفت المبنى"، في خرق للهدنة. ورد مصدر في قوات الدعم السريع قائلا إن "مسيّرة تابعة للجيش قصفت المبنى حيث تجمّعت عناصر في قوات الدعم السريع"، وأشار إلى أن القصف "أدى إلى حريق ودمار جزئي في مقر الاستخبارات". أوقعت المعارك الدائرة بين الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتّاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو أكثر من ألفي قتيل، وفقاً لتقديرات يرى خبراء أنّها أقلّ بكثير من الواقع. جثث في الشوارع وفي الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور غربي البلاد، والمدينة الأكثر تضرراً من الحرب، تمتلئ الشوارع المهجورة بالجثث، فيما تعرضت المتاجر للنهب. وحذّرت الأمم المتّحدة والاتّحاد الإفريقي ومنظمة إيغاد من أنّ النزاع "اكتسب الآن بُعداً عرقيا"، وتحدّثت عن احتمال وقوع "جرائم ضدّ الإنسانية" في دارفور. ومنذ أيّام يفرّ سكّان الجنينة سيراً على القدمين في طوابير طويلة، حاملين معهم ما تيسّر، على أمل الوصول إلى تشاد الواقعة على بُعد 20 كيلومتراً إلى الغرب. ويقول هؤلاء الفارّون من أتون المعارك إنّهم يتعرّضون لإطلاق نار ويتمّ تفتيشهم مرّات عدّة على الطريق. وبحسب منظمة "أطباء بلا حدود" فإنّ "15 ألف سوداني، من بينهم قرابة 900 جريح، فرّوا إلى مدينة آدريه في تشاد التي استقبلت أكثر من 150 ألف لاجئ حتى الآن، تحت وابل من النيران التي يطلقها الجيش وقوات الدعم السريع ومقاتلون قبليون ومدنيّون مسلّحون". أكثر من 2,5 مليون لاجئ ونازح وفي مختلف أنحاء السودان، بلغ عدد النازحين "مليوني شخص"، وفقاً للمفوضية العليا للاجئين، كما أحصت المنظمة الدولية للهجرة "550 ألف شخص فرّوا إلى الدول المجاورة". وكان المجتمع الدولي تعهّد خلال اجتماع عقد في جنيف الإثنين بتقديم 1،5 مليار دولار من المساعدات، وهو نصف ما تحتاجه المنظمات الإنسانية وفقاً لتقديراتها الميدانية. ويعتمد 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكّان السودان، على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة في بلد يغرق في الدمار والعنف بسرعة "غير مسبوقة"، وفق تعبير الأمم المتّحدة. وحذّر مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إدي راو، الثلاثاء من أنّ "الاحتياجات الإنسانية بلغت مستويات قياسية في وقت لا تبدو أيّ مؤشّرات على نهاية للنزاع". وتأخر وصول المساعدات إلى السودان. وفي بداية الحرب، قالت المنظمات الإنسانية إنّها لم تحصل سوى على 15% من الأموال اللازمة لعملياتها.